انتقدت النائبة ضحى عاصي، عضو مجلس النواب، المبررات الرسمية التي يتم طرحها لتقليص، أو إغلاق بيوت الثقافة، معتبرة أنها تنم عن "رؤية الحكومة لطبيعة الدور الثقافي" ، وتغفل البُعد الاجتماعي والتنموي لتلك المؤسسات. ورفضت النائبة اعتبار بعض بيوت الثقافة غير مجدية اقتصاديًا، قائلة: "هذا المنطق يُسقط على الثقافة معيارًا لا يناسبها؛ فالثقافة ليست استثمارًا ربحيًا بل خدمة عامة، مثلها مثل التعليم والصحة، الدولة لا تغلق مدرسة بسبب قلة عدد الطلاب، بل تسعى لتطويرها وتحسين أدائها، وينبغي أن يُطبّق نفس المنطق على بيوت الثقافة". وأشارت إلى أن ضعف الإقبال أو التفاعل المجتمعي ليس مؤشرًا على فشل المؤسسة، بل دليل على غياب الرؤية الإدارية والبرامج الجاذبة، مؤكدة أن الحل يكمن في التطوير لا إغلاق بيوت الثقافة. وفيما يخص المقرات المتهالكة، أوضحت النائبة أن إغلاق بيوت الثقافة لا يجب أن يكون الخيار الأول، مضيفة: "الكثير من تلك البيوت قائمة على أراضٍ مملوكة للدولة أو داخل مبانٍ حكومية، ما يسهّل تطويرها، لكن ما حدث هو تراكم سنوات من الإهمال، فبدلًا من المعالجة، تُلقى المسؤولية على كاهل الجمهور، وكأنهم هم من أهملوا الصيانة!" ورداً على وجهة النظر الرسمية حول تضخم الهيكل الإداري داخل بعض بيوت الثقافة، قالت ضحى عاصي إن هذه أزمة إدارية بحتة، لا تُحل بإغلاق المؤسسات بل بإعادة هيكلة شاملة: "إغلاق البيوت لن يُقلل من عدد الموظفين، فهم على قوة الدولة، بل سيتم نقلهم إلى جهات أخرى تعاني هي الأخرى من التكدس، ما يعني تدوير المشكلة لا حلّها". وأضافت: "هذا القرار سيخلق أزمة اجتماعية حقيقية ل1900 موظف تقريبًا، كثير منهم سيُكلفون بالعمل في محافظات بعيدة، مما يُربك استقرارهم الأسري ويزيد أعباءهم المعيشية، بينما العائد المالي للدولة لن يتغير". وفيما يتعلق بالمقرات المؤجرة، أكدت النائبة أن قانون 2022 الخاص بالإيجارات لا ينطبق على كافة البيوت، قائلة: "نسبة كبيرة من بيوت الثقافة مقامة على أراضٍ مملوكة للدولة، أما تلك التي تواجه مشكلات فعلية، فالحل هو التفاوض على العقود أو نقل الأنشطة إلى أماكن بديلة في نفس المنطقة، لا إغلاقها بالكامل". واختتمت النائبة تصريحاتها بالتأكيد على أن "ما تحتاجه بيوت الثقافة ليس مقصلة القرارات، بل خطة إصلاح حقيقية تعيدها إلى دورها الأساسي: نشر الوعي، ورعاية الموهبة، وخلق مجتمع متماسك ثقافيًا". وجدير بالذكر أن قرارات إغلاق بيوت الثقافة لم تكن مجرد إجراء إداري عابر، بل فجرت عاصفة من التساؤلات والقلق حول مصير الثقافة الجماهيرية، ودور الهيئة العامة لقصور الثقافة في الحفاظ على حق المواطن في المعرفة والفن. ففي الوقت الذي أوضح اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة، في حواره مع جريدة "الأخبار"، أسباب إغلاق بيوت الثقافة، ومعربًا عن التزامه بخطة استراتيجية جديدة، لم تهدأ ساحة الجدل، بل زادت اشتعالًا. فقد اعتبر مثقفون أن الأزمة أعمق من ذلك، وأنها تمس جوهر دورهم في حماية الوعي ومواجهة التهميش الثقافي، خاصة في المناطق الطرفية والقرى، وتعددت الأصوات ما بين من يرى تصريحات اللبان بداية لإصلاح منتظر، ومن يحذر من كونها غطاءً لتقليص الدور التنويري لتلك البيوت.