كشفت مصادر حكومية لمجلة بوليتيكو عن مفاوضات جارية بين بريطانيا وفرنسا لإعادة شراء ثلاثة مواقع نووية من شركة "إي دي إف" (EDF) الفرنسية. يأتي ذلك في إطار مساعي لندن للسيطرة على خطط توسيع قطاع الطاقة النووية كجزء محوري من استراتيجيتها لتحقيق صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050. اقرأ أيضًا: قمة أمن الطاقة: بريطانيا تدعو لتعاون دولي أوثق لتحسين الإمدادات المواقع المستهدفة والمفاوضات الجارية تتمحور المناقشات حول مواقع برادويل بي (Bradwell B) وهيشام (Heysham) وهارتلبول (Hartlepool)، حيث أكد مسؤول فرنسي للصحيفة استمرار المحادثات دون اتخاذ قرار نهائي حتى الآن، وقد دعمت هذه المعلومات مصادر بريطانية من قطاع الصناعة، تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية المفاوضات. ناقش وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند ونظيره الفرنسي مارك فيراتشي هذه المفاوضات على هامش قمة وكالة الطاقة الدولية في لندن مؤخراً، بينما نفت الحكومة البريطانية هذه الادعاءات بشكل قاطع، مصرحة بأنها "لا تقر بهذه المزاعم إطلاقاً". ويُنتظر أن تشهد القمة الفرنسية-البريطانية المقترحة في يوليو المقبل تطورات مهمة في هذا الملف. إستراتيجية الطاقة البريطانية والدور النووي تأتي هذه المحادثات في وقت تدرس فيه المملكة المتحدة أكثر خطط إحياء الطاقة النووية طموحاً منذ جيل كامل، وقد شدد ميليباند في مؤتمر سابق على أهمية الطاقة النووية ضمن "نهج شامل" لتحقيق أمن الطاقة وخفض الانبعاثات، مصرحاً: "نحن بحاجة إلى الطاقة النووية، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والبطاريات، والهيدروجين، والتقاط الكربون. وللطاقة النووية دور خاص في توفير طاقة نظيفة ومستقرة وموثوقة." الوضع الحالي للمواقع والفرص المستقبلية تمتلك شركة "إي دي إف" الفرنسية المواقع الثلاثة المذكورة، وهي شركة تمتلكها الدولة الفرنسية بالكامل، ورغم رفض متحدث باسم الشركة التعليق على المفاوضات، فقد أشار إلى ترحيبهم "بالتطورات التي تتيح فرص عمل مستمرة في مواقعنا بعد إغلاق المحطات الحالية"، مضيفاً أن مواقعهم "تتمتع بفوائد عديدة، منها القوى العاملة الماهرة، والروابط الشبكية، والمجتمعات الداعمة المعتادة على الطاقة النووية". يضم موقعا هيشام وهارتلبول محطات طاقة نووية عاملة من المقرر إيقاف تشغيلها تدريجياً بين عامي 2027 و2030، بينما يُعد برادويل بي موقعاً شاغراً حالياً مؤجراً لشركة تشاينا جنرال نيوكلير (CGN) باور، التي توقفت عن تطوير مشروعها هناك في عام 2022. تحديات تطوير قطاع النووي البريطاني لم تبنِ المملكة المتحدة محطة طاقة نووية جديدة منذ افتتاح سايزويل بي (Sizewell B) في عام 1995، فيما يواجه مشروع هينكلي بوينت سي (Hinkley Point C) تأخيرات قد تمتد حتى عام 2031، بينما لا تزال الحكومة تدرس قرار الاستثمار النهائي في محطة سايزويل سي. تشرف هيئة "جريت بريتش نيوكلير" (GBN) على المراحل النهائية من مسابقة بناء المفاعلات النمطية الصغيرة (SMRs) في بريطانيا، وتمتلك الهيئة موقعين فقط هما أولدبري ووايلفا، اللذان انتقلا إلى ملكية الدولة العام الماضي. ومن المتوقع اتخاذ قرار بشأن منح عقود المفاعلات النمطية الصغيرة خلال صيف هذا العام. وكما أوضح مصدر في القطاع: "إذا كانت الحكومة ستوسع القدرة بالجيجاوات بالإضافة إلى المفاعلات النمطية الصغيرة، فستحتاج إلى المزيد من المواقع، وتلك [المواقع الثلاثة] هي المواقع الواضحة المتبقية من القائمة المختصرة للمشاريع في المملكة المتحدة." الآفاق المستقبلية للصفقة وانعكاساتها قد يتضمن أي استحواذ على موقع برادويل بي دفعة تعويضية للشركة الصينية، على غرار صفقة شراء حصتها في سايزويل سي التي تجاوزت 100 مليون جنيه إسترليني في عام 2022، كما يمكن أن تمهد هذه التطورات الطريق لتخصيص موقع وايلفا لمحطة طاقة ثالثة بسعة جيجاوات، لتنضم إلى هينكلي بوينت سي وسايزويل سي. تشير هذه المحادثات إلى جدية الحكومة البريطانية في المضي قدماً نحو تعزيز قطاع الطاقة النووية، حيث ستكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد مصير هذه المفاوضات وتأثيرها على مستقبل سياسة الطاقة البريطانية للعقود المقبلة.