رشيد مزكى: والدى من شجعنى للالتحاق بالأزهر لدراسة العلوم الشرعية ريسكاواتى سونورتو: منهج الأزهر الوسطى ساهم فى انتشار الإسلام فى بلدتي تحقيق: عامر نفادي منذ تأسيس الجامع الأزهر على أرض الكنانة مصر، ويحرص مسلمو دول آسيا على إرسال أبنائهم للتعلم داخل أروقة الأزهر والنهل من علومه، لنشر صحيح الدين فى بلادهم، ومحاربة الغلو والتطرف وكل ما لايمت للإسلام بصلة. اللواء الإسلامى التقت بعدد من الطلاب الوافدين الدارسين بالأزهر الشريف للتعرف على أحوال المسلمين فى بلادهم ورحلة وصولاهم إلى الأزهر الشريف. قال رشيد مزكي، من إندونيسيا وطالب بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، انتشر الإسلام فى كثير من دول العالم، بل وفى قارات مثل قارة آسيا دون أى حروب أو استخدام للقوة العسكرية، وكان ذلك بفضل أخلاق التجار المسلمين وأمانتهم وحسن معاملتهم لكل الناس بقرون الإسلام الأولي، وساعدهم على ذلك معرفتهم بعادات وتقاليد الشعوب فى الدول التى كانوا يسافرون إليها، لافتا إلى أن يُسر الوسائل الدعوية وسلامتها، كان له الأثر الواضح فى اجتذابِ الأفئدة إلى دين الله الحق، حيث اتسمت هذه الوسائل باللين والتسامح، اهتداء بقوله تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى أحسن». وأشار إلى أن دعوة الإسلام لا تفرق بين الأجناس البشرية، أو الألوان أو الأنواع أو الطبقات، فالجميع سواسية أمام الدعوة فى سبيل الله، ولذا يقول أتر بوري: (بمجرد أن يدخل الزنجى فى الإسلام يشعر بكرامة نفسه، بعد أن كان يعتقد ذاته عبدا، ويصبح فى نظر نفسه حرا)، ويؤكد ذلك سبنسر ترمنجهام بقوله: (فى حين نجد الكهنوت الغربى برسومه وتقاليده معقدا غاية التعقيد، مما ينفر النفس البشرية، فإن الإسلام يأخذ المجتمعاتِ الإنسانية بالرفق والأَناة، حتى لا تكون النقلة مفاجئة). وعن سبب قدومه إلى مصر، اوضح أن والده كان يحلم منذ قدومه إلى الدنيا، أن يصبح فى يوم من الأيام عالم أزهري، يعلم أهل مقاطعته صحيح الدين، ويسهم فى دخول الكثيرين من بنى شعبه إلى دين الإسلام، مؤكدا أنه يشعر بالفخر الكبير وهو اليوم طالب بجامعة الأزهر التى يحلم الكثير من أبناء شعبه اللحاق بها ونيل هذا الشرف الكبير. وأشار عبدالعزيز عبدالمتين النيجيري، طالب بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إلى أن التجار المسلمون كانوا سببا كبيرا فى إنتشار الإسلام فى بلادهم، فكانوا دعاة لدينهم بالفطرة، وكانوا المشعل الذى أضاء طريق الدعوة للإسلام، فانتشر من صدورهم فى أرجاء الكون، حيث كانوا نماذج مثلى يحتذى بها فى جميع الأعمال النافعة، لافتا إلى أن من أهم سماتهم الالتزام بتطبيق المنهج القويم فى سلوكهم، وفى حياتهم، فكان الصدق والأمانة، والإخلاص وعمل الخير من أهم الوسائل التى وصلوا بها إلى أعماق قلوب الناس، ومن هنا انطلقت دعوة الإسلام فى آفاق الدنيا، وانتشرت انتشارا منقطع النظير، شهد بذلك العدو قبل الصديق، والبعيد قبل القريب، والغائب قبل الشاهد. وأضاف أن الأزهر يحتل فى بلاده مكانة كبيرة، لذلك يحرصوا أشد الحرص على إيفاد أبنائهم للتعلم داخل جامعته، مؤكدا أن خريج الأزهر يعامل معامله خاصة، ويقدم على الجميع، وهو الأمر الذى يحفز الشباب على التنافس فى اللحاق بالأزهر للحصول على شهادته التى يعتبرونها وسام على صدورهم، وهو ما دفعه وشجعه منذ نعومة اظافره لأن يصبح فى يوم من الأيام طالبى أزهر، وأشكر الله جل وعلا بعد أن تحقق حلمي. وفى السياق نفسه قالت ريسكاواتى سونرتو، طالبة بكلية الدراسات العليا بقسم الفقه العام بجامعة الأزهر، إن الرعيل الأول من التجار كانوا أهل علم ودراية بالمؤثرات النفسية على شعوبهم، فكانوا يقضون فترات طويلة متجولين بين القبائل، خاصة فى المواسم التى لا تستطيع دواب التنقل السفر ما بين الساحل والظهير، مما أتاح الفرصة أمامهم للاستقرار بين ظهرانى الأهالى والشعوب، مؤكدة أن اختلاط هؤلاء التجار بابناء الشعوب وكثرة احتكاكهم بهم كان له دور رائد فى نشر دين الله، حيث ترعرعت الدعوة الإسلامية فى ظلال التجار