■ كتب: محمد ياسين خمسون عاما تمر على إعادة افتتاح قناة السويس أمام الملاحة العالمية بعد أن تم غلقها بسبب العدوان الإسرائيلي على سيناء فى 5 يونيو 1967 ليتكبد الاقتصاد العالمى وقتها خسائر مادية كبيرة قدرت ب7 مليارات دولار بقيمة السبعينيات، وبعد انتصار مصر فى حرب السادس من أكتوبر نجحت فى تطهير القناة من الألغام وإعادة افتتاحها أمام الملاحة العالمية فى 5 يونيو 1975 ليكون يوم فرحة للشعب المصرى حيث قال الرئيس السادات فى حفل الافتتاح: «إن ابن هذه الأرض الطيبة الذى شق القناة بعرقه ودموعه، همزة للوصل بين القارات والحضارات، وعبرها بأرواح شهدائه الأبرار لينشر السلام والأمان على ضفافها، يُعيد فتحها اليوم للملاحة من جديد، رافدًا للسلام وشريانا للازدهار والتعاون بين البشر». مهما مر على مصر من أزمات ستظل قناة السويس أهم ممر تجارى عالمى لا بديل له حيث يسعى الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، دائما لتطوير القناة من خلال إعلانه عن خطة جديدة داخل قناة السويس بسبب أحداث البحر الأحمر، حيث أعلن عن إجراءات متنوعة بهدف جذب المزيد من السفن واستعادة المستويات الطبيعية للملاحة بحلول نهاية 2025، وتأتى هذه الخطوة فى إطار استراتيجية لتعزيز تنافسية القناة مقارنة بمسارات بديلة مثل طريق رأس الرجاء الصالح. ◄ توجيهات رئاسية وكشف عن وجود توجيهات من الرئيس السيسى تتمثل فى الجاهزية والاستعداد لتحسن الأمور واستمرار التطوير فى المجرى الملاحى والأسطول، مؤكدا أن جميع احتياجات القناة تُصنع محليًا دون تكلفة الدولة دولارًا واحدًا. وأوضح أن الهيئة حققت اكتفاءً ذاتيًا فى تصنيع معداتها وقطع غيارها داخل مصر، مما وفر ملايين الدولارات ونفذت مشروعات تنموية كبرى، مثل محطة مياه الإسماعيلية، التى ستسهم فى تحسين البنية التحتية وخدمة المجتمع المحلى. ونفى ربيع بشكل قاطع الشائعات حول تأجير القناة أو التعاقد مع شركات أجنبية لإدارتها، مؤكدًا أن القناة تدار بكفاءة مصرية خالصة بدعم مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسى، مشيدا بدور القيادة السياسية فى توفير الموارد اللازمة. ◄ فرج: أهم الممرات الملاحية عالميا وأحد أبرز روافد الدخل القومي أكد اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجى والعسكرى، أن قناة السويس تُعد من أهم الممرات الملاحية على مستوى العالم، وتُمثل أحد أبرز روافد الدخل القومى المصرى، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية تولى هذا الشريان الحيوى أهمية كبرى من خلال خطة طموحا لتطوير الموانئ وتحويلها إلى شبكة لوجستية متكاملة، إلى جانب مواصلة جهود تحديث وتوسعة قناة السويس. ويقول فرج، إن مصر تواجه تهديدات متعددة لأول مرة فى تاريخها الحديث، لافتًا إلى وجود اضطرابات وصراعات محيطة بها من أربع جهات من الجنوب بما تشهده السودان من تطورات، ومن الغرب باستمرار الأزمة فى ليبيا، ومن الشرق بالتوترات فى الأراضى الفلسطينية، من الجنوب الشرقى بالأوضاع فى اليمن، مشيرا إلى أن هذه التحديات تلقى بظلالها على أمن قناة السويس وتؤثر بشكل مباشر على الملاحة العالمية. ◄ حرب اقتصادية وحذر اللواء فرج من أن العالم يشهد الآن نوعًا جديدًا من الحروب تقوده الإدارة الأمريكية الحالية، وهى «حرب اقتصادية وتجارية» تهدف إلى فرض الهيمنة بالضغط والحصار، مستشهدًا بما تواجهه الصين، والتى تُعد أبرز منافسى الولاياتالمتحدة على الساحة الاقتصادية الدولية. كما أن الصين تعكف حاليًا على إحياء مشروع «طريق الحرير» القديم، وهو المشروع العملاق الذى يعتمد بشكل أساسى على قناة السويس كحلقة وصل رئيسية فى حركة التجارة بين الشرق والغرب، مما يعزز من الأهمية الاستراتيجية للممر الملاحى المصرى. وأشار فرج إلى الحديث عن محاولات الكيان الصهيونى لإنشاء «قناة بن جوريون» كممر بديل لقناة السويس، مؤكدًا أن هذه المحاولات باءت بالفشل نتيجة نجاح مصر فى تنفيذ مشروع التوسعة الشامل للقناة وتطوير بنيتها التحتية بما يعزز من قدرتها التنافسية عالميًا. اللواء بحرى حسين الهرميل، يقول: تعتبر قناة السويس بؤرة إيجابية للعالم فى خدمة التجارة العالمية وربط الشرق بالغرب، وإنه يتوجه بالشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى والقيادة السياسية ولرجال هيئة قناة السويس والشعب المصرى وجميع الجهات التى شاركت فى إنجاز هذا العمل العظيم من حفر للقناة