هناك أعمال كثيرة راقية ومتميزة لاقت الاعجاب وحققت جماهيرية كبيرة خلال شهر رمضان، مثل وتقابل حبيب، وكامل العدد فرق كبير بين افلام بداية ونهاية والفتوة والاسطى حسن وبين الاسطورة والفهد والبرنس وسيد الناس، فرق كبير بين فريد شوقى ملك الترسو، ومحمد رمضان والعوضى وسعد، فرق كبير بين افلام وحكايات واهالى الحارة الشعبية المصرية الاصيلة، ودراما العشوائيات والبلطجية والسرسجية والهليبة. وعلى المستوى الدرامى أصبح شهر رمضان للأسف هو شهر المنافسة على أعمال الدراما السوقية، القائمة على الصراخ والسب والقذف والتطجين ومط الشفايف، والحجة كما قالها للأسف أحد أبطال هذه الأعمال، أنه يستهدف أولاد البلد، لأنه منهم، والحقيقة أن الفارق عظيم بين ابن البلد الشهم الجدع، وبين البلطجية والسرسجية أبطال هذه الأعمال. الأمر كان يستدعى بالفعل تدخل الرئيس السيسي، وأتفاءل خيرا بتوجيهه لرئيس الوزراء بتشكيل مجموعة عمل متخصصة لوضع صياغة ورؤية مستقبلية واضحة للدراما المصرية، وليس الهدف بالطبع هو تقييد حرية الفكر والإبداع، ولكن الهدف كما أتصور هو الارتقاء بمستوى هذا الفكر والإبداع، والهدف الآخر هو التنسيق بين هذه الأعمال وخاصة فى شهر رمضان، فلا يصبح 90٪ من الأعمال الدرامية فى هذا الشهر متشابهة فى المضمون والفكر القائم على هذه النوعية من الدراما. وبالمناسبة هناك أعمال كثيرة راقية ومتميزة لاقت الاعجاب وحققت جماهيرية كبيرة خلال شهر رمضان، مثل وتقابل حبيب، وكامل العدد، وضمت مقومات حقيقية للجذب والنجاح. وإذا تحدثنا مثلا عن مسلسل « كامل العدد»، فالبطل الحقيقى لهذا المسلسل هو القصة نفسها، والأجواء العائلية التى يرسمها المسلسل، الاجواء القائمة على مواقف متنوعة طبيعية تحدث فى كل بيت، مواقف لآباء وأمهات من أصناف مختلفة، الأب المتفانى، والأب الذى يخطئ لكنه يظل أبا، اخوة واخوات، بينهم علاقات محبة، ومنافسة احيانا، دروس تربوية مختلفة، وعلاقات اسرية ايجابية وسلبية تجدها فى كل بيت، والجديد والمبهر هو الاجواء الخاصة بركن «الجدود والجدات» ومشكلات هذه المرحلة التى غالبا ما يتجاهلها كتاب الدراما، او تتم معالجتها على هامش الاحداث الرئيسية، اما فى كامل العدد فأخذت هذه المرحلة العمرية حقها ومساحتها، بل وأخذت بعدا جديدا ايجابيا فى المعالجة، فتعرض المسلسل لمشكلات هذه المرحلة، مثل توتر العلاقة بين الأزواج وتأرجحها بين الحب والعشرة من ناحية، والملل والعند من ناحية أخرى، «لا بحبك ولا أقدر على بعدك» تعرض أيضا لمشكلة الوحدة والفراغ التى يعيشها ابطال هذه المرحلة العمرية، ولكنها كشفت حلولا إيجابية لاستثمار الوقت والخبرة، وإعادة اكتشاف الذات، وأن العمر لا يقف حائلا أمام التفكير فى بدء عمل جديد، أو حتى الحصول على قرض او البحث عن شريك لبدء مشروع جديد. وطبعا وراء العمل مخرج ذكى واع «شارب العمل»، ويعرف كيف يدير أبطاله ويخرج أفضل ما فيهم هو المخرج خالد الحلفاوى. تحية لمثل هذه الأعمال التى تترك بصمة وتشيع التفاؤل والبهجة، وتحمل فى نفس الوقت كافة عناصر الجذب والجماهيرية.