برنامج زيارة ماكرون لم يترك له لحظة لا يستمتع فيها بمصر، وشعبها وتاريخها وحضارتها، ولا يلمس بنفسه ارتباط المصريين بوطنهم ورئيسهم ودعمهم له. من داخل الطائرة الرئاسية المتجهة إلى باريس مساء الثلاثاء الماضى وفى لحظة وداع غير عادية اختار الرئيس الفرنسى ماكرون أن يخاطب المصريين بالعربية بكلمات بسيطة لكنها محملة بمشاعر صادقة قال فيها «شكرا جزيلا الرئيس عبدالفتاح السيسى.. شكرا جزيلا للمصريين». ونشر ماكرون على حسابه على منصة أكس رسالة جاء فيها «أغادر مصر بعد ثلاثة أيام مؤثرة رأيت فيها نبض القلوب فى ترحيبكم الكريم.. فى قوة تعاوننا.. فى الدعم الذى نقدمه معا لأهالى غزة.. فى العريش حيث يقاوم الأمل الألم.. شكرا لكم. تحيا الصداقة بين شعبينا». لم تكن كلمات ماكرون هذه مجرد مجاملة دبلوماسية، بل تعبير معنوى يستهدف أن يبدو أنه خرج من مصر بمشاعر جديدة عليه.. لحظات لمس فيها شيئا إنسانيا حقيقيا وتأثر فعلا بدفء الترحيب وقوة التضامن ومعنى الصداقة فى زمن الألم. كلمات ماكرون حملت بين سطورها تقديرا لموقف مصر فى ظل أزمة انسانية كبرى ورؤية لما يمكن أن يضيفه الأمل. حتى فى العريش حيث الألم حاضر لكن الإنسانية تقاوم «حسب وصف موقع وشوشة». وقبل أن أتعرض لتفاصيل زيارة ماكرون لابد أن أشيد بمن وضع برنامج الزيارة ليشمل كل هذه الفعاليات التى لم تترك له لحظة لا يستمتع فيها بمصر وشعبها وتاريخها وحضارتها ولا يلمس بنفسه حب وارتباط المصريين بوطنهم ورئيسهم ودعمهم له ووقوفهم خلفه مؤيدين له فى كل الخطوات التى يتخذها دعما للقضية الفلسطينية ورفضا لتهجير الشعب الفلسطينى طوعا أو قسرا لأن هذا ظلم لا يمكن أن تشارك فيه مصر وليس له إلا معنى واحد هو تصفية القضية الفلسطينية وهى قضية العرب الأولى التى لا يمكن التضحية بها أو التخلى عن حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدسالشرقية.. ولهذا فإن تحقيق السلام العادل والشامل والدائم فى المنطقة لا يتحقق إلا عبر حل الدولتين الذى يحظى بتأييد المجتمع الدولى ممثلا فى معظم دول العالم. وصباح الاثنين جرت مراسم استقباله فى قصر الاتحادية قبل أن تعقد قمة ثنائية جمعته بالرئيس السيسى توافقت فيها الآراء على رفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وضرورة العودة إلى وقف إطلاق النار فورا واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية دون أى تأخير، بعدها وصل العاهل الأردنى الملك عبدالله وانضم إلى الرئيسين فى قمة ثلاثية تبنت نفس الموقف تجاه القضية الفلسطينية وبادر خلالها ماكرون بالاتصال بالرئيس الأمريكى ترامب قبل لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وأبلغه بنتائج القمة الثلاثية وموقفها الداعى لوقف إطلاق النار فورا وإدخال المساعدات دون أية عراقيل والإفراج عن الرهائن وفقا للمقترح المصرى الجديد الذى يوازن بين مطالب حماس وإسرائيل ويقضى بضمان الولاياتالمتحدة لوقف الحرب وإعطاء الفرصة لبدء عملية اعادة إعمار غزة وفقا لخطة الإعمار المصرية التى أقرتها القمة العربية. عقب القمة الثلاثية زار ماكرون محطة مترو عدلى منصور التبادلية إحدى أهم صور التعاون المصرى الفرنسى فى مجال النقل والسكك الحديدية.. واستقل ماكرون والرئيس السيسى المترو وتوجه ماكرون إلى جامعة القاهرة لحضور ملتقى الجامعات المصرية الفرنسية حيث تم توقيع عدد كبير من بروتوكولات التعاون العلمى بين البلدين.. ومن أهم نتائج الزيارة أيضا انها توجت بترفيع العلاقات بين القاهرةوباريس إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية كما تم توقيع عدد كبير من الاتفاقات التى تدعم التعاون بين البلدين فى جميع المجالات. يوم الثلاثاء خصص لزيارة ماكرون للعريش حيث زار المستشفى وتفقد حالة الجرحى الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج فى مصر وزار مخازن المساعدات التى منعت إسرائيل دخولها غزة وتحدث مؤيدا جهود مصر فى هذا المجال.. كل هذا وسط مظاهرات شعبية لم تنقطع طوال اليوم رافضة تهجير الفلسطينيين تحت أى مسمى.