النظرة المتأملة للعالم بدوله وشعوبه تقول بقيامه على التنوع والاختلاف، الفكرى والثقافى والاقتصادى والسياسى أيضا، فى ظل الفوارق الطبيعية القائمة بين الأفراد والمجتمعات والنظم، التى هى فى مجملها صناعة بشرية واجتهاد واختيار إنسانى، فى إطار التوافق العام بين غالبية الناس على الشكل والمضمون للدولة ونظامها السياسى والاقتصادى والاجتماعى. وفى هذا الإطار تتعدد وتختلف وتتنوع النظم والسياسات والسياقات الاجتماعية للدول والشعوب، وفقا لتنوع واختلاف الاختيارات والرؤى والاجتهادات، وأيضا القدرة على تنفيذ تلك الرؤى والاجتهادات وكذلك أيضا الأحلام والطموحات والأمانى. وفى ظل هذا الاختلاف وذلك التنوع نرى دولا قوية وأخرى أقل قوة، وشعوبا غنية وأخرى فقيرة، ومجتمعات متماسكة وصلبة وأخرى مفككة ومهترئة، طبقا للقدرات والإمكانيات وأيضا لصواب الرؤية أو خطئها، وكذلك لصلابة الإرادة وقوة العزيمة أو هشاشتها وضعفها. ورغم هذا الاختلاف وبالرغم من ذلك التنوع، نجد أن هناك طريقا واحدا متفقا عليه بين جميع الدول والشعوب فى عالمنا هذا، يجب أن يسلكه ويسير عليه كل من يتطلع للقوة والغنى، واحتلال المكانة اللائقة به بين شعوب العالم ودوله. والطريق الوحيد والمتفق عليه من الجميع هو طريق العمل والإنتاج، والسعى الجاد والمتواصل للأخذ بأسباب التطور والتحديث والتقدم، وذلك بالعلم والمعرفة والعمل الجاد والمكثف على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يؤدى إلى وفرة الإنتاج وجودة المنتج. وللسير على هذا الطريق يجب أن نكون دائما وأبدا على وعى وإدراك كاملين، بضرورة الوقوف صفا واحدا وعلى قلب رجل واحد، فى مواجهة كل التحديات والصعاب والأخطار التى تواجهنا وتهدد مسيرتنا نحو البناء والتطور والتحديث والتقدم الذى ننشده ونسعى إليه. وأن نؤمن إيمانا كاملا أن طريقنا الوحيد للدولة المدنية القوية الحديثة، هو العمل والإنتاج والمزيد من العمل والإنتاج.