الجديدة التى قللت المخاطر البحرية فى القناة بنسبة 50% من خلال العمل فى ازدواج 37 كيلومترا من إجمالى 160 كيلو مترا فى مدة عام واحد الذى كان مخططا إنجازه فى ثلاث سنوات. ◄ مشروعات عملاقة وأضاف الهرميل أن مصر دولة بحرية وموقعها الجغرافى يتحكم فى 14% من حركة التجارة المنقولة بحراً للعالم شرقاً وغرباً، بالإضافة لحرص مصر على التعاون مع جميع الدول فى نقل تجارتها بسلام وأمان وأضاف أن القناة قدمت التسهيلات والتخفيضات، وأطقمًا من المرشدين البحريين الذين يصعدون على متون السفن لتسييرها بل فى ظل الأحداث الجارية من حروب وصراعات تعج بها المنطقة سواء من حرب جيش الاحتلال على فلسطين وأزمة الحوثيين فى الجنوب لم تتوقف حركة السفن والتجارة العالمية فى القناة، وإنما استغلت مصر هذه الأحداث فى توسيع طريق الملاحة بها فى المنطقة الجنوبية، وهى عملية شديدة الحساسية حيث يقوم رجال القناة بهذه التوسعات فى ظل حركة السفن، حيث يتم تشغيل القناة فى ظل الظروف الصعبة نتيجة للصراعات الإقليمية التى تمر بها المنطقة. ويقول الهرميل إن الصين والهند وروسيا بدأت مشروعات اقتصادية عملاقة حول قناة السويس، مما يحول المنطقة لمركز تجارى عالمى يخدم التجارة العالمية ويساعد فى خفض تكلفة البضاعة ووصولها للمستهلك بقيمة أقل ويساعد على تواصل سلاسل الإمداد العالمية. ◄ اقرأ أيضًا | قاهرة الصعوبات خبراء استراتيجيون: التحديات كبيرة والقناة تمضى فى التطوير والتوسع ◄ ربيع: تدار بكفاءات مصرية خالصة بدعم مباشر من الرئيس السيسي كما أن هيئة قناة السويس برئاسة الفريق أسامة ربيع تهتم بالعنصر البشرى فتقوم برفع كفاءة المرشدين بالقناة من خلال إرفاق أكثر من مرشد على متن السفن العابرة للقناة وذلك لإكسابهم الخبرات اللازمة. ◄ أهم الممرات المائية ويقول أبوبكر الديب مستشار المركز العربى للدراسات الباحث فى العلاقات الدولية والاقتصاد السياسى إن قناة السويس تعد من أهم الممرات المائية فى العالم، إذ تمثل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية يربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، مما يسهم فى اختصار مسافة الرحلات البحرية بين أوروبا وآسيا ويخفض من تكلفة وزمن النقل. ومنذ افتتاحها عام 1869، أصبحت القناة مصدرًا رئيسيًا للدخل القومى المصرى، حيث تدر على الدولة مليارات الدولارات سنويًا من رسوم عبور السفن، ما يجعلها من أبرز مصادر العملة الأجنبية. كما تساهم القناة فى تعزيز مكانة مصر الاقتصادية والاستراتيجية، نظرًا لموقعها الجغرافى الفريد الذى يمنحها دورًا مؤثرًا فى حركة الملاحة الدولية والعلاقات السياسية. وقد أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا بتطوير القناة، وكان أبرز ذلك مشروع قناة السويس الجديدة عام 2015، الذى ساعد على زيادة قدرة القناة الاستيعابية وتقليل وقت انتظار السفن. إلى جانب ذلك، تسهم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى جذب الاستثمارات وإنشاء مشروعات صناعية وتجارية تدعم الاقتصاد الوطنى وتوفر فرص عمل. وبذلك تظل قناة السويس من أهم الأصول الاستراتيجية لمصر ودعامة أساسية للتنمية الشاملة والمستدامة فى البلاد. ◄ مركز صناعي ولوجستي والممر الملاحى الجديد أسهم فى زيادة عائد قناة السويس ومتوقع ارتفاع العائد بنسبة 259% عام 2030 كما تم تحويل محور قناة السويس إلى مركز صناعى ولوجستى عالمى لإمداد وتموين النقل والتجارة وتطوير 6 موانئ ضمن مشروع تنمية محور القناة، مؤكدا اهتمام الدولة والقيادة السياسية الرئيس عبدالفتاح السيسى بمنطقة قناة السويس وما تشمله من موانئ ومناطق صناعية والتى تعد إحدى أذرع الدولة المصرية لتحقيق التنمية وهى منطقة واعدة للتنمية فى مصر كما أنه واحد من المشروعات القومية العملاقة. وبلغ إجمالى إيرادات قناة السويس منذ افتتاحها فى 17 نوفمبر 1869 وحتى نهاية عام 2024 نحو 188 مليار دولار وتعد القناة مصدرا رئيسيا للعملة الأجنبية لمصر، حيث ساهمت بشكل كبير فى دعم الاقتصاد الوطنى على مدار عمرها، وفى السنوات الأخيرة شهدت إيرادات القناة نموا ملحوظا حيث حققت خلال الفترة من 2019 إلى 2024 إيرادات بلغت 39.919 مليار دولار أمريكى رغم التحديات الإقليمية التى أثرت على حركة الملاحة فى عام 2024، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات إلى 3.991 مليار دولار مقارنة ب 10.25 مليار دولار فى عام 2023