الفكر يصنع الأمة، والأدب يقوّمها، والوعى يضعها على طريق الرشد. هكذا تربيت، وهكذا أرى مستقبل أمتى. مارس، المنقضى، أكون قد أمضيت سبعين عامًا فى هذه الدنيا!. أحمد الله على نعمه الكثيرة التى وهبنى، وأدعوه أن يحسن خاتمتى فيها. وأعترف أنها لم تكن سنوات سهلة ميسرة، بل كانت شقاءً وتعبًا ونضالًا، ممزوجة بالسرور والهناء. هكذا حال الدنيا، منذ ولادتك فيها. لا ترتبط بالفقر أو الغنى، بل ترتبط بالصحة والعقل. ترتبط بالاجتهاد والعمل. لا ترتبط بالصواب والخطأ، فكلنا يخطئ ويصيب، بل ترتبط بقدر السماح والرضا الذى تعيش فيه، وأوله السماح مع النفس. أن تكون قرير النفس، متسامحًا مع نفسك ومع الآخرين. وثانيها ألا تحقد على غيرك مهما كان معه، وأن تثق أنها أرزاق الله، سواء فى الصحة أو المال أو الزوجة أو الولد أو حتى العمل. الله سبحانه قسم الأرزاق بين العباد، هذا رزقه بالمال وآخر بالصحة، غيره بالولد أو الزوجة الجميلة أو الصالحة أو الرتبة والدرجة فى العمل، أو حتى المحبة بين الناس. المهم فى كل ذلك أن تكون راضيًا، قنوعًا بما قسمه الله لك. عن نفسى راضٍ تمامًا بما قسمه الله لى. وأرجو أن أكون قد أديت واجبى تجاه دينى ووطنى. وعن حقوقى وحقوق العباد، من ناحيتى فقد أعلنت أمام رب العباد أننى سامحت من أساء لى فى حياتى ومسيرتى منذ ولادتى، وأتمنى من كل من تصور أننى أسأت إليه أن يسامحنى، وأن يتجاوز عن أى خطأ قد ارتكبته فى حقه، لتكون صحفنا بيضاء أمام رب العباد، يوم نقف أمامه يحمل كل منا كتابه باليمين بإذنه تعالى. الإبراهيمية المشبوهة ! من المؤامرات الشائعة والمنتشرة هذه الأيام دعوة الرئيس الأمريكى ترامب إلى اتفاقيات تطبيع مع الكيان الصهيونى، أطلق عليها لقب «الإبراهيمية»!. هى دعوة سبق أن انخدع بها البعض، حتى أنهم منذ سنوات أقاموا معبدًا للأديان الثلاثة «اليهودية والمسيحية والإسلام» بهدف دمج الكيان الصهيونى فى بلاد العرب والمسلمين!. هذه ألاعيب يفهمها جيدًا الساسة والحكام، والحمد لله لم يتجاوبوا معها. كما تصدى لها أهل الحل والعقد من شيوخ الإسلام وقادة العرب والمسلمين ومنظماتها. تم رفض الفكرة تمامًا فى العديد من البيانات والمؤتمرات. لكن ترامب يعمد إلى إعادة الفكرة من جديد مرفقًا بها الكثير من التهديدات والوعود كعادته!. من هنا أذكركم بما قاله وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودى الشيخ صالح آل الشيخ : من المفاهيم التى تتعارض مع الإسلام «قصة الإبراهيمية» التى تتداولها بعض الأطراف فى سياق فكرة جمع أصحاب الديانات الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) تحت مسمى واحد يُنسب إلى النبى إبراهيم عليه السلام. فى القرآن قال الله تعالى : «ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا، ولكن كان حنيفًا مسلمًا». ثم قال: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ». وهذا بيان قاطع من الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين ورابطة علماء المسلمين ورابطة المغرب العربى: فكرة الدين الإبراهيمى يقوم على المشترك بين عقيدة الإسلام وغيره من العقائد وهى فكرة باطلة إذ الإسلام إنما يقوم على التوحيد والوحدانية وإفراد الله تعالى بالعبادة بينما الشرائع المحرفة قد دخلها الشرك وخالطتها الوثنية والتوحيد والشرك ضدان