بسبب الوباء والحروب التجارية والرسوم الجمركية.. أزمة «بيض» في أمريكا

في خضم أزمة حادة تعصف بسوق البيض في الولايات المتحدة، وجدت البلاد نفسها فى مواجهة واقع غير مألوف، رفوف خاوية، وأسعار تقفز بلا هوادة، وصناعة أغذية تتعثر، تفشى إنفلونزا الطيور، وارتفاع التكاليف، والصراعات التجارية زادت الوضع سوءًا في هذه الأثناء. تلوح أوروبا كأمل محتمل، لكن قرار التصدير ليس بهذه السهولة؛ فالاتحاد الأوروبي ينظر إلى الطلب الأمريكى بعين الحذر تحكمه معادلات التجارة والاقتصاد، وتثقل قراراته الرسوم الجمركية والسياسات التى لا تُبنى فى ليلة، العلاقات بين الطرفين معقدة، يربطها تاريخ طويل من الشد والجذب فى قضايا التصدير والاستيراد.
◄ خطة إغاثة بمليار دولار لإنهاء الأزمة
يُعزى نقص البيض بشكل رئيسي إلى استمرار تفشي إنفلونزا الطيور شديدة الإمراض (HPAI)، والذي بدأ 2022، وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، أُعدم ما يقرب من 166 مليون دجاجة بياضة لمنع انتشار الفيروس، وفقًا لصحيفة «هيل» الأمريكية، وفى يناير 2025 وحده، تأثرت 18,8 مليون دجاجة، وهو أعلى إجمالى شهرى منذ بدء تفشى المرض. وبلغ متوسط سعر اثنتى عشرة بيضة رقمًا قياسيًا بلغ 4,95 دولار أمريكى، مرتفعًا من 2,52 دولار أمريكى فى العام السابق، فى بعض الأماكن، قد يصل سعر كرتونة البيض إلى 10 دولارات أو أكثر، وقد أدى هذا الانخفاض الحاد فى العرض إلى ارتفاع حاد في أسعار البيض.
◄ كوارث بالمزارع
وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية، أن ترتفع أسعار البيض بأكثر من 40% خلال العام الجاري، وفى عام 2023، بدأ نقص البيض وسط سلسلة من الحرائق الغامضة والكوارث الأخرى فى مزارع ومصانع الأغذية الأمريكية، وذكر بعض المزارعين أن علف الدجاج الذى تصنعه بيورينا Purina ربما تم تغييره لاحتواء كميات أقل من البروتين والمعادن، مما يجعل الدجاج غير قادر على وضع البيض، ومما أدى إلى إفلاس المنتجين، وفقًا لما ذكره موقع كليفلاند الإخبارى فى ولاية أوهايو، ويربط مذيع قناة «فوكس نيوز» الشهير، تاكر كارلسون، نقص الغذاء فى أمريكا بمشاكل الدجاج غير المبررة، ومن خلال برنامجه نقل تصريحات الإدارة الأمريكية التى تتعهد ب«زيادة ونشر نقص الغذاء»، وهذا ما صرح به الرئيس الأمريكى السابق، جو بايدن، فى مارس 2022 بوضوح، بأن نقص الغذاء «سيكون أمرًا حقيقيًا». كما قال إنه تحدث مع الحلفاء الأوروبيين حول «كيف يمكننا زيادة نقص الغذاء ونشره بسرعة أكبر»، وبسبب زلة لسان بايدن، تم حذف تصريحاته من على الإنترنت، ولكن لم يصحح البيت الأبيض البيان وقتها، ومع تداوله على وسائل التواصل الاجتماعى، مما دفع الفيسبوك إلى الإبلاغ عنه على الفور على أنه «أخبار مزيفة».
وقد أدى عدم الاستقرار العالمى في أسواق الحبوب إلى ارتفاع تكاليف أعلاف الدواجن، بينما أدى ارتفاع أسعار الوقود لزيادة تكاليف النقل. وقد أدت هذه العوامل إلى زيادة تكلفة إنتاج البيض، مما ساهم بشكل أكبر فى ارتفاع الأسعار، فيما لعبت النزاعات التجارية الدولية دورًا فى تفاقم الأزمة، فقد رفضت بولندا وفنلندا والدنمارك مؤخرًا طلبات الولايات المتحدة لاستيراد البيض بسبب خلافات حول الرسوم الجمركية، وتدخلت تركيا وكوريا الجنوبية لتوريد البيض، ولكن من غير المرجح أن تُسهم هذه الواردات فى استقرار السوق بشكل كامل. وتُسلط معركة الرسوم الجمركية الضوء على كيفية تأثير التوترات الجيوسياسية على سلاسل الإمداد الغذائى المحلية، وفقًا لصحيفتى «Times of India» و»India Today».
وقد أضاف السياق الأوسع للحروب التجارية مزيدًا من التعقيد إلى الأزمة، فبموجب خطة الرئيس دونالد ترامب للرسوم الجمركية المتبادلة، فُرضت رسوم جمركية على دول مُختلفة، بما فى ذلك دول مُصدرة زراعية بارزة مثل كندا والمكسيك والصين، وقد أثقلت هذه الرسوم سلاسل التوريد وزادت التكاليف على المنتجين والمستهلكين على حد سواء، إضافة إلى ذلك، أدت الرسوم الجمركية الانتقامية من دول أخرى تستهدف الصادرات الأمريكية إلى زيادة تشديد تدفقات التجارة الزراعية، حسب ما ذكرته مجلة «نيوزويك».
◄ اقرأ أيضًا | الاتحاد الأوروبي يسعى لتعزيز التعاون مع الإيكواس في قضايا الأمن والاستقرار الإقليمي
◄ تهريب وعقوبات
وأدى الارتفاع الهائل فى أسعار البيض إلى عواقب غير متوقعة، بما فى ذلك زيادة كبيرة فى التهريب من المكسيك. يُعد البيض أرخص بكثير جنوب الحدود، مما دفع الأمريكيين اليائسين إلى استيراده بشكل غير قانونى على الرغم من المخاطر الصحية والعقوبات القانونية.
◄ خطة إغاثة
استجابةً للأزمة، كشفت إدارة ترامب عن خطة إغاثة بقيمة مليار دولار تهدف إلى استقرار سوق البيض. وتشمل هذه الخطة استثمارات فى تدابير الأمن الحيوي، وتطوير لقاح للوقاية من إنفلونزا الطيور، وتقديم إغاثة مالية للمزارعين المتضررين، ومع ذلك، فإن هذه التدابير ستستغرق وقتًا حتى تُثمر، وفرضت متاجر تجزئة مثل كوستكو وتريدرجوز قيودًا على الشراء لإدارة العرض ومنع النزاعات بين العملاء، وفى الوقت نفسه، فرضت مطاعم مثل وافل هاوس رسومًا إضافية على البيض لتعويض التكاليف، فى حين أن هذه التدابير قد توفر راحة مؤقتة، يرى الخبراء أن إعادة بناء القدرة الإنتاجية المحلية أمر ضرورى لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.