شهدت حياة النجم العالمي عمر الشريف العديد من المحطات الهامة، التي انعكست أحداثها بطبيعة الحال على مشواره الفني وحجم التنوع والثراء الذي ضمه هذا المشوار.. وأبرز هذه المحطات إن لم يكن أهمها، لقائه ب"سيدة الشاشة العربية"، الفنانة القديرة الراحلة فاتن حمامة، وقصة الحب التي ربطت بينهما، والتي خرجت عن إطار كونها علاقة عاطفية كللت بالزواج، إلى ما يمكن وصفه بمشروع فني فريد، كان نتاجه العديد من التجارب والأعمال التي أثرت السنيما المصرية والعربية، وكانت وما تزال أيقونة هامة وبارزة في عالم الرومانسية بين مختلف الأجيال. البداية كانت مع فيلم "صراع في الوادى" عام 1954، الذي كانت تدور أحداثه في صعيد مصر قبل ثورة 23 يوليو، عن شاب يدعى "أحمد" يعمل مهندسًا زراعيًا ويذهب إلى قريته في جنوب الوادي ليساعد والده "ناظر زراعة" في تحسين سلالة القصب، وينجح في ذلك، وشاركهما البطولة فريد شوقي وزكي رستم، والفيلم إخراج يوسف شاهين. كما شهد هذا الفيلم الظهور الأول للنجم الكبير عمر الشريف بصحبة فاتن حمامة، وبداية إقتران اسميهما لسنوات، شهد أيضا حلاوة البدايات، وشرارة الحب الأولى التي ربطت بين الثنائي في مشوارهما العاطفي والفني معا، حيث جاء اللقاء بترتيب من المخرج يوسف شاهين خلال فترة التحضير للفيلم، بعد ترشيحه للشريف لمشاركة فيه أمام فاتن، بديلاً عن شكري سرحان الذي كان أول المرشحين للدور، ولم يتعدى اللقاء كونه مجرد تعارف بين النجمة الشهيرة والممثل الشاب الذي يتحسس طريقه إلى عالم التمثيل. لكن وبمرور الوقت تحولت العلاقة بينهما إلى صداقة، ثم إعجاب متبادل خلال فترة تصوير الفيلم، يوما بعد يوم ومشهد تلو الآخر توطدت العلاقة بينهما، وكأنه ترتيب القدر تمهيدا لمشهد القبلة الشهيرة التي جمعت بينهما خلال أحداث الفيلم، وكانت أشبه بصدمة ومفاجأة لصناع الفيلم قبل الجمهور، فلطالما عرفت "سيدة الشاشة" بين المقربين منها من نجوم وصناع المجال برفضها التام لتصوير أي مشاهد تحوي قبلات مع أبطال أعمالها، حتى فوجئوا - وعلى رأسهم مخرج الفيلم يوسف شاهين - بقبول فاتن تصوير المشهد وبأداء تمثيلي كان مفاجئ للجمع، الأمر الذي شجع شاهين على استغلال الفرصة والإصرار على تكرار المشهد لأكثر من مرة للحصول على الأداء المثالي الذي يريده، وقد كان له ما يريد، قبلة طويلة وحقيقية أذهلت الجميع، وكانت الشرارة الأولى التي كشفت عن حقيقة وطبيعة المشاعر التي ولدت بين الثنائي، ولم يدركا حقيقتها، ولا من حولهما. "أيامنا الحلوة" التجربة الثانية التي جمعت بين الثنائي كانت عام 1955، حيث ألتقيا خلالها مع كل من "العندليب الأسمر"، عبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، في تجربة جديدة ومختلفة كليا عن لقائهما وتجربتهما الأولى في فيلم "صراع في الوادي"، إذ ظهر الثنائي هذه المرة بفكرة أكثر قربا وإرتباطها بقضايا الشباب من خلال قصة لأربع شباب، إحداهما فتاة فقيرة تعيش على سطح أحد العقارات، بجانب 3 شباب جميعهم يحبونها، وتحتاج الفتاة إلى إجراء عملية جراحية، ويعلم الشباب عن مرضها فيسارع كل منهم إلى مساعدتها. أما ثالث تجاربهما فكانت مع فيلم "صراع في الميناء" عام 1956، والذي تدور أحداثه عن شاب يدعى "رجب - عمر الشريف"، يهجر أهله ويعمل على سفينة، وعند عودته يكتشف صراعا في الميناء بين العمال و"الرجل الكبير" الذي تجمع "رجب" صداقة مع ابنه "أحمد رمزي" منذ الطفولة، لكنهما يتصارعان على حب "حميدة - فاتن حمامة" ابنة خالة "رجب"، مع مرور الوقت يعلم "رجب" أن أباه هو الرجل الكبير، و"ممدوح" شقيقه، وتتوالى الأحداث.. شهد هذا العمل واحدا من أكثر المواقف التي اثرت بشكل قوي