الذين غرسوها بأيد أمينة، وقلوب مخلصة، وهو الأمر الذى حمل عميد الدراسات التنصيرية ساللر إلى القول: (إن من أسباب انتشار الإسلام أن الاتصال الإسلامى كان أكثر، وأن التجار المسلمين كانوا يبدون للشعوب أنهم ليسوا بعيدين منهم، والعامل الأكثر أهمية: أن رسالة الإسلام إيجابية ، وسهلة الفهم)، ويؤكد ذلك بقوله: (فالمسلم لا يرسم خطا لونيا بين الأبيض والأسود، فهو يأكل ويتزوج مِن ذوى البشرة السوداء، ومن ثم فلا عجب إذا نظر الزنوج إلى الإسلام على أنه دين السود). وتابعت أنه هكذا فإن التجار المسلمين كانوا يدركون حقيقة أن من واجب المسلمين أن يكونوا جنودا لدينهم فى كل زمان ومكان، حيث كانوا يقضون معظم أوقاتهم فى الأمور التجارية، سعيا وراء كسب رزقهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن أعمالهم التجارية لم تصرفهم عن الدعوة إلى الله حيثما ساروا وأينما حلوا، وكانوا يقدمون كل ما يحتاج إليه العلماء والفقهاء من أمور مادية، كفتح المدارس، وإيقاف العقارات عليها، وبناء المساجد ومساكن الطلبة، كما كانوا يرسلون الطلاب النجباء فى بعوث إلى الجامعات الإسلامية فى المغرب ومصر، مشيرة إلى أن كل مكان وصل إليه هؤلاء التجار أقاموا الكتاتيب والمساجد والمدارس والمساكن، وقدموا المساعدات، ووقفوا العقارات. ولفتت إلى أن الأزهر الشريف ساهم بشكل كبير أيضا فى انتشار الإسلام فى بلادها، مؤكدة أن علماء الأزهر بعلمهم الغزير ومنهجهم الوسطى نجحوا فى جذب دخول الالآف من أبناء شعوبهم فى الإسلام، لذلك يحتل الأزهر وعلمائه لديهم مكانة سامية، وينظرون إليه على أنه مكان قدسى لا يقل أهمية عندهم من زيارة بيت الله الحرام. وقالت ريسا أمليا أوتامي، الطالبة بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: لقد وصل الإسلام إلى بلدى أندونيسيا، وهى أكبر أقطار العالم الإسلامى قاطبة، من حيث عدد السكان، عن طريق التجار العرب والفرس، فى القرن السابع الهجري، وشهد عام 676ه إسلام ملك جزيرة مالقة على التجار المسلمين، الذين قدموا إليها من مدينة جدة، ونشأت بذلك أولى ممالك الإسلام، فى تلك الناحية، وهى مملكة قدر لها أن تكون مصدر هداية لبقية أنحاء القطر. وأشارت إلى أنه عن طريق التجار العرب، القادمين من اليمن، والعراق، وصل الإسلام إلى الفلبين، خاصة فى جزر سيليبس، والمولوك، وصولو، وميندناو، ووصل إلى بلاد لاوس، وسيام، المعروفة اليوم باسم تايلاند، وبورما، المعروفة اليوم باسم مانيمار، ومناطق خليج البنغال فى الغرب، مؤكدة أن هناك دولا فى قارات أخرى لم يدخلها جندى مسلم واحد، ومع ذلك انتشر فيها الإسلام، انتشارا واسعا، كما هو الحال فى كثير من الأقطار الأفريقية، لاسيما تلك التى تقع جنوب الصحراء. وقالت: من المدهش أن هؤلاء التجار لم يكونوا دعاة محترفين، وكما يقول العلامة الدكتور على الغتيت: فقد اتضح للغرب أن الإسلام انتشر فى أفريقيا عن طريق العرب، الذين توغلوا فيها لنقل تجارتها إلى الشرق، وإلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، على أن العرب لم يكن لهم مبشرين، انقطعوا للدعوة للدين الإسلامى بين أهل أفريقيا، ولكن الأفريقيين هم الذين اعتنقوا الدين الإسلامي، طوعا واختيارا، كما لم يكن للعرب جندى واحد فى تلك الأراضي. مشيرة إلى أن كل ذلك ساعد فى تقديم صورة حسنة عنهم لدى السكان، أسهمت فى قبول ما دعوا إليه من الرشد القويم، وعملت بشكل كبير جدا فى نشر الإسلام فى تلك البقاع، الأمر الذى بهر أحد المؤرخين الإنجليز، المحدثين، وجعله يندفع إلى حد التعميم، فيقول: «إن الإسلام والتجارة يرتبطان إلى حد كبير». وأكدت أنه وشعبه يكنوا حتراما كبيرا للأزهر الشريف وشيخه الدكتور أحمد الطيب الذى أسهمت بشكل كبيرا فى ازدياد خريجى جامعة الأزهر، وتبنيه لقضايا بلاده وزيادة عدد المنح للطلاب الوافدين وتسهيل كل أمورهم. وقالت أحب أن أقدم رسالة شكر وتقدير للرئيس السيسى على دعمه الكبير أيضا للطلاب الوافدين وتسهيل كافة الإجراءات التى تسمح لنا بالدخول إلى الأراضى المصرية للدراسة داخل الأزهر الشريف.