ضعف أجور الأطباء الشبان ربما يكون العامل الأساسى فى هجرتهم رقم مخيف أعلنه أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء عن عدد الأطباء الشبان الذين خرجوا من مصر للعمل فى الخارج وتحديدا فى بريطانيا وألمانيا خلال عام واحد.. الرقم 7000 طبيب شاب أنفقت البلاد عليهم آلاف الجنيهات لكنهم فضلوا السفر للخارج. تذكرت صديقى الذى يعمل فى شركة مصر للطيران فى وظيفة كبرى عندما كنت أزوره فى بيته بالتجمع الخامس فى العام الماضى حينما فاجأنى بأن إحدى الرحلات المتجهة إلى بريطانيا كان معظم ركابها أطباء شبانا وأن ما استوقفه أن هذه هى المرة الثانية التى يشاهد فيها هذا العدد الكبير جدا من هؤلاء على طائرة مصر للطيران فى طريقها إلى مطار هيثرو فى لندن وكان من بينهم طبيبات. اتفقنا وقتها فى أن ضعف أجور الأطباء الشبان ربما يكون العامل الأساسى فى هجرتهم، فالمرتب هزيل لا يتعدى 3 آلاف جنيه، إضافة إلى السمعة الطيبة التى يحظى بها الطبيب المصرى فى الخارج وخاصة أوروبا، فهناك إقبال كبير على توظيفهم والاستفادة منهم، حيث يأتى الكود المصرى فى تعليم الطب فى أرقام متقدمة جدا. الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء قلل من الظاهرة، مؤكداً على «عدم وجود أزمة من الأساس» وموضحاً أنه «يوجد عدد كبير من الخريجين» من كليات الطب كل عام. وقال رئيس الوزراء خلال مؤتمر صحفى الأسبوع الماضى إن عدد الطلاب الذين التحقوا بكليات الطب هذا العام 29 ألف طالب، مضيفاً أن هؤلاء بعد بضعة أعوام سيتخرجون وفى حالة سفر 7000 أو 8000 منهم خارج مصر «فالأمر لا يشكّل مشكلة على الإطلاق» وأنهم سيكونون جزءا من قوة مصر الناعمة، حيث يكتسبون خبرات مهنية كبيرة ويحققون عوائد مالية تعود للدولة المصرية. نقيب الأطباء أشار إلى أن النقابة تعانى من أزمة هجرة الأطباء التى تزداد يوماً بعد يوم، معرباً عن قلقه من تزايد هذه الظاهرة التى وصفها ب«المرعبة». الدكتور إبراهيم الزيات عضو مجلس نقابة الأطباء أكد أنه يوجد عجز كبير فى الأطباء بمصر منذ فترة طويلة وقامت النقابة بالتنبيه لهذا الأمر وأن الكثير من المستشفيات فى بريطانيا وألمانيا تعتمد اعتماداً شبه كلى على الأطباء المصريين. وقال إن هناك أسباباً وراء تفضيل بعض الأطباء المصريين للسفر للخارج منها التدريب الطبى والدخل الكبير والبيئة الملائمة للعمل، موضحاً أن «نقص المستلزمات الطبية فى بعض المستشفيات تسبب فى ضغوط على طواقم الأطباء فضلاً عن عدم وجود السكن الملائم وتزايد حالات الاعتداء على الأطباء خلال تأدية أعمالهم ولذلك يفضل بعضهم السفر للخارج بعد انتهاء دراستهم». أتفق مع رئيس الوزراء فى أن لدينا أعدادا كبيرة من خريجى كليات الطب تكفى للعمل وأنه لا خوف من سفر بعضهم للعمل فى الخارج، لكننى أتخوف من عدم عودتهم وتفضيل البقاء فى الخارج بصورة دائمة. تصدير العمالة المصرية إلى الخارج شيء جيد وهناك دول فى شرق آسيا تصدر عمالتها للخليج وتستفيد من تحويلاتهم المالية كثيرا منها الهند على سبيل المثال خاصة المهندسين والأطباء وكذلك دولة مثل الفلبين أيضا. وأتذكر خلال وجودى فى الخليج خلال سنوات الثمانينيات أن الطبيب المصرى مفضل عند الكثيرين بسبب مهارته وخبراته التى اكتسبها على يد أساتذته فى مصر. فى رأيي، إن حصول الطبيب الشاب على مرتب شهرى عادل يضمن له حياة كريمة، خاصة شباب الامتياز، أحد العوامل الأساسية حتى لا يهاجروا، خاصة أن تعليمهم مكلف ماديا وتدفعه الدولة عن طيب خاطر لكنها بهذا الشكل لن تستفيد منهم لأن معظمهم لا يعود وسوف يستقر فى بلد الإقامة وربما لن يهتم بتحويل جزء من مدخراته لمصر. أضف إلى الراتب المناسب توفير بيئة عمل مناسبة وآمنة ومستوفية بالمستلزمات والإمكانات والأجهزة يضمن فيها الطبيب الأمان، وهو أحد العناصر المهمة لوقف سيل الهجرة إلى الخارج.