مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمى، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصا. حل أزمة الأطباء، ليس بمنع الأطباء من السفر ، كما طرحت بعض الدعوات البرلمانية ، ولا بفرض قيود صارمة تلزمهم بالعمل داخل البلاد خمس سنوات قبل التفكير فى الهجرة، وليس الحل أيضا هو زيادة عدد الخريجين وفتح كليات طب جديدة ، فى الوقت الذى نعانى فيه من وجود كليات طب تفتقد التعليم الجيد ويعانى طلابها عدم وجود مستشفيات خاصة بها لتدريبهم وتأهيلهم. يجب أن تشعر الدولة أن زيادة معدلات هجرة الأطباء مشكلة حقيقية ستظهر آثارها على المدى البعيد ، فحتى لوكانت هذه الهجرة تحقق للدولة زيادة فى تحويلات «العملة الصعبة»، فإن استمرار نزيف هجرة الأطباء هو خسارة أكبر لمصر ستظهر مخاطرها خلال سنوات قليلة ، فالهجرة تستقطب دائما أفضل العناصر من أصحاب الخبرة والكفاءة ،ولن يبقى فى مصر إلا الذين فشلوا فى الحصول على «فرصة سفر» لضعف خبرتهم ، وهو ما يعنى ببساطة، فقدان مصر جزءا كبيرا من قوتها الناعمة ، وحرمانها وحرمان المريض المصرى من الكفاءات الطبية المدربة والمؤهلة، ليس هذا فقط ، بل إن هجرة الكفاءات تعنى اختفاء الأستاذ او الاستشارى الذى يعلم ويدرب وينقل خبرته للخريجين، تعنى اختفاء الجراح الكبير الماهر الذى يتعلم منه الطبيب الصغير داخل حجرة العمليات ، ويلتقط منه أسس ومهارات الجراحات الكبرى كالقلب المفتوح والمخ وغيرها. وهو ما بدأت تعانى منه بالفعل بعض مستشفياتنا ، ومنها ما أعلنته مستشفيات جامعة الإسكندرية منذ أيام عن خلو 117 وظيفة من الوظائف الإكلينيكية للأطباء المقيمين فى مستشفيات جامعة الإسكندرية ومعهد البحوث الطبية بالجامعة،. آخر رصد صادر عن «الجهاز المركزى للإحصاء» فى مصر، فقد انخفض عدد الأطباء بالبلاد إلى 97.4 ألف طبيب فى عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب فى 2021، بانخفاض بلغت نسبته 3.3 فى المائة. وتفيد الأرقام بأن «مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً»، بينما المعدل العالمى، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً. رئيس الوزراء المصرى قال إن الدولة ستعمل على حل مشكلة هجرة الأطباء ، بزيادة عدد الخريجين من 15 ألف إلى 29 ألف طبيب سنويا خلال 6 سنوات ، لكنى أخشى أن تفسر تصريحات رئيس الوزراء على أنها تجاهل متعمد لمشكلة الأطباء ، وعدم وجود أى نية من الدولة لفتح الملف ، وعلاج المشكلة وطرح حلول حقيقية تحقق التوازن لجميع الأطراف.