كيف يرتقى الإنسان؟ كيف تتميز الأوطان؟ كيف تنهض الأمم؟ كيف تتقدم الإنسانية؟ كيف تنمو الثروات؟ كيف ينال المظلوم حقه؟ كيف يعلو البناء؟ كيف ينال شعب استقلاله وحريته؟ كيف نرنو نحو المستقبل؟ كيف يستمر نبض الحياة؟ كلمة واحدة تجسد الإجابة: بالعمل. اليوم العيد العالمى للعمال الذى يساهم كل منهم فى موقعه، فى عملية لم تتوقف لتشييد صرح التقدم الحضارى والإنسانى منذ استعمر الله خليفته فى الأرض. بالسواعد، بالعقول، بالضمائر، بالوعى، بالعلم، كل منا إذا أدرك أن العمل حق وواجب فى آن معًا، مطالب ببذل ما يتناسب مع قدراته ومواهبه، إيمانًا بأن العمل قيمة عليا، ومسئولية أساسية تثرى الحياة فى كل جوانبها، لأن العلم أو الوعى وحدهما لا يكفلان لتشييد حضارة، أو ترسيخ بنيان مجتمع، لكنه العمل الذى يفرق بإنجازه بين إنسان وآخر، ووطن وغيره، فالعمل وحده يخلق الفارق. القيمة العظمى ليوم العمال العالمى، أنه يمثل تذكرة، تغيب أحيانًا فى خضم الحياة اليومية، بأن العمل بحد ذاته قيمة لا تضارعها إلا القيم التى تسمو بحياة البشر، عبر ترقية حياتهم وإثرائها، باعتبارها ركائز ننطلق من عندها نحو البناء والتقدم والحياة الكريمة. إنسان بلا عمل هادف جاد، ليس إلا كائنًا هامشيًا، لأنه بلا مسئولية حتى عن نفسه، ناهيك عن محيطه قريبه وبعيده، إذا الالتزام بعمل محدد الغاية، عبر وسائل لبلوغها، يجسد مفهوم الالتزام الذى يترجم الوجود الإنسانى بأرقى معانيه. بالعمل يحفر المجتمع الطموح مجرى عميقًا، ومتسعًا بين تاريخه وحاضره، ثم جسرًا ينطلق من فوقه انطلاقًا نحو المستقبل الأرحب، وعيًا بوحدة الزمن وارتباط حلقاته. هكذا، لم أكن فعاليًا فى صياغة عنوانى، وكأنه معادلة يتساوى طرفاها، العمل والحياة. إن الحياة لا تنبض إلا بالعمل كونه مصدر كل قيمة، حتى الإيمان ليس بالتمنى، ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل، كما أوصانا رسولنا الكريم، ولعل الإشارة هنا واجبة إلى هذا الارتباط الوثيق بين الإيمان والعمل الصالح، فى الكثير من المواضع القرآنية، والعمل هنا مفهوم شمولى عميق، يتضمن كل ما يفيد وينفع ويثرى الحياة، بداية من الإنسان الفرد، مرورًا بالمجتمع، وصولًا للبشرية جمعاء. كل عام، وجميع الشرفاء المنتجين بخير، لأنهم يصنعون الحياة عبر العمل.