د. أيمن الرقب هذه النجاحات العربية حتى لو كانت فردية تؤكد على أهمية تغليب لغة الحوار والدبلوماسية على أى عمل عسكرى يدمر مقدرات المنطقة والعالم. عُقد فى مطلع شهر مارس الماضى قمة عربية طارئة فى جمهورية مصر العربية، خصصت هذه القمة لمناقشة القضية الفلسطينية وبالتحديد مسعى الاحتلال الإسرائيلى لتهجير سكان قطاع غزة، واستمرار حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. بجانب مناقشة القضية الفلسطينية الأخطار المحدقة بها، ناقشت القضية اعتداءات الاحتلال الإسرائيلى على المنطقة العربية وبالتحديد على لبنان وسوريا، وأوصت بالعديد من القرارات التى تدعم صمود الشعب الفلسطينى ووضع آليات للتحرك على الصعيد الدولى لوقف المقتلة ضد الشعب الفلسطينى وضمان إنفاذ المساعدات الغذائية والطبية. تنعقد القمة العربية العادية الرابعة والثلاثون فى السابع عشر من الشهر الجارى بعد ما يزيد على شهرين من القمة العربية الطارئة، حيث ستناقش هذه القمة عدة ملفات فى المنطقة وعلى رأسها متابعة مخرجات القمة العربية السابقة التى عقدت فى القاهرة، وكذلك مناقشة المستجدات التى حدثت بعد ذلك من ضمنها استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، ووصول الظروف الحياتية فى غزة إلى حالة فاقت الوصف من قتل وتدمير وتجويع يقوم به الاحتلال الإسرائيلى ضد شعبنا الفلسطيني. ربما لم يكن تحديد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب زيارته للمنطقة وبالتحديد الخليج العربى قبل القمة العربية مباشرة صدفة، ولربما أن تحديد موعد الزيارة لطرح الولاياتالمتحدةالأمريكية مشروعا سياسيا لعدة دول فى المنطقة يناقش فى القمة العربية. هذه المرة ستناقش القمة بجانب أى طارئ قادم المتغيرات التى قام بها الاحتلال بالاعتداء المتواصل على الأراضى السورية العربية، ومحاولة العبث فى النسيج الاجتماعى السوري، وخاصه ملف الدروز حيث إن الاحتلال عينه على الجولان السورى أو بقية الجولان وبقية جبل الشيخ الذى احتلت جزءا منه عام 1967م، خاصة أن هذين المكانين استراتيجيين للاحتلال الإسرائيلى بسبب ارتفاعهما، ويستطيع من خلالهما أن يراقب منطقة بلاد الشام بشكل كامل، كذلك الملف اللبنانى سيكون حاضرا بقوة فى هذه القمة حيث إن الاحتلال الإسرائيلى لم يلتزم ببنود اتفاق وقف الحرب ولايزال يستهدف مدنا لبنانية ولايزال جنوده مسيطرين على بعض المناطق الحدودية فى لبنان وسيطالب الزعماء العرب الوسطاء فى هذا الاتفاق فرنسا وأمريكا بإلزام الاحتلال الإسرائيلى ببنود الاتفاق والانسحاب من الأراضى اللبنانية ووقف الاعتداءات على الأراضى اللبنانية. الاحتلال الإسرائيلى للأسف لا يكترث للموقف والقرارات العربية، وكان من أهمها الدعوة للسلام الشامل فى المنطقة فى قمة بيروت عام 2002م من خلال قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967م وعاصمتها القدس، وبالتالى من الضرورى وضع آليات ومفاعيل عربية لتحويل القرارات إلى أفعال. من الطبيعى الملفات العربية العديدة ستكون حاضرة بجانب الملفات السابقة مثل الوضع فى اليمن وليبيا والسودان وغيرها، كل هذه تحديات تواجه القمة العربية التى يسعى الزعماء العرب ليكون الحضور العربى ذا تأثير على العالم لتحقيق أهداف القمة العربية، خاصة أن العرب دعاة سلام منذ سنوات والاحتلال الإسرائيلى هو من يعيق ذلك ويصدر العنف فى المنطقة والعالم. القمة العربية تأتى بعد نجاح الوساطة العربية لوقف التصعيد فى الخليج العربى والوصول لفتح قنوات تفاوض بين الجمهورية الإيرانية والولاياتالمتحدةالأمريكية لتجنيب المنطقة حربا ستضر بالجميع، كذلك الاتفاق بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والحوثيين فى اليمن لحفظ أرواح الشعب اليمني. هذه النجاحات العربية حتى لو كانت فردية تؤكد على أهمية تغليب لغة الحوار والدبلوماسية على أى عمل عسكرى يدمر مقدرات المنطقة والعالم، وتدفع لحوار عربى غربى وبالتحديد مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبا لمناقشة كل قضايا المنطقة وحتى العالم، لوضح استراتيجيات عمل مشتركة تغلب لغة الحوار على استخدام القوة أو التلويح بها، ويطالب من دول العالم وبالتحديد الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية إدانات واضحة لما يقوم به الاحتلال الإسرائيلى ضد شعوب المنطقة، والضغط لكف يد الاحتلال عن تجاوز القرارات الدولية والذهاب لطاولة المفاوضات السياسية بعيدا عن التنكر لحقوق شعوب المنطقة وخاصة حق الشعب الفلسطينى فى إنشاء دولته المستقلة. كذلك تحمل هذه الدول الاحتلال الإسرائيلى مسئولية القتل والتجويع للشعب الفلسطينى دون تردد أو تبرير لما يقوم به الاحتلال كما فعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية فى مرافعتها الأخيرة أمام محكمة العدل الدولية. ووضع آليات للضغط على الاحتلال الإسرائيلى لوقف عدوانه فى المنطقة والامتثال للقانون الدولى وكبح جماح اليمين الحاكم فى تل أبيب. ولإنقاذ حل الدولتين خاصة أن الأمين العام للأمم المتحدة غويتريش حذر من أن حل الدولتين يتبخر، لابد من الطلب من دول العالم بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدودها الجغرافية كما وافق عليها العرب فى قمة بيروت والتى تعتبر الحد الأدنى من الحقوق العربية، ووضع آليات عربية ودولية لتحقيق هذا الهدف. التحديات كثيرة وما نأمله أن يكف العالم عن العجز والصمت ونوقف عمليات القتل والتدمير فى المنطقة.