ماذا لو حدث السيناريو الأسوأ ونجح الاحتلال فى تهجير مليون فلسطينى من غزة غير آبه بالضغط الدولى والمصرى؟ وهل ضاع القدس والمسجد الأقصى الذى باركنا حوله.. وبيت لحم ومغارة العذراء ورضيعها المسيح عيسى ابن مريم.. ومعها مسجد الصخرة وقبور الأنبياء والرسل وحائط البراق وكنيسة المهد والقيامة.. هل أصبحت كلها أرضا إسرائيلية يمرح فيها المستوطنون بغير حساب ويتباهون كل يوم باقتحام المقدسات ونتنياهو يظهر متباهيا لأول مرة فى نفق عملاق أسفل المسجد الأقصى يبشر بتوسع البحث عن الهيكل المزعوم..من حقنا أن نتساءل: هل ضاعت دماء شهداء مصر فى حروبنا الأربعة فى 1948 و1956 و1967 و1973 هباء منثورا..؟..الواقع المرير يقول إن القضية الفلسطينية تواجه أخطر تحدياتها اليوم. فبعد أكثر من سبعة عقود من النكبة، تزداد سياسة التهويد والاستيطان شراسة، وتتقلص فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود ذات معنى..قد تعترف دول أوروبية بفلسطين لكن على أى أرض تقوم.. الاحتلال نشر المستوطنات كالسرطان ويعمل جاهدًا على طمس الهوية الفلسطينية، وتشريد الشعب، وتحويل القدس إلى مدينة يهودية..الدلالات كلها محبطة تدعو إلى اليأس.. لكن الحقيقة أن المعركة لم تنته بانتصار بنى صهيون.. وحتى لو حدث السيناريو الأسوأ ونجح الاحتلال فى تهجير مليون فلسطينى من غزة غير آبه بالضغط الدولى والتحذيرات المصرية فالنتيجة ليست فى صالحهم كما يؤكد العميد أودى ديكل، الباحث الكبير فى «معهد أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلي، حيث طرح هذا التساؤل بمناسبة مرور 600 يوم على الحرب بغزة.. الباحث الكبير يقول: لنفترض أننا نجحنا فى تهجير مليون فلسطينى من غزة، فماذا ستكون النتيجة؟..سوف نغرق فى وحل غزة كمحتلين، وسنضطر إلى إطعام مَن يتبقى فى القطاع. والفلسطينيون سيكرهوننا أكثر وسيتحولون إلى خلايا منفردة تنشغل فى اصطيادنا، تقولون مَن أين سيحصلون على الأسلحة؟ وأقول: كما فعلوا دائماً من إسرائيل»...ويرى ديكل أن «معظم الأسلحة فى حوزتهم (الفلسطينيون) إسرائيلية، ولديهم خبرة فى صنع أسلحة أخرى» ويستشهد: «الآن الآن، وهم مطاردون وقيادتهم ممزقة، يصنعون الصواريخ والعبوات». ويضيف أنها 600 يوم دامية، فتاكة، لكنها لا تحقق شيئاً يستحق الثمن الباهظ الذى دفع فيها. والقيادة السياسية التى تدير هذه الحرب فاشلة». إن أكثر ما يثير جنون الإعلام فى تل أبيب هو كيف لمقاتلين يرتدون «الشباشب» _هكذا يقولون_ فى الاستمرار فى مواجهة الجيش الإسرائيلى الأكثر تطورا فى العالم بل ويتفوقون عليهه وأشاروا إلى أنه لا توجد حرب حقيقية فى غزة بالمعنى المعروف للحرب فكل ما يحدث هو غارات جوية وبحرية وبرية من بعيد وتنفيذ اغتيالات جماعية، ولا يصطدم الجيش الإسرائيلى بمواجهة جدية وهو دليل على الفشل..تلك الكلمات توكد أن القضية الفلسطينية لم تنتهِ، لكنها فى مفترق طرق صعب..فلسطين تمر بظروف وحشية لكنها لم تضع أو تُسلب بعد من وجدان ملايين المؤمنين بعدالتها. فلسطين اليوم كطائر الفينيق الأسطورى ..فى الحكايات اليونانية، كان الفينيق يحترق كل بضعة قرون ليعود إلى الحياة من جديد، أكثر بهاءً وقوة، وكأن الموت ليس سوى محطة للانبعاث. وهكذا فلسطين، التى تواجه اليوم أعتى محاولات الإبادة، تثبت أن الزوال ليس مصيرا لقضيتها، وأن القهر لا يكتب نهاية الشعوب. رحيق الشعر: كتب شاعر فلسطين محمود درويش يقول : قد ينتصر الأعداء على غزة ..قد يكسرون عظامها..قد يزرعون الدبابات فى أحشاء أطفالها ونسائها وقد يرمونها فى البحر أو الرمل أو الدم ولكنها..لن تكرر الأكاذيب ولن تقول للغزاة: نعم..ستستمر فى الانفجار ..لا هو موت ولا هو انتحار، ولكنه أسلوب غزة فى إعلان جدارتها بالحياة آه يا جرحى المكابر وطنى ليس حقيبهْ وأنا لست مسافر إننى العاشق، والأرض حبيبهْ