على عكس من يقول إن اختيار الرئيس ترامب دول الخليج لتكون أول جولة خارجية له هو امتياز تحظى به هذه الدول، أرى أن تلك الجولة، التى شملت السعودية وقطر والإمارات، ليست فقط امتياز لترامب، بل ربما طوق نجاة له فى وقت تشهد فيه شعبيته سقوطاً حراً.. فوفقاً للإحصائيات يُنهى الرئيس ترامب الربع الأول من ولايته الثانية بنسبة تأييد 45٪ فقط. وهذه النسبة ليست فقط أقل بكثير من كل الرؤساء الذين انتخبوا منذ الحرب العالمية الثانية ولكنها تعد انهياراً دراماتيكياً من الفوز الشعبوى الساحق الذى حققه منذ أقل من 4 أشهر، وعوامل هذا الانهيار متعددة منها تصريحاته التى تفجر الأزمات كتلك الخاصة بالاستيلاء على قناة بنما وجزيرة جرينلاند وضمه لكندا كولاية أمريكية، وفشله فى الإيفاء بوعوده ومنها الإنهاء الفورى للحرب فى أوكرانيا وغزة. وكذلك الحرب التجارية العالمية التى يهدد بإشعالها بتعريفاته الجمركية التى يتراجع عنها تارة ويعود ليلوح بها تارة، وما ترتب على ذلك من توتير لعلاقات واشنطن مع حلفائها وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبى، والأهم النتائج الكارثية لتلك الحرب المحتملة والتى بالتأكيد ستنسحب على معيشة المواطن الأمريكى.. وسط كل ذلك، ومع استطلاعات تقول إن 51٪ من الأمريكيين لا يوافقون على تعامل ترامب مع الاقتصاد، و55٪ لا يوافقون على تعامله مع الأسعار والتضخم، تأتى الاتفاقات التجارية «التريليونية» التى أبرمها ترامب خلال جولته الخليجية لتعيد تلميع صورته امام الناخب الأمريكى فى وقت يتحدث فيه عن رغبته بولاية ثالثة.. ولأن بوصلة رجل الأعمال هى التى توجه قراراته وتحركاته تراجعت الأهداف السياسية خلف المكاسب الاقتصادية فلم يضغط على السعودية للتطبيع مع إسرائيل وقبل برفع العقوبات عن سوريا.. فى المقابل نجحت الرياض والدوحة وأبو ظبى فى الحصول على أقصى استفادة من الاستثمارات التى تعهدوا بها، أبرزها تعزيز نفوذهم بشكل يمكنهم من التأثير على السياسة الأمريكية بالمستقبل، والحصول على امتيازات غير مسبوقة فى مجالات الدفاع والتكنولوجيا النووية والذكاء الاصطناعى.