زوبعة أثارتها أطروحات الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر حول جواز المساواة فى الميراث بين المرأة والرجل إذا ما تراضوا فيما بينهم، وقرروا ذلك. وكذلك توصيته بإجراء استفتاء شعبى وحوار مجتمعى حول هذا الأمر، تمهيدا لتغيير القوانين الخاصة بالمواريث لتناسب احتياجات الناس ورغباتهم. أصدرت جامعة الأزهر بيانا صارما تصف فيه ما طرحه دكتور الهلالى ب«الفكر الشاذ» وتكررت تلك المفردة «الشاذ» فى البيان أربع مرات فى أكثر من فقرة. والغريب فى الموضوع أن الدكتور الهلالى يقدم تلك الأطروحات مدعمة بمراجع فقهية ونصوص قرآنية، وأحاديث صحيحة وذلك باعتباره أستاذا ضليعا فى علوم الفقه، متبحرا فى نصوص الدين والتفاسير المختلفة التى قدمها الأئمة الأربعة، وعلماء الفقه على مدى التاريخ الإسلامى. أى أن الرجل ليس دخيلا ولا مدعيا، ولا هو ينسب نفسه لقوم ليس منهم، بل إنه عالم كبير فى مجاله، له العديد من المؤلفات، أشرف على العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه فى جامعة الأزهر، وغيرها من الجامعات. فلماذا نعادى الاجتهاد فى الفكر خاصة إذا تعلق هذا الاجتهاد بالدين!. شىء غريب فعلا لا يلتقى مع رغبة الدولة فى تجديد الخطاب الدينى، وتطويره وتحديثه ليتماشى مع العصر الذى نعيشه، وبذلك نثبت لأنفسنا وللعالم كله أن الإسلام يصلح لكل زمان ومكان، دين السلام، المحبة، المرونة وتقبل الاختلاف. لو أغلقنا الأبواب أمام تجديد الفكر الدينى لن نجنى إلا الندم. ولن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام. فالأمم تتقدم بالفكر، ولأننا دولة تتمسك بالدين فالتجديد فيه ضرورة وحتمية حتى لا ندخل فى دائرة مفرغة، نغلق على أنفسنا كل أبواب الانفتاح على العالم، والتحدث بلغة العصر الذى نعيشه. هذا الزمن فائق السرعة، لا يسمح لمن يقف مكانه بالبقاء، فإذا لم نتطور لن يكتب لنا البقاء. وغلق أبواب الاجتهاد أمام علماء الفقه هو خطأ فادح لن يفيد الإسلام ولا المسلمين. كثيرا ما أقمنا مؤتمرات تحت عنوان «تجديد الخطاب الدينى» لكننا حتى الآن نكتفى بالعنوان، ولا نجرؤ على اتخاذ خطوات عملية على الأرض، قرارات شجاعة تواكب العصر، وتحترم إرادة البشر الذين نزلت الأديان السماوية جميعا من أجلهم. افتحوا الأبواب، لا تسدوا آذانكم رفضا للاستماع لنقاش منطقى مقنع، مدعم بما جاء فى كتاب الله وسنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم). الدين يسر لا عسر، إذا بحثنا عن راحة الناس، وقدمنا الحلول الميسرة لحياتهم، نكون قد أهدينا شيئا نفيسا للإسلام والمسلمين.