نشر موقع 180 مقالًا للكاتب سميح صعب، يشرح فيه كيف أن الحرب التجارية الدائرة حاليًا بين الولاياتالمتحدةوالصين ما هى إلى جزء بسيط من معركة سيادة العالم بين الطرفين.. نعرض من المقال ما يلى: الحرب التجارية الضارية بين الولاياتالمتحدةوالصين، هى رأس جبل الجليد من صراع أعمق بين أقوى اقتصادين فى العالم. إنها معركة السيادة بامتياز على القرن الحادى والعشرين مغلفة بعناوين الرسوم الجمركية، من دون ضمان عدم انزلاقها إلى ما هو أبعد من تبادل الزيادات الفلكية فى التعريفات على الواردات من هذا البلد أو ذاك. ينظر ترامب إلى الصين على أن السبب الرئيسى الذى جعلها تتبوأ المركز الثانى فى الاقتصاد العالمى هو السياسة الأمريكية الخاطئة التى أتاحت انضمام بكين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، ما فتح أمامها الأسواق العالمية على مدى واسع، بما فى ذلك الأسواق الأمريكية، بحيث باتت السلع الصينية الرخيصة جزءًا من ثقافة المستهلكة والمستهلك الأمريكى. وهذا ما ساعد الصين كى تصير المنافس الاستراتيجى الرئيسى للولايات المتحدة. تشابك الاقتصادان الأمريكى والصينى مذاك، وأغرت السوق الصينية كبرى الشركات الأمريكية، ما عزز نمو الصين وصعودها الاقتصادى فى أنحاء العالم لتصير الشريك التجارى الأول لمعظم البلدان. بحسب إحصاءات 2024، صدرت الصين ما قيمته 400 مليار دولار من السلع إلى الولاياتالمتحدة فى مقابل تصدير أمريكا ما قيمته 180 مليار دولار إلى الصين. وبحلول عام 2023، شكلت صادرات الصين إلى الولاياتالمتحدة فقط 13 فى المئة من إجمالى صادراتها العالمية، مقارنة مع 20 فى المئة عندما انتخب ترامب للمرة الأولى فى 2016. وفى الفترة ذاتها، تراجعت واردات الصين من الولاياتالمتحدة من 10 فى المئة من إجمالى وارداتها إلى 7 فى المئة. هذا يعنى أن ترامب بدأ معركة الفصل بين الاقتصادين الأمريكى والصينى منذ ولايته الأولى. ويعتقد أن هذه العملية هى المدخل الضرورى لاحتواء صعود الصين، ليس تجاريًا فقط وإنما عسكريًا أيضًا. تتحرك الولاياتالمتحدة لمواجهة عسكرية محتملة مع الصين، عبر تسريع خطط للتوسع فى صناعة السفن الحربية؛ المجال الذى تُحقّق فيه الصين تفوقًا فى بعض نواحيه مع توسيع لترسانتها من الأسلحة النووية. وأعلن ترامب زيادة موازنة الدفاع إلى تريليون دولار، وحذر الصين من أن «الولاياتالمتحدة تملك أقوى الأسلحة فى العالم»، من دون أن يحدد ماهيتها. لكن أية مواجهة عسكرية محتملة بين أمريكاوالصين ستكون مختلفة عن الماضى، لا سيما أن البلدين يستثمران فى الذكاء الاصطناعى والقدرات الفضائية. البعد الجيوسياسى فى الحرب التجارية، يتبدى من شكوى مسئولين فى إدارة ترامب من أن الصين تغذى برامجها الدفاعية من العائدات التى تجنيها بفعل الخلل فى الميزان التجارى مع الولاياتالمتحدة. وترصد الصحافة الأمريكية بكثير من القلق ما كشف عنه نائب الرئيس الأمريكى جيه. دى فانس، من أن زيادة الرسوم الجمركية على الصين بهذا القدر، قد تؤدى إلى حرمان أمريكا من سلع صينية تدخل فى بعض الصناعات العسكرية الأمريكية. وسئل العالم السياسى الأمريكى جراهام أليسون: هل الحرب حتمية بين الولاياتالمتحدةوالصين؟ فأجاب: (من المحتمل). ذلك عائد إلى أن فرضية الترابط الاقتصادى بين البلدين، كانت تخفض من احتمالات الحرب بينهما. هذا الترابط بدأت تتفكك عراه مع الحرب التجارية المتصاعدة الآن. ولا يغيب عن البال، أن الطموحات الإقليمية لترامب فى قناة بنما وجزيرة جرينلاند، تأتى على خلفية محاصرة النفوذ الصينى المتمدد فى أمريكا الجنوبية، وكذلك فى القطب الشمالى على التوالى. وحتى الانفتاح الأمريكى على روسيا منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يأتى فى سياقات يراد منها فصل «الشراكة بلا حدود» القائمة بين شى والرئيس الروسى فلاديمير بوتين. استمالة روسيا على حساب أوكرانيا وأوروبا، ينظر إليها على أنها تُسهّل عملية الاحتواء الأمريكى للصين. كل ذلك، يؤكد أن الحرب التجارية ليست سوى أحد وجوه الصراع الأشمل بين الولاياتالمتحدةوالصين. والأنظار كلها الآن مركزة على ترامب والصين.. من يصرخ أولًا؟