سمير لوبه أعرف جيدا أن ذلك العنوان قد يصيبك بالحيرة، أو ربما يثير فضولك لتعرف ماذا أعنى بهذين الرقمين ولِمَ أتخذهما عنوانا للقصة؟! لا بأس، فأنا أيضا عندما رأيتهما لأول مرة على تلك الورقة المطوية بإحكام شعرت بالحيرة نفسها، بل وربما أكثر.. فى تلك الليلة الباردة، وبينما أسير وحدى فى شارع جانبى تعبث فيه الرياح بلا رادع؛ فترتعد أضواء المصابيح الخافتة المعلقة على جدران البيوت العتيقة، وكنت عائدا من المقهى الذى اعتدت الجلوس فيه، حيث أقضى الوقت بين القراءة والكتابة، شىء ما جعلنى أتوقف فجأة؛ ورقة بيضاء مطوية تتقاذفها الريح، جذبتنى إليها لألتقطها، ليس من طبعى الفضول لكن تلك الورقة بدت كأنها تنتظر من يلتقطها، انحنيت والتقطتها، وعندما فتحتها، وجدت بداخلها رقمين فقط 13 أو 67 لا شىء آخر، لا توقيع، لا تاريخ، ولا حتى أثر يشى بقصد هذين الرقمين، ولماذا حرف العطف «أو» الذى يفيد التخيير. تلفت حولي، لم يكن هناك أحد، تساءلت: - من تركها هنا؟ ولماذا؟ وماذا تعنى هذه الأرقام؟ هل هى شفرة؟ رسالة مشفرة؟ عنوان؟ سن؟ مجرد أرقام عشوائية؟ ابتسمت بسخرية، ولا أعرف لماذا وضعتها فى جيبى، ومضيت أفكر.. - ربما هى مزحة من أحد الصبية المشاكسين! لكن عقلى لم يتوقف عن التفكير.. - ماذا لو كانت رسالة موجهة؟ لماذا أنا من وجدها وليس غيرى؟! عدت إلى بيتى، وهناك وضعت الورقة على الطاولة وتأملتها طويلا، راودتنى فكرة أن أتجاهل أمرها، أن أمزق الورقة وألقى بها فى سلة المهملات، لكنَّ شيئا غامضا يدفعنى أن أحتفظ بها، ألحت علىَّ فكرة البحث عن ماهية هذين الرقمين بالذات، بحثت على الإنترنت فى نظريات الاحتمالات، فى شفرات الحروب القديمة، لكن لم أجد تفسيرا مقنعا، ثم خطر لى أن أبحث فى الصحف القديمة، ربما كانا تاريخين مهمين؟ أو أرقاما ترتبط بحوادث أو أماكن؟ فأجد فكرة لقصة جديدة، وكلما أمسكت بهاتفى أبحث عن كل الاحتمالات حول الرقمين 13 أو 67، وذات يوم قادنى رقم 13 إلى حادثة قديمة نُشِرت فى إحدى الجرائد الصفراء قبل عشرين عاما، تتحدث عن رجل فاز بجائزة اليانصيب الكبرى، واختفى قبل أن يستلمها، وأن الرقم 13 كان الفائز، أما الرقم 67 فقد وجدته فى خبر آخر يتحدث عن رجل كان يسير فى شارع ضيق وجد فيه ورقة مكتوبا عليها ذات الرقمين، ولم يمضِ يومان حتى اختفى هو الآخر دون أثر.. انتابتنى قشعريرة. - هل هى مصادفة؟ أم أننى على وشك اكتشاف سر دفين؟ هل من الممكن أن يكون مصيرى الاختفاء بلا أثر؟ فى الليلة التالية قررت أن أعود إلى ذلك الباب القديم الذى وجدت عنده الورقة، ولما عدت إلى ذات الشارع كانت المفاجأة تنتظرنى؛ لم يكن هناك أى باب!! فقط جدار طلى حديثا، الباب لم يكن موجودا من الأساس، تسارعت أنفاسى حاولت أن أتأكد أننى فى المكان الصحيح، لكن لا أثر للباب فعلا، ولا لأى دليل على وجوده من الأصل، هل من المعقول أننى أتوهم كل ذلك؟ وبينما تلف الحيرة عقلى استدرت لأغادر، فسمعت صوتا خلفى، صوتا خافتا لكنه واضح: - الآن حان دورك.. اختر 13 أو 67.. تجمدت فى مكانى، شعرت بيد باردة تلامس كتفى، التفت، لم أرَ أحدا، شىء واحد هو الواضح تماما، الورقة التى كنت أحتفظ بها فى جيبى.. اختفت.