تقف وسائل التواصل الاجتماعي وراء نسبة كبيرة من الجرائم والحوادث بشكل يصعب حصره او إحصائه نظرًا لتنوع دور منصات السوشيال ميديا ما بين أداة لإشعال الفتن ووسيلة تقود نحو أزمة أو حادث خطير لم يتوقع أحد تداعياته، وأحيانا يتزايد دورها لتصبح المحرض الرئيسي الذي يقود مجرم نحو ارتكاب جريمته، وقد تكون تلك التطبيقات سببًا يدفع شخص لارتكاب جريمة يتربح من ورائها، هكذا تتبدل وتتغير الادوار لتشير إلى أن هناك خطرًا يكمن وراء السوشيال ميديا ويقود نحو جرائم تحظى باهتمام الرأى العام في كافة أنحاء العالم. «إذا لم تكن مُراقبًا جيدًا لوسائل التواصل الاجتماعي، فسوف تتعجب من وقوع شجار مفاجئ في وسط المدينة يضم عشرات الشباب»، هكذا عبر موقع «اتلانتك» الأمريكي في مقال بعنوان «تطبيقات القتل» عن مسئولية المنصات الإلكترونية عن الفوضى التي تقود نحو نشوب حالات شجار جماعي على ارض الواقع أو ارتكاب جرائم قتل مفاجئة لا يعلم احد سببها الحقيقي، وسرد المقال عددًا من الجرائم التي فاجأت الجميع بتفاصيلها وملابساتها ومنها مقتل الشابين الأمريكيين جاريل جاكسون، وشاهجهان مكاسكيل وهما في سيارة؛ حيث اشارت التحقيقات إلى اقتراب سيارة اخرى منهما واطلق من بداخلها 24 رصاصة تسببت في قتلهما في الحال وهما بجوار منزل احدهما. شجار إلكتروني اعتقد الجميع أن الحادث غامض وظل اهالى الشابين يتساءلون عن سبب الحادث؛ ليكتشف المحققون أن السبب شجار على مواقع التواصل الاجتماعي بين شباب لم يلتقوا من قبل، يشير كاتب المقال أليك ماكجيليسالى دراسات اكدت مسئولية وسائل التواصل الاجتماعي عن تفاقم الجريمة وارتفاع معدلات حوادث القتل في أمريكا ليؤكد؛ أن الامن يفشل طوال الوقت في توقع العنف وبعد وقوع الجرائم يلجأ المحققون إلى صفحات التواصل الاجتماعي لجمع الادلة، وتمت إدانة ثلاث شباب في جريمة قتل جاريل ومكاكسيل حيث أدانتهم منشوراتهم على انستجرام ونشروا مقاطع فيديو وهم يقودون سيارة سوداء ويحملون اسلحة استخدمت في الحادث، والغريب في الامر أن المحكمة أدانت متهمًا واحدًا فقط في جريمة القتل وأطلقت سراح متهمين لانهما قاصرين عمرهما 16 و17 عاما وهو الحكم الذي ترك اهالي المتهمين في حالة ذهول يؤكدون انه حادثًا عنصريًا يستهدف شباب السود دون عدالة على حد وصفهم، واشار احد المحققون وقتها أن وسائل التواصل الإلكتروني لم تعد وسائل افتراضية طوال الوقت. حالات انتحار كشفت التحقيقات الفيدرالية ايضا عن احدث عصابات الجريمة واستغلال المنصات المفضلة لدى الشباب مثل تيك توك وانستجرام والتي أسهمت بشكل ضخم في اتمام كم هائل من الجرائم ومنها الجرائم التي ارتكبتها شبكة عصابات نيجيرية في كافة انحاء الولاياتالأمريكية التي استهدفت المراهقين ممن وقعوا ضحية عمليات ابتزاز وامتد نشاطها خارج امريكا لعدة دول أوروبية، وتتحمل تلك العصابة مسئولية ما لا يقل عن 46 حالة انتحار بين المراهقين على مدار اربعة اعوام ماضية ومن بينها قضية ريان لاست، 17 عامًا، الذي تعرض لابتزاز غير اخلاقي عبر إنستجرام؛ حيث استدرج لإرسال صور خاصة، ثم تهديده بنشرها ما لم يدفع مبلغا ماليا لينتهي الامر بانتحاره مما أدى إلى فتح تحقيقات فيدرالية واعتقال بعض المتهمين، وكذلك انتحرت الامريكية آنا شوت، 17 عامًا، بعد تعرضها للتهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى تدهور حالتها النفسية. جرائم قتل لعنات ونهايات صادمة تصيب مشاهير أو انفلونسرز لتتصدر صورهم عناوين الصحف، منذ ايام قليلة لقيت ناشطة تيك توك مكسيكية تدعى فاليريا ماركيز، 23 عاما، مصرعها بإطلاق الرصاص عليها أثناء بثها المباشر عبر تطبيق تيك توك في صالون تجميل في خاليسكو بالمكسيك، توقف رجلان على متن دراجة نارية دخل أحدهما الصالون مرتديا كمامة، باحثا عن فاليريا وحين التفتت اليه اطلق عليها النار ثم لاذ بالفرار على الدراجة البخارية، وفقًا لمكتب المدعي العام بالولاية، وسرعان ما تم حذف حساب فاليريا على تيك توك، لكن مقطع فيديو عملية القتل انتشر على الإنترنت بشكل هائل، ويمثل مقتل فاليريا تجسيدًا لارتفاع معدلات العنف ضد المرأة وكذلك نهاية صادمة لانفلونسر ظلت تجذب المشاهدات والتفاعلات طوال الوقت. اعلن مكتب المدعي العام مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة والتدقيق في حسابات الضحية على مواقع التواصل الاجتماعي بحثًا عن أدلة تُشير إلى