منى ربيع مازالت أجهزة الدولة تعمل بكامل طاقتها لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وإسقاط عصابات الإتجار في البشر، هؤلاء الذين قرروا المتاجرة بأحلام الشباب وآمالهم في السفر للخارج وتحقيق حلم الثراء السريع كما يروج لذلك تجار الموت. لذا، الأجهزة الامنية تعمل على قدم وساق لمنع تلك الجريمة قبل وقوعها والقبض على مرتكبيها وتسليمهم للعدالة، لتصدر احكامها عليهم. في الايام الماضية أسدلت محكمة الجنايات الاستئنافية لجرائم الإرهاب والإتجار بالبشر برئاسة المستشار خالد الشباسي، حكمها بالسجن المشدد 10 سنوات وغرامة 2 مليون جنيه على سبعة متهمين آخرين. اقرأ أيضا: بتهمة الإتجار فى البشر .. الشرطة الفرنسية تعتقل أستاذ لليوجا وطائفته المثير فى الأمر أن العصابة يتزعمها مدرس ومحاسب، وبينهما سيدتين وذلك بعد أن اثبتت التحقيقات أن أفراد التشكيل العصابي تخصص فى النصب على الشباب بزعم قدرتهم على تسفيرهم إلى الخارج عبر البحر والصحراء. تفاصيل القضية مثيرة ترويها السطور التالية من واقع أوراق التحقيقات. القضية تعود وقائعها إلى شهور قليلة، عندما قرر أستاذ ومحاسب في العقد الخامس من عمرهما أن يفتحا مكتبًا لتسفير الشباب. بدأ صيتهما يعلو في محافظاتالغربيةوالدقهلية والقليوبية، واستعان المدرس والمحاسب بخمسة آخرين بينهم سيدتين مهمتهما أن يروجا لذلك المكتب وقدرتهم الخرافية على تسفير الشباب للدول الأوروبية. وأخذ السبعة الأشرار يروجون للمكتب وقدرة اصحابه على تسفير الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" والمجموعات المغلقة على "الواتس آب"، حيث لجأت تلك الشبكة الإجرامية إلى إجراء تعديلات على صور بعض الأشخاص ببرامج الفوتوشوب وإظهار أصحابها على أنهم فى الخارج، ونشر تلك الصور مع اضافة بعض المعلومات عليها لإيهام الشباب الراغبين في السفر على قدرتهم الخارقة في تسفيرهم إلى الدول الأوروبية، ليبدأ الشباب الراغب في السفر في التوجه إلى المكتب لمعرفة التفاصيل الكاملة، بعد أن صدقوا ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعى؛ ليقوم المدرس والمحاسب بعمل تسعيرة للسفر 200 ألف جنيه مقدم و200 ألف عند الوصول للخارج وأحيانا أكثر من ذلك على حسب الدولة الأوروبية التى يريدون السفر إليها، واخذ الشباب من محافظاتالغربيةوالدقهلية والقليوبية في جمع الأموال والذهاب إلى المكتب وتجهيز الأوراق التى يطلبونها منهم للسفر. زعيم العصابة وهناك كان زعيما التشكيل المحاسب والاستاذ يرويان للشباب قدرتهما الخارقة في تسفير آلاف الشباب وتسكينهم ومساعدتهم في الدول التى يسافرونها حتى يصبحوا من الأغنياء، لكن الامور لم تقف عند هذا بعد أن أغلق المكتب وهرب السبعة من المجني عليهم بعد أن استولوا على ملايين الجنيهات، وفشلوا في تسفيرهم للخارج ليتقدموا ضد المحاسب والمدرس ببلاغات يتهمونهما بالنصب والاحتيال. على الجهة الأخرى توافرت معلومات لقطاعى الأمن العام والأمن الوطني، بعد ورود عدة بلاغات من بعض الشباب بتعرضهم للنصب على يد التشكيل العصابي الذى يتزعمه مدرس ومحاسب، ويمارس نشاطه بين محافظاتالغربيةوالدقهلية والقليوبية والقاهرة، باستقطاب الشباب الراغبين فى السفر إلى الخارج مستغلًا ظروفهم الاجتماعية ومتحصلا منهم على مقابل مادى قرابة 