خلال الأيام الأولى لمعرض الرباط الدولى للكتاب فى دورته الثلاثين، تتابعت على «الفيسبوك» منشورات تتضمن صور الأجنحة الخاوية لدور النشر المصرية، ترافقها الشكاوى المحقة للناشرين الذين تعشموا فى مشاركة فعالة وناجحة بأحد المعارض العربية المهمة، ففوجئوا بأن كتبهم لم تصل، وبأنهم لا يجدون ما يردون به على القراء الراغبين فى شراء إصداراتهم الجديدة. ظن المتابعون أنها مشكلة طارئة ستُحل بعد يوم أو يومين على الأكثر، لكنها طالت حتى قرب نهاية المعرض، ما أدى إلى خسائر فادحة للناشرين ماديًا ومعنويًا، وحرم الكُتَّاب المصريين من وصول كتبهم إلى القارئ المغربي. والحقيقة أن هذه الأزمة، التى لا ذنب لدور النشر فيها، قد أضرت بصورة النشر المصرى ككل، وأحاطت منظومة عمل اتحاد الناشرين المصريين بالعديد من الأسئلة المتشككة، خاصة فى ظل شائعات وتكهنات عديدة ترددت حول أسباب التأخير وأبعدته عن كونه مجرد إهمال عرضى من شركة الشحن. وقد لفت نظرى، فى خضم النقاشات التى دارت بخصوص هذه الأزمة، تصريح مفاده أن هذه هى المرة الخامسة التى يحدث فيها هذا الأمر، لكنها الأولى خلال فترة المجلس الحالى لاتحاد الناشرين المصريين، وأن المرات الأربع السابقة لم يُعوَّض فيها الناشرون عن خسائرهم المادية! ما يطل برأسه من بين سطور تصريح مماثل أن على الناشرين المتضررين أن يحمدوا الله لأن هناك وعودًا بالتعويض المادى هذه المرة! لن أتحدث هنا عن ضآلة التعويض المادى المقترح (فى حالة الحصول عليه أصلًا) مقارنةً بالخسائر المالية الفعلية، فهذه - رغم أهميتها- تفصيلة ثانوية إن نظرنا للأمر من منظور استراتيجى هادف إلى عدم تكرار أزمات مماثلة وإلى محاسبة المسؤولين عنها، بدلًا من الاستسلام لحالة من السيولة والارتكان إلى تطييب الخواطر بكلمات لا تسمن ولا تغنى من جوع.