داخل متحف بروكسل، تُعرض حاليًا قطعة أثرية فريدة من الكتان، تحمل بين طياتها لمحات من الطقوس الدينية والحياة الروحية في مصر القديمة، تعود هذه القطعة النادرة إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة، وقد تم العثور عليها داخل معبد الملك "منتوحتب الثاني" بالدير البحري في غرب الأقصر. تكشف هذه القطعة عن مشهد غني بالرموز والمعاني، يصور سيدة تدعى "نبو" وهي تقدم البخور للإلهة "حتحور"، المجسدة في هيئة بقرة داخل مركب، وسط غابة من البردي، في مشهد استثنائي داخل إطار فني يمثل رمز المعبد الهيروغليفي "حوت". ** القطعة وموقع اكتشافها عُثر على هذه القطعة النسيجية الثمينة خلال الحفريات الأثرية داخل معبد الملك "منتوحتب الثاني" في منطقة الدير البحري، وهي إحدى المناطق الأثرية الهامة بغرب الأقصر، والتي تُعد شاهدة على عظمة العمارة والديانة المصرية القديمة. ** الوصف الفني والديني للمشهد المشهد المصور على قطعة الكتان يُظهر سيدة تُدعى "نبو"، وهي تمارس طقس التبخير المقدس أمام الإلهة "حتحور"، المصورة بهيئة بقرة تقف داخل مركب. هذه الهيئة تمثل واحدة من أشهر صور "حتحور"، المرتبطة بالأمومة والحماية والموسيقى والخصوبة. تحيط بالمركب نباتات البردي، مما يعكس الطبيعة المقدسة والروحانية المرتبطة ببيئة الدلتا والنيل. ** الرمزية في الإطار والتكوين اللافت أن هذا المشهد يأتي محاطًا بإطار مربع يشبه رمز "حوت" الهيروغليفي، الذي يُشير إلى المعبد أو بيت الإله. وجود هذا الرمز كإطار يعزز من قدسية المشهد، كما أن البقرة التي تقف داخله تحمل اسم "حتحور"، مما يضفي بعدًا إضافيًا من التأكيد على الهوية الإلهية. ** الأهمية الأثرية والفنية تُعد هذه القطعة من الكتان مثالًا نادرًا على استخدام النسيج كوسيلة فنية لنقل العقيدة الدينية في مصر القديمة، حيث اندمجت الرموز الدينية بالفن التشكيلي والنسيجي في آن واحد. كما تمثل دليلاً ماديًا على استمرار تقديس "حتحور" حتى بعد عصر الدولة الوسطى، وعلى مدى تأثر الأجيال اللاحقة بها، خاصة في عصر الأسرة 18. اقرأ أيضا | نسخة نادرة من المصحف بخط حفيد النبي صلى الله عليه وسلم تُعرض في المسجد الأقصى تُعيد هذه القطعة تسليط الضوء على مدى تعقيد الرمزية الدينية في مصر القديمة، وعلى إبداع المصريين القدماء في توظيف عناصر الفن والبيئة والطبيعة في نسج طقوسهم الروحانية. كما تبرز أهمية المتاحف العالمية في الحفاظ على هذه الكنوز وعرضها أمام العالم، لتبقى شاهدة على حضارة خالدة لم تتوقف عن الإدهاش.