بعد وفاة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، وانتهاء فصل استثنائي من فصول التاريخ الكنسي.. فصل كُتب بلغة البساطة، وحُبره كان التواضع،تردد في أروقة الفاتيكان وفي قلوب الكاثوليك بل والعالم أجمع، سؤال: «ماذا بعد فرنسيس؟» ومن سيرتدي الرداء الأبيض بعده؟؟. بعد إعلان الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس، تبدأ واحدة من أعقد وأقدس اللحظات في تاريخ الكنيسة، وهي، مراسم وداع راعيها، وانتخاب من يخلفه. اللحظة الأولى تبدأ بإعلان رسمي عن وفاة البابا، وهو ما قد حدث بالفعل عقب إعلان الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس منذ قليل، بعدها يتولى الكاردينال "الكاميرلينغو" مسؤولية التأكد من الخبر، حيث يقترب من الجثمان في مصلى خاص، ينادي اسمه ثلاثًا، دون رد، بعدها، يتم كسر خاتمه البابوي رمز سلطته وينغلق باب شقته إلى الأبد. لتُغلق أبواب الفاتيكان على حزن رسمي، وتدخل الكنيسة الكاثوليكية في طور الانتقال، المعروف باسم "المقعد الشاغر" (Sede Vacante). اقرأ أيضًا| 88 عامًا من النضال الإنساني.. من هو البابا فرنسيس الذي غيّر وجه الفاتيكان؟ حداد يمتد لتسعة أيام يبدأ "النوفينديالي" تسعة أيام من الحداد والصلوات، وتوقد كنائس العالم الكاثوليكي شموعها، والفاتيكان يحتضن قداسات يومية على روح البابا الراحل. وفي العادة، يُعرض الجثمان في كاتدرائية القديس بطرس، فوق منصة فخمة، ليستقبل آلاف الزوار والمشيعين، من المؤمنين إلى قادة العالم. لكن البابا فرنسيس كسر التقليد، فلا منصة، ولا طبقات من التوابيت، فقط نعش واحد بسيط.. وكثير من التواضع. دفن خارج الفاتيكان البابا فرنسيس، الذي عاش بين الفقراء، قرر أن يُدفن بينهم أيضًا، رفض الكهوف البابوية تحت كاتدرائية القديس بطرس، واختار كنيسة سانتا ماريا ماجوري، الأقرب إلى قلبه، فهناك، صلى كثيرًا، وهناك سيُدفن.. بعد وفاة البابا فرنسيس من المفترض أن يُدفن في تابوت خشبي واحد، مُبطن بالزنك، ولا توابيت ثلاثية، ولا عملات، ولا قلوب محفوظة في جرار رخامية كما فعل أسلافه.. فقط مخطوطة واحدة تروي رحلته من حي شعبي في بوينس آيرس إلى قمة الروحانية في روما. بابا جديد ينتظر الدخان الأبيض من المقرر أن تبدأ مع انتهاء مراسم الجنازة، واحدة من أكثر العمليات سرية ورمزية في العالم، وهي "الكونكلاف"، حيث يدخل الكرادلة كنيسة سيستين، خلف أبواب مغلقة، بلا هواتف، بلا اتصالات، فقط صلوات وأوراق اقتراع. ويصوت 120 كاردينالًا، دون سن الثمانين، في جولات متتالية، بلا أسماء مُعلنة، ولا حملات انتخابية، فالشرط لمن سيخلفه، هو ثلثا الأصوات لمن سيُصبح البابا القادم. وكل تصويت ينتهي بإشارة إلى العالم، فإذذا خرج دخان أسود يعني "لا"، وإذا خرج دخان أبيض يعني "نعم" (قد وُجد بابا جديد)، لترتفع بعدها العبارة اللاتينية من شرفة الكاتدرائية: «Habemus Papam... لدينا بابا». اقرأ أيضًا| قادة وزعماء العالم ينعون بابا الفاتيكان: «المدافع عن السلام» دفنه خارج الفاتيكان.. بين الناس لأول مرة منذ أكثر من 100 عام، يُدفن البابا فرنسيس، خارج أسوار الفاتيكان، ليكون مع البُسطاء، فقبل وفاة البابا فرنسيس، طلب أن يُوارى الثرى في كنيسة القديسة مريم الكبرى، المكان الذي لطالما لجأ إليه خفية للصلاة، وكأنه يقول: "إنني واحد منكم.. حتى النهاية". رفض القصور، وركب السيارات الصغيرة، وعاش في دار ضيافة بدلًا من القصر الرسولي. واليوم، بعد وفاة البابا فرنسيس، رفض بابا الفاتيكان بوصيته امتياز الموت الفخم، البابا الذي هاجم الترف، اختار أن تكون جنازته امتدادًا لمبادئه، لم يكن بابا يُحب الواجهة..بل الروح. اقرأ أيضًا| وفاة البابا فرنسيس| وصية بابا الفاتيكان تغيّر تقاليد دفن استمرت قرونًا