هوية المهاجمين، واشار إلى التحقيق في الجريمة باعتبارها نوع من العنف القائم ضد النساء، ولا تزال المكسيك لديها واحدة من أعلى معدلات قتل النساء في العالم بالرغم من اقرار عدد من القوانين المحلية والفيدرالية في السنوات الأخيرة لمكافحة العنف حيث يتم قتل حوالي 10 أو 11 امرأة كل يوم. قتل أخرى ضحية أخرى من امريكا تدعى مينيليس رودريجيز، 25 عامًا، وواحدة من نشطاء تطبيق تيك توك، مهتمة باللياقة البدنية ولديها آلاف المتابعين، اختفت تماما اثناء خروجها في رحلة تسوق ليعثر على جثتها بعد اسبوع بالقرب من وول مارت في جورجيا، واعتقل المتهم ريفيرا سانشيز، 25 عاما، بتهمة الاختطاف والقتل، وتشير التحقيقات إلى محاولته التواصل معها عبر منصاتها إلا انها لم ترد عليه على الاطلاق فقرر الانتقام منها. عنف أسري حالات العنف الاسري ترصدها ايضا صفحات التواصل الاجتماعي ومنها مقاطع فيديو تم تداولها لمشادات عنيفة بين عارضة الأزياء الأمريكية كورتني كليني وزوجها كريستيان أوبومسيلي وبالفعل توالت التعليقات التي زادت من حدة الخلافات بينهما؛ لينتهي الامر بطعن كورتني كريستيان حتى الموت في شقتهما الفاخرة في ميامي بعد اتهامها له بالخيانة وهو نفس محتوى الفيديوهات التي تنشرها وهى تهاجمه باستمرار امام متابعيها، ومر عامين على الحادث ومازالت كليني محتجزة في السجن في انتظار المحاكمة، واكد المحققون أن الشجار وقع أثناء قيام الزوجين برحلة تتضمن جلسات تصوير للدعاية لاحد العلامات التجارية عبر الإنترنت، ولجأ المحققون للعديد من الفيديوهات التي تمثل ادلة على وجود عنف اسري وعلاقة عنيفة قبل القتل حيث تزعم المتهمة أنها كانت في حالة دفاع عن النفس. في شيكاغو، لقيت الزوجة سانيا خان، 29 عاما، مصرعها على يد زوجها السابق بسبب مشاركتها تجربة الطلاق عبر تيك توك، وسلطت الجريمة الضوء على مخاطر مشاركة التفاصيل الشخصية عبر الإنترنت والذي دفع الزوج للانتقام بالقتل. فوضى الشوارع ترتبط السوشيال ميديا ارتباطًا وثيقًا بحوادث الفوضى في الشوارع ولعل ابرزها في امريكا أحداث اقتحام الكونجرس الأمريكي ولولا منصات التواصل لما تم تحفيز آلاف الأشخاص عبر فيس بوك وتوتير وانستجرام للمشاركة في اقتحام المبنى في 6 يناير 2021، بناءً على ادعاءات كاذبة بأن الانتخابات تم تزويرها، انتهت بمقتل 5 أشخاص، واعتقال المئات. تشير عدد من الدراسات إلى الارتباط الوثيق الذي لا يمكن تجاهله بين وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت وبين جرائم وفوضى الشارع، في بريطانيا تشير دراسة صندوق تمكين الشباب نوفمبر 2024 إلى أن 91% من الشباب والمراهقين ممن ارتكبوا أعمال عنف أفادوا بأنهم شاهدوا محتوى عنيفًا عبر الإنترنت، واعترف 64% منهم أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا في العنف الذي ارتكبوه، وهناك 70 % من الشباب يتابعون محتوى عنيفًا عبر منصات التواصل. تحديات وشائعات وتعاني بريطانيا وغيرها من الدول من تحديات التيك توك التي تظهر بين الحين والآخر لتدعو إلى سرقة المحلات التجارية الشهيرة أو اقتحام المنازل اثناء وجود اصحابها داخلها وبالفعل انتشرت فيديوهات لشباب يقتحمون متاجر، وتم تصوير ونشر المشاهد على تيك توك لتكرر الشرطة تحذيراتها من أن المنصة تستخدم لتنسيق أعمال الشغب بسرعة مروعة. اقرأ أيضا: صفحات للدجل والشعوذة على وسائل التواصل والدعاية الزائفة تضلل الضحايا في بريطانيا ايضا كانت وسائل التواصل الاجتماعي المحرك الرئيسي في تأجيج الفوضى عبر استغلال حادث قام فيه المراهق أكسل روداكوبانا، 17 عامًا، وهو بريطاني ينحدر لوالدين روانديين طعن ثلاث فتيات حتى الموت وأصاب عشرة آخرين في تدريبات لحفل راقص في شمال غرب انجلترا، بعد ساعات من الحادث، انتشرت معلومات خاطئة تداولت على نطاق واسع تدعي أن المهاجم لاجئ مسلم، وصلت إلى أكثر من 27 مليون مشاهدة، وأثارت تلك المعلومات موجة من العنف والغضب، مما أدى إلى اندلاع أعمال شغب في مدن بريطانية تسببت في الهجوم على المساجد والاشتباك مع الشرطة واعتقال المئات. شهدت بريطانيا في السابق ايضا هجومًا على لاجئين في ليفربول بعد بث مباشر كاذب نشر فيه احد المؤثرين مقطع يدعي فيه أن مهاجرا عتدى على فتاة إنجليزية وتسبب في تجمع عشرات المتطرفين اليمينيين أمام مباني ايواء اللاجئين، ووقعت اشتباكات عنيفة للمتظاهرين مع الشرطة واللاجئين.