200 ألف جنيه من كل شخص كمقدم، و200 ألف جنيه يدفعها الشاب فور وصوله إلى الدولة الأوروبية المزمع تهريبه إليها، إما عبر الساحل الليبي أو الدروب الصحراوية. مداهمات ليتم عمل تحريات حول الواقعة لضبط المتهمين قبل هروبهم وبالفعل تم شن حملة أمنية مكبرة على افراد التشكيل الذى ضبط داخل شقتين، احداهما فى طنطابالغربية والأخرى في مدينة 6 اكتوبر بالجيزة، وبتفتيش تلك الاوكار عثر بحوزتهم على مبالغ مالية قدرت بنحو 16 مليون جنيه، وتحويلات مالية كبيرة، وسيارتين ملاكى، ودراجتين بخاريتين، وطبنجتين صوت، وأجهزة كمبيوتر، وأجهزة اتصال، وشرائح اتصال دولية؛ ليتم احالتهم للنيابة العامة والتى وجهت لهم تهم الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وانتهت التحقيقات إلى إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية. وشملت التحقيقات اقوال الشهود المجنى عليهم الذين اكدوا انهم باعوا ممتلكاتهم ومنقولاتهم من أجل توفير مقدم السفر لكن اكتشفوا عملية النصب عليهم؛ حيث اكد س.م 25 سنه "انه باع قطعة ارض يمتلكها والده حتى يستطيع تدبير اموال السفر وانه ذهب بها إلى المتهم الاول والذى وعده بالسفر إلى ايطاليا عبر الدورب الصحراوية، واتفق معه على ميعاد محدد للسفر وعندما جاء ذلك الميعاد تنصل وتهرب منه". فيما أكد "ع. أ 28 سنة" يعمل مزارعا من محافظة الدقهلية أنه باع مصوغات زوجته ووالدته لكي يحقق حلم السفر إلى الخارج وانه عرف المكتب عن طريق مواقع السوشيال ميديا وتقابل مع المتهمة الرابعة والخامسة واللتان اقنعتاه بالسفر واخذتا تعرضان عليه صورهما وهما في احدى الدول الاوروبية ليصدقهما ويذهب معهما إلى المتهم الأول الاستاذ ومعه مبلغ 200 ألف جنيه واعطاه جواز السفر الخاص به، وتم تحديد ميعاد السفر إلا أن المتهمين تنصلوا منه ولم يستطع الوصول اليهم بعد أن حددوا اكثر من موعد للسفر". الحكم انتهت التحقيقات بإحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، والتى لأصدرت حكمها عليهم بالسجن 10 سنوات، وتغريم كل منهم 2 مليون جنيه للكن المتهمين استأنفوا على الحكم امام محكمة الجنايات الاستئنافية برئاسة المستشار خالد الشباسي، وعضوية المستشار محمد القرش، والمستشار تامر الفنجري، والمستشار رامي حمدي، وبحضور محمد خليل رئيس النيابة؛ حيث قضت بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد 10 سنوات وتغريم كل منهم مبلغ 2 مليون جنيه، كما وافقت المحكمة على مذكرة النيابة العامة بنسخ صورة من القضية، وإرسالها إلى وحدة مكافحة غسل الأموال وذلك لتتبع أموالهم. ورفضت محكمة الجنايات الاستئنافية الدفع الذى تقدم به محامي المتهمين، من أن المجنى عليهم من الشباب أقدموا على السفر برضاهم وإرادتهم، ونوهت المحكمة إلى أن المتهمين استغلوا ظروف الشباب الاجتماعية وأوهموهم بوعود زائفة وارتكبوا جرمًا وإثمًا يجب أخذه بقدر من الشدة، لاسيما وقد تكررت جرائمهم عدة مرات مما أدى إلى وفاة بعض الضحايا. وناشدت المحكمة أهالى الضحايا بعدم الانسياق وراء مثل هذه الأفعال تحت ضغط ورغبة الأبناء، كما يتوجب على الجهات الإعلامية والصحف التوعية ومخاطبة وتوعية الشباب، خاصة وأن هذه الجرائم باتت من الجرائم العابرة للحدود والتى من شأنها التأثير على بلدان أخرى وتضر بالمجتمع.