لطالما اعتبرت الألعاب جزءاً أساسياً من حياة الطفولة، إلا أن الاعتقاد السائد بأن تصنيع الألعاب للأطفال هو ظاهرة حديثة، بات اليوم موضوع إعادة نظر، فقد كشف اكتشاف أثري حديث أن بيع الألعاب لم يكن غريباً حتى في عصور ما قبل التاريخ، ويظهر أن الأطفال السوريين قبل آلاف السنين كانوا يلهون بألعاب مصنوعة خصيصاً لهم، تباع في الأسواق وتُنتج على أيدي حرفيين محترفين، هذا الاكتشاف يسلط الضوء على بعد إنساني وثقافي مهم في حضارة تعود إلى أكثر من 4500 عام. اقرا أيضأ|بينها عدم احترام الذات.. تعرف على الأسباب التي تجعل طفلك متنمر في اكتشاف أثري لافت، كشفت باحثة في المتحف الوطني الدنماركي عن وجود سوق لألعاب الأطفال في مدينة حماة السورية خلال العصر البرونزي، أي قبل نحو 4500 عام، وذلك من خلال دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Childhood in the Past" العلمية المتخصصة. وأوضحت الباحثة المشاركة في إعداد الدراسة، ميته ماري هالد، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، أن الآباء في تلك الحقبة لم يقتصروا على تقديم أدوات منزلية بسيطة مثل الملاعق الخشبية أو الحجارة لتسلية أطفالهم، بل كانت لديهم إمكانية شراء ألعاب مصنعة خصيصاً للأطفال. اللافت في هذا الاكتشاف هو العثور على 19 خشخيشة طينية تم صنعها بدقة عالية في حماة، وتعد أكبر مجموعة من نوعها تعود إلى العصر البرونزي، وقد وجدت هذه القطع محفوظة ضمن مقتنيات المتحف الوطني الدنماركي، وتم تمييزها بسبب طريقة تصنيعها الاحترافية التي تُشابه تماماً تلك المستخدمة في صناعة الأواني الطينية التقليدية. وبحسب هالد، فإن الجودة العالية لهذه الألعاب تشير إلى أنها صنعت على أيدي حرفيين مهرة، وليس من قِبل الأهالي في منازلهم، مما يدل على وجود تجارة منظمة ومخصصة لألعاب الأطفال آنذاك، وتفتح هذه النتائج الباب أمام احتمالات جديدة، منها أن بعض القطع الطينية المصنفة حالياً على أنها تماثيل دينية، قد تكون في الواقع ألعاباً كانت تُستخدم للترفيه. لكن التحدي الأكبر في هذا النوع من الاكتشافات يبقى في أن معظم هذه الألعاب نبشت من المواقع الأثرية على شكل شظايا، مما يصعب من عملية تحديد وظائفها الأصلية بدقة. يكشف هذا الاكتشاف الأثري عن بعد حضاري وإنساني عميق في تاريخ سوريا القديم، حيث يظهر أن الطفولة كانت تحتفى بها، وأن تسلية الأطفال لم تكن مجرد ارتجال منزلي، بل نشاط اقتصادي وتجاري مدروس، إن هذه الدراسة لا تضيء فقط على الماضي، بل تعيد صياغة فهمنا لدور الطفل في المجتمعات القديمة، وتدعونا لإعادة النظر في كثير من القطع الأثرية التي قد تكون أكثر مما تبدو عليه.