لا يجتمعان. والزعم بأن إبراهيم عليه السلام على دين جامع للإسلام واليهودية والنصرانية زعم باطل ومعتقد فاسد قال سبحانه (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). وبالتالى فإن السعى لدعم اتفاقات إبراهام للتطبيع والتَّركيع عَبْر تسويقٍ لدينٍ جديدٍ يؤازر التطبيع السياسى هو أمر مرفوض شكلًا وموضوعًا وأصلًا. مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أكد رفضه لدعوات الديانة الإبراهيمية، لأنها لا تتفق مع أصول أى دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه، ولا مع طبيعة الخلق وفطرتهم التى تقوم على الاختلاف فى اللون والعرق وحرية العقيدة. كما أنها تُخالف صحيح ما ورد فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. عمالقة الفكر الفكر يصنع الأمة، والأدب يقومها، والوعى يضعها على طريق الرشد. هكذا تربيت، وهكذا أرى مستقبل أمتى. وقد أثلج صدرى جهد زميلى الكاتب الصحفى القدير الدكتور مجدى العفيفى حين عاش وسط عمالقة الفكر والأدب فى عصرنا الحديث. مستشهدًا بمقولة عملاق الأدب والفكر د.زكى نجيب محمود: «الأولوية فى أى بناء حضارى إنما تكون للعقل وفكره، مثلما تكون للإرادة وفعلها، فسلطان الفكر هو مدار القياس لدرجات الحضارة، ومدارج التحضر». العفيفى أخرج لنا موسوعة تضم أفضل مفكرى مصر فى القرن الماضى. يكفى أن أذكر لكم الأسماء لتقدروا حجم هذا الجهد الفكرى والأدبى للكاتب القدير «زكى نجيب محمود»، «توفيق الحكيم - أنيس منصور - نجيب محفوظ - يوسف إدريس - محمد حسنين هيكل - إحسان عبد القدوس - بنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن - ثروت أباظة - عبد الرحمن الشرقاوى». من أفضل الكتب التى اقتربت كثيرًا من أعماق مفكرى وأدباء العصر الحديث، والذين ضمهم كتابه «فى الطابق السادس بالأهرام كانت لنا أيام». بالطبع أذكر مجدى ببداياتنا الصحفية فى مؤسسة «أخبار اليوم» وكانت تضم أيضًا عمالقة الأدب والثقافة والفكر، بل كانت سباقة فى عمل «يوميات الأخبار» لكبار المفكرين والكتاب، ثم انتشرت الفكرة فى المؤسسات الصحفية الأخرى. هذه هى قوة مصر الناعمة الخالدة عبر الزمان. وكما يقول الدكتور مجدى: عشتُ مع العمالقة وعايشتهم، وأنا فى عنفوان العمر، وتشكَّلت على جماليات شخوصهم وشخصياتهم، فى هذا المكان المسكون بالأسرار، والمكنون فيه شرائح كثيرة ومثيرة من ثقافتنا المعاصرة.. كتاب العفيفى يعج بكم من الأسرار.. وكم من الحكايات.. وكم من الوقائع.. وكم من الأحداث.. وكم من المكنونات.. وكم من الجواهر.. وكم من الكنوز. لو بيدى أخصص مساحة أكبر لهذه الموسوعة القيمة، عذرى يا مجدى أنك تعلم وتدرك المساحة المتاحة!. تسعير الأدوية تلقائيًا تعكف هيئة الدواء المصرية حاليًا على إعداد منظومة تسعير جديدة للمستحضرات الدوائية، تعتمد على تعديل أسعار الأدوية بشكل تلقائى، صعودًا أو هبوطًا، وفق سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وأسعار المواد الخام وأية متغيرات بتكلفة الإنتاج والتصنيع. هذا يعنى زيادات مستمرة وغير منطقية فى أسعار الدواء!. أرجو إعادة النظر فى هذا التفكير رحمة بالمرضى. أفلا يتدبرون يوجهنا سبحانه وتعالى فى أواخر سورة النحل إلى أفضل طريق للدعوة الإسلامية : «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ (128)».