فى لحظة مشحونة بالتحولات والتحديات، وقف الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة العربية التى عقدت فى بغداد ليؤكد، دون مواربة أو دبلوماسية مبطّنة، أن السلام الحقيقى فى الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بإعادة الحقوق كاملة إلى الشعب الفلسطينى. كانت كلمته بمثابة بيان عربى جامع، صريح النبرة، ثابت المبدأ. الرئيس السيسى أثبت فى كلمته أنه دائما رجل المبادئ الثابتة، حينما قالها بوضوح: لا سلام دون عدالة، ولا عدالة دون دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدسالشرقية. كلمة الرئيس لم تكن مجرد خطاب دبلوماسي، بل كانت رسالة إلى العالم، وإلى القوى الكبرى، وإلى الكيان الإسرائيلى تحديدًا: أن تجاهل حقوق الفلسطينيين هو وصفة للفوضى لا للسلام، وأن مصر التى صنعت السلام يومًا، لن تكون شاهد زور على وأده. الرئيس السيسى فى بغداد لم يدافع فقط عن فلسطين، بل أعاد ضبط البوصلة العربية. دعا إلى وحدة الصف، إلى تجاوز الخلافات، وإلى أن تكون فلسطين هى مركز التقاء العرب، لا موضوعًا للبيانات الإنشائية. دعا إلى تحرك حقيقي، وفاعل، ومسئول، يستثمر الزخم الشعبى العربى ويترجمه إلى مواقف دولية ضاغطة. كانت الرسالة والإشارة الواضحة إلى معاناة الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة وفى الشتات بمثابة دعوة لتوسيع نطاق الدعم، لا قصره على غزة فقط، بل على كل فلسطينى فى كل مكان، وعلى كل شبر من فلسطين التاريخية. لقد أكد الرئيس السيسي، من جديد، أن مصر- بما تمثله من ثقل تاريخى وجغرافى وسياسى- لن تتخلى عن مسئوليتها تجاه شقيقتها فلسطين، وأنه لا مساومة على القدس، ولا تنازل عن الحقوق، ولا سلام مجتزأ أو مزيّف. كلمة مصر السيسى من بغداد، هى كلمة للتاريخ. نأمل أن تكون بداية استعادة عربية حقيقية للقضية الفلسطينية، وأن يتحول الموقف المصرى الواضح والصريح إلى قيادة عربية جامعة، قادرة على تحويل الأقوال إلى أفعال، والدفاع عن الحق إلى استراتيجية مستدامة.