رفض الأديب الكبير إبراهيم عبد المجيد الطرح القائم على تقليص أو إغلاق بيوت الثقافة، بعضها تحت دعاوى عدم الجدوى، مؤكدًا أن "اتساع رقعة تلك البيوت في المحافظات هو في حد ذاته مكسب كبير لا ينبغي التفريط فيه، بل استثماره وتطويره ليُثمر ثمارًا حقيقية تفيد المجتمع وتنمي أجياله القادمة". وقال عبد المجيد إن "وجود عدد كبير من بيوت الثقافة لا يُعد مشكلة في حد ذاته، بل هو فرصة ذهبية لتحويلها إلى مراكز فعالة لتعليم الفنون والحرف التراثية والشعبية، بما يسهم في ربط الأجيال الجديدة بهويتهم الثقافية، ويمنح الشباب فرصة لتعلُّم مهارات قد تفتح لهم آفاقًا اقتصادية جديدة". وأضاف:"تلك البيوت يمكن أن تكون منابر لإحياء الحرف المصرية الأصيلة، من النسيج والسجاد اليدوي إلى الأواني والفخار والخزف، وعندما يتم تنظيم دورات تدريبية بأسعار رمزية في هذه الفنون، سيلقى الأمر إقبالًا كبيرًا من الشباب في المحافظات، مما يحقق دخلًا يغطي الإيجارات – إذا كانت الأزمة فعلًا مالية، وأنا أشك في ذلك – بل وربما يفتح باب التصدير إلى الخارج، لتصبح تلك المراكز منافذ للثقافة والإنتاج في آن واحد." وانتقد عبد المجيد اللجوء إلى تبرير إغلاق بيوت الثقافة بالادعاء بأن البيوت "مهجورة" أو أن القوافل الثقافية قادرة على الحل، موضحًا أن القصور لا يكمن في الفكرة، بل في غياب التنفيذ والمتابعة الجادة وأضاف: "هذا الحديث عن قوافل الثقافة ليس جديدًا، فقد وُجدت منذ عشرات السنين، لكنها لم تُحدث الأثر المرجو، لأنها تُنفذ دون استمرارية أو رقابة حقيقية، الموظفون أنفسهم لا يُؤدون دورهم كما ينبغي، ليس تقصيرًا منهم بالضرورة، بل لأن غياب المتابعة والتوجيه يجعل الأداء روتينيًا باهتًا، لا يصل للجمهور ولا يخلق أثرًا ثقافيًا حقيقيًا." واختتم الأديب الكبير تصريحاته بتأكيد أن "أزمة بيوت الثقافة لا تُحل بالإغلاق، بل بإعادة التفكير في دورها وسبل تفعيلها"، مؤكدًا: "ما نحتاجه هو حلول عملية تُعيد دماء الحياة إلى تلك البيوت، لتصبح بحق بيوتًا للمصريين، ينهلون منها فنًا وفكرًا وحرفة وأملًا". وجدير بالذكر أن قرارات إغلاق بيوت الثقافة لم تكن مجرد إجراء إداري عابر، بل فجرت عاصفة من التساؤلات والقلق حول مصير الثقافة الجماهيرية، ودور الهيئة العامة لقصور الثقافة في الحفاظ على حق المواطن في المعرفة والفن. ففي الوقت الذي أوضح اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة، في حواره مع جريدة "الأخبار"، أسباب إغلاق بيوت الثقافة، ومعربًا عن التزامه بخطة استراتيجية جديدة، لم تهدأ ساحة الجدل، بل زادت اشتعالًا. فقد اعتبر مثقفون أن الأزمة أعمق من ذلك، وأنها تمس جوهر دورهم في حماية الوعي ومواجهة التهميش الثقافي، خاصة في المناطق الطرفية والقرى، وتعددت الأصوات ما بين من يرى تصريحات اللبان بداية لإصلاح منتظر، ومن يحذر من كونها غطاءً لتقليص الدور التنويري لتلك البيوت.