محمد ناصف: -دورة استثنائية من المهرجان الختامي لنوادي المسرح في 2025 -إقامة الافتتاح على مسرح القناطر خطوة تستحق التشجيع -لدينا خطط لزيادة الميزانيات والدعم.. ومنصة رقمية توثق المواهب والعروض المميزة -عدالة المشاركة تتحقق على خشبة المسرح.. ونسمح بالحرية في التناول دون تجاوز رغم بساطة الإمكانيات والميزانيات، يظل المسرح أحد أكثر الفنون قدرة على كشف المواهب وصناعة الوعي.. ومن قلب الأقاليم والمدن البعيدة عن العاصمة، يواصل مهرجان نوادي المسرح لعب دوره الحيوي في اكتشاف جيل جديد من المبدعين.. وفي نسخته ال32 لعام 2025، يخطو المهرجان الختامي لنوادي المسرح خطوات أوسع نحو دعم الطاقات الشابة، عبر خطط تطويرية وطموحات جديدة. تحدث الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، حول ملامح هذه الدورة، واستراتيجية الهيئة العامة لقصور الثقافة لدعم المسرح في ربوع مصر، ورؤية التطوير التي تتبناها الهيئة، وخطط جديدة لدعم المواهب، وزيادة الميزانيات، وتوثيق العروض المسرحية بمنصة رقمية، بما يتماشى مع رؤية الدولة لبناء الإنسان وتعزيز الوعي الثقافي.. بداية، كيف تصف الفلسفة العامة التي تقوم عليها دورة مهرجان نوادي المسرح هذا العام؟ يعد مهرجان نوادي المسرح من أبرز الفعاليات الثقافية التي تهدف إلى اكتشاف وصقل المواهب المسرحية الشابة في مختلف أنحاء الجمهورية، وتعتمد فكرة المهرجان على منح الفرصة لهؤلاء الشباب للتعبير عن طموحاتهم وأفكارهم ورؤاهم المسرحية، من خلال دعم إنتاجهم بعناصر بسيطة، تسلط الضوء على قدراتهم الفنية والإبداعية، ويرتكز المهرجان على مبدأ تقديم أعمال مسرحية بميزانيات محدودة، وهو ما يساهم في إبراز طاقات جديدة في مجالات الإخراج، الديكور، والتمثيل، فغالبًا ما يتم اكتشاف مخرجين ومهندسي ديكور يمتلكون قدرات إبداعية عالية، رغم بساطة الإمكانيات المتاحة لهم، ما يؤكد على قوة الفكرة ومدى فعاليتها في تطوير الحركة المسرحية المصرية، كما ُعد المهرجان بمثابة حاضنة للمبدعين الجدد، برعاية الهيئة العامة لقصور الثقافة، التي تمثل المنصة الأساسية لدعم واستمرارية الكوادر المسرحية الشابة. ما أبرز التغييرات أو الإضافات التي تميز دورة 2025؟ وتتميز الدورة الحالية من المهرجان بانطلاقها المبكر، حيث بدأت في شهر يوليو الماضي، وهو ما يعد سابقة تحسب للإدارة المنظمة، إذ تزامن انطلاقها مع بداية العام المالي الجديد، بفضل التعاون المثمر بين الإدارة العامة للمسرح، الإدارة المركزية للشؤون الفنية، وعدد من الإدارات المعنية، وشهد الموسم الحالي مشاركة نحو 230 فرقة مسرحية من مختلف المحافظات، في مؤشر قوي على التفاعل الواسع مع المهرجان. كما شهدت هذه الدورة عودة الندوات النقدية المصاحبة للعروض، والتي لعبت دورًا مهمًا في رفع الوعي النقدي لدى المشاركين، وتعزيز التفكير التحليلي لديهم. كيف ترى "الهيئة" دور نوادي المسرح في تشكيل الوعي الثقافي لدى الشباب؟ تتسع رؤية المهرجان لتشمل أبعادا أعمق من مجرد اكتشاف المواهب، إذ تمثل هذه الحركة المسرحية رافدا من روافد تشكيل الوعي العام في مصر، خاصة بين الشباب، فعلى سبيل المثال، تقدم للمهرجان هذا العام ما لا يقل عن 500 فرقة، تم تصعيد 230 فرقة منها للمشاركة الفعلية، ما يعكس حجم المشاركة الشعبية والإقبال على هذه التجربة الإبداعية، وتسهم هذه المشاركات في تشكيل وعي هؤلاء الشباب بما يتماشى مع فلسفات الهيئة العامة لقصور الثقافة– باعتبارها جزءا من وزارة الثقافة– وبما يدور في البلد من متغيرات وتوجهات، فالمسرح هنا يتحول إلى أداة تثقيفية وتوعوية، تدعم استراتيجية الدولة في بناء الإنسان، وتعزيز انتمائه وفهمه لما يجري من حوله، ومن اللافت أن هذا النوع من الوعي لا يفرض من الأعلى إلى الأسفل، بل ينشأ من الشباب ولأجل الشباب، وهو ما يمنحه مصداقية وتأثيرا أقوى، فنوادي المسرح لا تكتفي بكونها مساحة للإبداع، بل هي أيضا منصة لتطبيق فلسفة المخاطرة، ولمواجهة التحديات التي مرت بها الدولة المصرية، عبر تقديم عروض تحمل رسائل عميقة وتناول للقضايا بالمجتمع وتطرح بأسلوب فني راق، وينتظر أن يشهد المهرجان الختامي مشاركة فاعلة من الشباب أنفسهم، من خلال عروض تعكس هذه الرؤى، وتفتح الباب لمزيد من الحوار حول القضايا التي تهم الوطن والمواطن، في إطار استراتيجية ثقافية طموحة تعتمد على الفن كأداة للتنوير. كيف تسهم هذه الفعاليات في اكتشاف طاقات مسرحية جديدة من خارج العاصمة؟ تعد نوادي المسرح بمثابة "نواة المسرح" الحقيقي، والمفرخة الأساسية التي تكتشف وتقدم الأجيال الجديدة من المسرحيين، فمن خلالها، يخرج الكاتب والمخرج والممثل ومهندس الديكور، وهي التي تطلق أولى خطوات المبدعين نحو فضاء المسرح الاحترافي، وعندما ينجح مخرج في تقديم عرض متميز من خلال نوادي المسرح، يعتمد رسميا ضمن قائمة المخرجين المؤهلين، ويفتح له الطريق لاحقا للعمل مع "فرق الشريحة"، وهي الفرق التي تحظى بدعم مالي أكبر وإمكانات إنتاجية أوسع. هل يكون هناك توجها معينا يطلب من الفرق في موضوعات العروض؟ فلسفة نوادي المسرح، ترتكز على منح الحرية الكاملة للشباب في اختيار النصوص، والرؤى الإخراجية، والأدوات الفنية التي يودون العمل بها، دون فرض قوالب جاهزة أو رؤى مسبقة من قبل الجهات المنظمة، ورغم هذه الحرية، تظل العروض ملتزمة بضوابط ومعايير معينة، تضمن أن يتحرك الجميع ضمن إطار منظم يحقق جودة فنية وفكرية عالية، والهدف في النهاية هو تمكين المواهب من التعبير بحرية عن رؤاهم، واكتشاف طاقاتهم في الكتابة، والإخراج، والتمثيل، والتصميم، وغيرها من عناصر العملية المسرحية، ومن خلال هذا المسار الطبيعي، تتشكل بنية مسرحية شابة قوية، تُسهم في تجديد الحركة المسرحية المصرية باستمرار، وفي إطار هذه الحرية الإبداعية التي تميز عروض نوادي المسرح، يحرص القائمون على المهرجان على ألا تكون هناك أي توجيهات مباشرة للمشاركين بشأن الموضوعات المطروحة، بل تترك لهم حرية اختيار القضايا التي يرغبون في معالجتها، وفقا لرؤاهم وتصوراتهم الخاصة، ومع ذلك، فإن هذه الحرية ليست مطلقة بمعناها الفوضوي، بل تخضع لضوابط أخلاقية ومجتمعية واضحة، تضمن احترام القيم الدينية، والثوابت الوطنية، وعدم المساس بأي جهة أو شخص، فالفنان من حقه أن يناقش كل شيء، ولكن عليه أن يفعل ذلك بشكل ذكي وخلاق، دون تجاوز أو إساءة، ومن هنا، تأتي أهمية التوظيف الفني الذكي للموضوعات، إذ إن بعض القضايا تتطلب حساسية خاصة في طرحها، ومن المهم أن يمتلك الفنان الوعي الكافي للتعامل معها بأسلوب يحترم الذوق العام ويُحافظ على قيم المجتمع، دون أن يفقد العمل قوته أو جرأته. ما الفكرة من إقامة المهرجان هذا العام على مسرح القناطر الخيرية.. ألم يكن المكان بعيدا؟ وجود المهرجان في مسرح القناطر الخيرية هذا العام يعد استغلالا جيدا لكل قدراتنا وإمكاناتنا المسرحية الموجودة، ويعد مسرح القناطر الخيرية واحدا من المسارح المهمة جدا، والتي من الضروري أن نستفيد منها كما أن انتقال المهرجان من القاهرة بالكامل إلى المحافظات يعد خطوة مهمة لابد من تشجيعها، ويعود المهرجان في حفل الختام إلى قلب القاهرة ويقام على مسرح السامر. هل هناك خطة لزيادة ميزانية المهرجان في السنوات القادمة لتوسيع نطاق الفعاليات أو تحسين جودة العروض؟ بالطبع، ميزانيات المهرجان تزداد كل عام مع ارتفاع الأسعار، سواء في النقل أو الإقامة أو النشرات أو المستلزمات المادية المختلفة، ولا شك أن هذا الارتفاع يحدث سنويا بشكل أو بآخر، ولكن لدينا خطة لدعم جميع العروض التي سيتم تصعيدها، من خلال مبالغ أكبر من المبالغ الحالية، كما تم تدعيم ميزانيات الإنتاج البسيطة، إلا أنها ما زالت بحاجة إلى مزيد من الدعم وسوف يتم زيادة الميزانيات من العام القادم. كيف يضمن المهرجان مشاركة عادلة لمختلف المحافظات، خاصة المناطق الحدودية والصعيد؟ المهرجان واحدًا من المهرجانات التي تحقق فكرة العدالة الثقافية في الأقاليم، حيث تقدم المشاريع من الفروع ثم ترفع إلى الإقليم، وتقوم لجان المشاهدة بتقييمها لمعرفة ما إذا كان الموضوع أو العرض المقدم قابل للإنتاج والدعم ويستحق أم لا، وبعد ذلك، يتم تنفيذ الإنتاج وتقديم العروض، ثم تنظم مهرجانات إقليمية يصعد منها الأجود والأفضل، وما نراه في المهرجان الختامي يعد نتيجة عادلة لما تم عرضه وتقييمه خلال تلك المراحل. إلى أي مدى يساهم المهرجان في دعم وتطوير الحركة المسرحية المحلية، خاصة في المناطق البعيدة عن العاصمة؟ المهرجان يعتبر واحد من فعاليات المهمة التي تساهم بشكل كبير في تحقيق حالة من العدالة المسرحية في مصر كلها ويعتبر واحد من آليات الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمواهب المسرحية المختلفة والمتعددة في الأقاليم الثقافية كلها وكل المسرحيين الكبار ماهم إلا نتاج لنوادي المسرح هذه الفكرة العظيمة التي بدأت في القرن الماضي ومازالت ترعى بشكل كبير من كل القائمين عليها من المسؤولين عن الإدارة العامة للمسرح والهيئة العامة لقصور الثقافة بشكل عام في كل المراحل العمرية المختلفة وهذا الأمر يحقق حالة من الاهتمام الكبير والسعادة لاكتشاف المواهب من نوادي المسرح، ويعد اكتشاف هذه المواهب جزءا أساسيا من تطور وتدفق الحركة المسرحية في الأقاليم، ومنها إلى مصر كلها، فحين يتم اكتشاف مخرج متميز ضمن فعاليات نوادي المسرح، يعاد تصعيده واعتماده ضمن المنظومة الرسمية، مما يمنحه الفرصة لإخراج عروض مسرحية أكثر احترافية، وبهذا، يضخ المهرجان "شريانا جديدا" داخل الجسد المسرحي، بما يضمن استمرار تدفق "الماء المسرحي"– إن صح التعبير– داخل المشهد المحلي، وهو أمر في غاية الأهمية، ويسهم في تجديد دم المسرح المصري بشكل حيوي ومستدام. هل يتم توثيق العروض وتتاح عبر منصات الهيئة؟ طبعا توثيق العروض المسرحية جزء من الرؤية الرقمية للهيئة العامة لقصور الثقافة في الفترة الحالية لعرضها على منصة الهيئة، وهناك في المستقبل تطبيق يتم تأسيسه لعرض عليه كثير من هذه التجارب المسرحية سواء للكبار أو الصغار وأيضا لدينا صفحة الهيئة تنشر عليها مقاطع من العروض المسرحية التي تقدم، وسيكون موجود عبر قناة الهيئة هذه العروض المتميزة وسيتم تصويرها وبثها للناس، وطبعا هناك رؤية رقمية للهيئة نحاول تحقيقها قريبا بالنسبة للعروض المسرحية. اقرأ أيضا| فرص إنتاج لشباب المسرحيين في «100 ليلة عرض» بالإسكندرية