بمنطق رجل الأعمال الذى يدير به ترامب كل سياساته ويحولها لصفقات قابلة للمساومة، خيّر الرئيس الأمريكى كندا بين المساهمة ب61 مليار دولار فى مشروع منظومة «القبة الذهبية» للدفاع الصاروخى التى ينتوى إنشاءها، وبين الاستمتاع بحماية المنظومة مجانًا إذا ما قبلت التحول إلى الولاية الأمريكية ال51. وتهدف «قبة ترامب الذهبية» المستوحاة من القبة الحديدية الإسرائيلية لحماية أمريكا من الهجمات الصاروخية التى تطلق من أى جهة بالعالم، حتى الفضاء. كما ستُواجه تهديدات صواريخ الكروز، والصواريخ الأسرع من الصوت التى تخترق حافة الفضاء، وأنظمة القصف المدارى التى يُمكن إطلاقها والانزلاق عبر جزء من مدار حول الأرض ثم الهجوم من أى اتجاه. ويريد ترامب إنجاز هذا المشروع الذى يقول إن تكلفته لن تتجاوز 175 مليار دولار قبل نهاية ولايته. لكن تقارير عدة وصفت الجدول الزمنى وميزانية ترامب بالطموحين، حيث ستتراوح التكلفة الإجمالية للمشروع من 161 إلى 542 مليار دولار على عقدين. بالإضافة لذلك ترى العالمة الفيزيائية لورا جريجو، أن هذا النظام المدارى سيكون معقدًا وعرضة للاختراق، حيث يُمكن هزيمته بتجميع عمليات الإطلاق لإغراق النظام، أو بمهاجمة الأقمار الصناعية نفسها. الأكثر إثارة ما أكدته بعض التقارير التى قالت إن واشنطن لا يمكنها إقامة درع صاروخى فوق القارة بدون كندا، حيث يوفر المجال الجوى الكندى خط رؤية حاسمًا لأجهزة الاستشعار الأمريكية لإسقاط الصواريخ التى تُطوّرها بكين وموسكو لتحلّق فوق القطب الشمالى والتى تُشكّل ثغرة هائلة بالدفاعات الجوية الأمريكية. وتلعب كندا دورًا مهمًا فى الدفاع الجوى لأمريكا، حيث تتبادل رادارات الدولتين المعلومات، وتقوم مقاتلاتهما بدوريات فى القطب الشمالى. كذلك تمول أوتاوا حوالى 40٪ من استثمارات قيادة الدفاع الجوى لأمريكا الشمالية «NORAD»، وتُخصّص 38 مليار دولار لإضافة رادارات جديدة فى الشمال على مدى عقدين. وبدون هذه الاستثمارات وأجهزة استشعار إضافية قادرة على رصد القطب الشمالى ستواجه أمريكا صعوبة فى بناء دفاع جوى موثوق. بالتالى، وعلى عكس تفكير ترامب تمنح القبة الذهبية كندا نفوذاً جديداً فى العلاقة الهشة بين البلدين.