ومباشر على علاقة الثنائي بصديقهما المشترك وشريكهما في بطولة العمل، الفنان أحمد رمزي، حيث قيل إن الشريف كان يحضر لتصوير مشهد بينه وبين رمزي، وكان المشهد يتضمن قيام الشريف بالشجار مع رمزي، وأن يوجه إليه عدد من اللكمات حتى يتمكن من إسقاطه على الأرض، لتتدخل بعدها الفنانة فردوس محمد "التي تؤدي دور أم رجب"، وتخلص رمزي من يد الشريف الذي يطبق على رقبته، لكن أثناء التحضير للمشهد حاول أحد المتواجدين بموقع التصوير الإيقاع بين الشريف ورمزي، فذهب إلى الأول وأخبره أنه رأى رمزي وهو يغازل فاتن في الخفاء، فاندهش الشريف كيف يفعل رمزي هذا الأمر؟، فما كان منه إلا أن استشاط غضبا، وتوجه لتصوير المشهد، وعندما أعطى شاهين إشارة البدء، انهال الشريف بقوة وجدية موجها لرمزي العديد من اللكمات التي كانت سببا في سقوطه داخل مياه الميناء الملوثة بمخلفات السفن.. وإندهش الجميع من ذلك الموقف، خصوصًا أن الشريف أخذ فاتن وترك موقع التصوير بعد المشهد مباشرة، وتسبب هذا الموقف في قطيعة بين الطرفين، وتأكد للجميع أن لا رجعة فيها، لدرجة أن بعد مرور عامين، وحينما عرض المخرج عاطف سالم على عمر الشريف المشاركة في فيلم "إحنا التلامذة" أمام شكري سرحان، وكان من المفروض أن يكون ثالثهما أحمد رمزي، لكن الشريف اعترض وطلب يوسف فخر الدين، واعتذرت فاتن حمامة عن المشاركة في نفس الفيلم وحلت محلها زيزي البدراوي، واستمرت القطيعة بين الشريف ورمزي 8 أعوام، إلى أن تقابلا يوماً في حفلة عيد ميلاد في منزل الفنان الراحل صلاح ذو الفقار، وتصافيا بعد أن عرف الشريف حقيقة الوقيعة التي حدثت طوال تلك المدة، وكانت عودة إلى صداقة أقوى من السابق, إذ عرض ذو الفقار على حمامة بطولة فيلم تشارك فيه الشريف، لكنه تنازل عن البطولة لرمزي، كعربون صداقة، وأعتذر عما فعله أثناء تصوير فيلم "صراع في الميناء". "سيدة القصر" مرة أخري يعود الثنائي لعالم العشق والرومانسية مع واحدا من أهم وأبرز الأفلام الرومانسية التي جمعت الثنائي على مدار مشوارهما، وما يزال حاضرا في ذاكرة السينما المصرية والجمهور بشكل عام، فيلم "سيدة القصر". الفيلم إنتاج 1958، وتتناول أحداثه فكرة الصراع والاختلاف في الطباع وأنماط الحياة بين طبقات المجتمع، معلقا رهانات كبيرا على الحب وتأثيره في إذابة الفروق والاختلافات، من خلال "سوسن" الفتاة الرقيقة الفقيرة التي تعاني اليتم - والتي برعت في تجسيدها فاتن حمامة - والتي تقودها الظروف للقاء عادل "عمر الشريف" الشاب الثري الذي يعجب بها ويحاول التقرب منها، لكنه يفشل، فيقرر الزواج منها، لكن ما أن يعودا من شهر العسل، يعود "عادل" الثري الطائش إلى نمط حياته الطائش، لتبدأ الفجوة بين الزوجين.. الفيلم شارك في بطولته إستفان روستي وعمر الحريري وزوزو ماضي، وإخراج كمال الشيخ. "نهر الحب" مرة أخرى يخوض الثنائي رحلة جديدة في عالم الرومانسية مع فيلمهما "نهر الحب"، آخر عمل جمعهما، وكان إنتاج 1960، والذي تناولت أحداثه قصة حب حملت الكثير من معان الرومانسية والتضحية والوفاء، حيث دارت أحداث الفيلم حول "نوال" الفتاة البسيطة التي تتزوج من مدير أخيها لإنقاذه بسبب اختلاس شقيقها مبلغا من عهدة موكل لديه، ومقابل تضحيتها تعيش "نوال" حياة صعبة مع زوجها، إلى أن تلتقي خالد "عمر الشريف"، وتنشأ بينهما قصة حب، ويعلم زوجها ويرفض أن يطلقها، وتتبدد كل أمالها، وتعود من جديد لمصيرها الذي لم تستطع الهرب منه، خاصة بعد استشهاد "خالد" في الحرب، والذي كنت نهاية مبكرة لقصة كانت كحلم لم تعش طويلا، واجتمع الثنائي في هذه التجربة مع كلا من زكي رستم وعمر الحريري، والفيلم إخراج عز الدين ذو الفقار. اقرأ أيضا: