أثارت قضية طفل دمنهور «ياسين» التي وصلت إلى ساحات القضاء، حالة من الصدمة فى المجتمع بعد اتهام أسرة الطفل ذي السنوات الست، موظفًا في المدرسة بهتك عرضه، وفي الوقت ذاته فتحت أبواب التساؤل عن دور الأخصائي الاجتماعي داخل المدرسة وتراجع دوره.. وفى هذا التحقيق نلقى الضوء على الأدوار المهمة التى يلعبها الأخصائي الاجتماعي في المدارس ودور الأسرة في عملية الوقاية والمواجهة. الأطفال هم دائماً الحلقة الأضعف فى المجتمع وهم بحاجة إلى الرعاية والاستماع لهم طوال الوقت، وقد يقضى الطفل معظم وقته داخل المدرسة وأثناء هذا الوقت قد يتعرض لكثير من المشكلات، أو قد يكون محملًا بمشكلات من خارج المدرسة تؤثر عليه أثناء الوقت الدراسي، ولهذه الأمور وغيرها يعتبر الأخصائى الاجتماعى من أهم الأشخاص المتواجدين داخل المدرسة خصوصًا وداخل المؤسسات الاجتماعية عمومًا. ◄ دور مبهم تقول استشاري حقوق الطفل، سمية الألفي، إن الأخصائى الاجتماعى ليس مجرد وظيفة بل هو شخص موكل بتقديم الرعاية الاجتماعية ومساعدة الأشخاص على تجاوز مشاكلهم وعلى رأسهم الأطفال، وبالفعل كان هذا متحققًا لكن بمرور الوقت أصبح دور الأخصائى داخل المدارس مبهمًا، وهناك تراجع ملحوظ فى تقديم دوره وقد يرجع ذلك لعدة أسباب منها عدم إعطائه المساحة الكافية والمناسبة لممارسة مهام عمله لقصر اليوم الدراسى وتكدسه بالحصص الدراسية، وعدم فتح المجال أمامه للتواصل مع الطلاب وبحث مشاكلهم، بل يتم إلحاقه بمهام أخرى فى المدرسة لا تناسب طبيعة عمله . وتؤكد الألفى أن هناك تراجعًا فى أعداد الأخصائيين الاجتماعيين بمختلف المؤسسات الاجتماعية سواء فى المدارس أو دور الأيتام والمسنين والأندية، ويرجع السبب إلى ضعف الرواتب وتفضيلهم السفر للعمل بالخارج، ويجب أن يعود الأخصائى الاجتماعى لجميع المدارس الحكومية والخاصة وخلق المساحة الكافية له لمزاولة مهام عمله، كما يجب توعية الطلاب لوقايتهم وتجنب حدوث هذه الأفعال الغريبة عن مجتمعنا، من ثم توعية الأم بضرورة فتح نقاشات يومية مع أطفالها والاستماع لهم وخلق مساحة للتفاهم بينهم دون تصدير شعور الخوف والقلق لهم، كما نحتاج لتوعية جميع المسئولين عن الأطفال ومن يقومون بالتعامل معهم فى المدارس سواء المعلم أو المربية أو الأخصائى الاجتماعى وتزويدهم بدورات تدريبية فى كيفية توعية الطفل والتعامل معه فى مثل هذه المواقف. ومن المهم أيضًا تدريب الطفل على الإفصاح عند تعرضه للأذى والحديث مع أحد أبويه أو مع المتخصصين بالمدرسة أو النادي، ونشر خط نجدة الطفل، حيث يمكنهم التواصل على رقم 16000 للإبلاغ عند تعرضهم للأذى . ◄ اقرأ أيضًا | المديريات التعليمية توجه بتفعيل دور الأخصائي بالمدارس لمكافحة العنف ◄ التأهيل النفسي استشارى الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، يوضح أن الفترة التى يحتاجها الطفل للتأهيل النفسى بعد تعرضه لأحد أشكال الاعتداء الجنسى تختلف حسب عدة أمور منها هل تعرض الطفل للتحرش فقط أم تم الاعتداء عليه. ويشير فرويز إلى أهمية التعامل بحكمة وحذر مع الصدمة الأولى ومحاولة السيطرة على المشاعر المتناقضة التى يشعر بها الأب والأم فى هذه اللحظة وتهدئة الطفل واحتضانه لمنحه شعور الاطمئنان والأمان والتأكيد له أنهم جميعًا معه ولا يجب عليه الخوف أو القلق، وعلى الأبوين عدم السكوت والإصرار على الحصول على حق الطفل لأن هذه الأمور تشكل فارقًا فى طريق علاجه النفسى والسلوكي. ◄ نظرة المجتمع فيما تؤكد أخصائى تعديل السلوك، إيمان رؤوف، أنه فى حالة تعرض الطفل للتحرش أو الاعتداء الجنسي، يجب على أهله الالتزام بالهدوء وطمأنة الطفل والتأكيد على أنه ليس مذنبًا، مع إبلاغ الجهات المختصة وعدم الخوف من نظرة المجتمع وعلاج الطفل نفسيًا لمعالجة الآثار النفسية التى تطاله بعد التحرش كالخوف والارتباك والغضب، وعمومًا يجب توفير بيئة آمنة للطفل وتعليمه أهمية احترام الحدود الخاصة وعدم التردد فى طلب المساعدة إذا تعرض للتحرش، لافتة إلى أهمية معاقبة المعتدى أمامه ليتأكد أنه استطاع الانتصار على الشخص المؤذى وأنه شخص مريض يستحق العقاب. وتقول استشارى العلاقات الاجتماعية والأسرية، الدكتورة عزة زيان، إن الترابط الأسرى من أهم الأسباب التى يمكن أن تحمى الطفل من الوقوع فريسة للمتحرش أو المعتدي، ويبدأ ذلك بالاستماع للطفل وسؤاله باستمرار عن يومه والأشخاص الذين تعامل معهم خلال اليوم، ونؤكد على دور الأب داخل الأسرة وأن يخلق صداقة مع أطفاله.