وتبقى مصر الدولة العربية الوحيدة التى لم تغب عن المشهد الفلسطينى والتى تسعى إلى إنهاء الحرب على غزة بالطرق الدبلوماسية إذا أراد الفلسطينيون أن ينجحوا فى مقاومة القصف الإسرائيلى لقطاع غزة فلابد من اتحاد جميع الفصائل الفلسطينية فى بوتقة واحدة لا تنصهر، لكى تصل الرسالة واضحة إلى العدو الصهيونى أن الشعب الفلسطينى على قلب رجل واحد. ومن الضرورى أن تنتهى حالة الفرقة بين هذه الفصائل لكى لا تستغلها إسرائيل فى مواصلة الاعتداء على القطاع وكذلك مدن الضفة الغربية. فى لحظات المحنة يجب على الجميع الاتحاد من أجل أن يتواصل الصمود فى مواجهة العدوان، لإفشال خطط إسرائيل الرامية إلى تهجير السكان والتخلص منهم للقضاء على حلم الدولة الفلسطينية، مستغلة ذريعة عدم التزام حماس بتنفيذ بنود اتفاقات الهدنة، لأننا جميعا نعلم أنها حجة باطلة، ومهما فعلت حماس باعتبارها الطرف الذى يتفاوض مع الكيان الإسرائيلى عبر الوسطاء فلن ترضى عنها إسرائيل، لأن الهدف هو التخلص من حماس المصنفة منظمة إرهابية فى الولاياتالمتحدة ومعظم دول أوروبا وبعض الدول الحليفة لإسرائيل. المسألة إذن باتت واضحة والغريب أن فتح دخلت على الخط فى هذه الظروف غير الطبيعية لتزداد المعركة اشتعالا بين أبناء الوطن الواحد وتخرج المظاهرات فى غزة تطالب بطرد حماس (حماس بره). لم أكن من مؤيدى هجوم حماس فى السابع من أكتوبر 2023 لسبب رئيسى بالنسبة لى وهو ضرورة قياس منطق القوة وتبعات ما سيحدث فى أعقاب الهجوم مهما كانت تبريرات قادة حماس، لكن المنطق يقول إن ما سوف أكسبه قليل جدا مقابل ما سوف أدفعه، وهذا ما حدث بالفعل بعد هذه العملية.. دمار كامل لغزة وسقوط عشرات الآلاف من المدنيين وإصابة آلاف آخرين وحصار شديد وحرب تجويع، فى غياب كامل لتدخل مجلس الأمن ودول العالم الحر حتى الدول الكبرى التى كنت آمل أن تتدخل لوقف هذه الحرب الهمجية لم تفعل أى شىء وكل يبحث عن مصالحه فقط، واكتفى معظمها بالشجب والاستنكار ومناشدة تل أبيب، بينما يسقط كل يوم ضحايا جدد وإسرائيل مستمرة فى عدوانها تساندها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب! والسؤال المتداول هو: أين الدول العربية مما يحدث فى غزة وما موقفها؟ والإجابة واضحة مجرد بيانات شجب وتنديد والأسباب واضحة تماما على الساحة السياسية.. بينما يستمر القصف الإسرائيلى على غزة وعمليات الاقتحام والمداهمات فى الضفة، هناك حالة عدم استقرار فى المحيط العربى، فهناك حرب فى اليمن والسودان ومشاكل عميقة فى لبنان وسوريا وتبقى مصر الدولة العربية الوحيدة التى لم تغب عن المشهد الفلسطينى والتى تسعى إلى إنهاء الحرب على غزة بالطرق الدبلوماسية، وطرح المبادرة المصرية التى تبنتها الدول العربية فى قمة القاهرة الشهر الماضى، ناهيكم عن مسعاها لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع المدمر والتوسط بين حماس والجانب الإسرائيلى، يقابله تعنت من إسرائيل التى تسعى لتحييد مصر لتنفيذ مخطط النزوح القسرى وإجبار الفلسطينيين على مغادرة مناطقهم بالقوة أو تحت التهديد وكذلك البحث عن دول تستضيفهم تحت حجة تحسين ظروف معيشتهم، وفى كل الحالات هو تطهير عرقى صريح وإسرائيل تتواصل مع عدد من الدول الإفريقية الفقيرة التى تعانى من الصراعات ليقبلوا وجود الفلسطينيين على أرضهم، وقد تنجح فى مسعاها مع رغبة بعض الدول الأوروبية فى استضافة عدد من الفلسطينيين وتسهيل إقامتهم بضغوط أمريكية، والحل أن يتمسك الفلسطينيون بأرضهم ولا يخرجوا منها مهما كانت التضحيات ومهما سقط منهم الكثير من الشهداء، وهذا الحل فى أيديهم هم وليس فى يد الآخرين واتحاد حماس مع فتح باعتبارهما أكبر منظمتين فى الكفاح الفلسطينى ولم شمل جميع المنظمات معا لمقاومة كل مظاهر التطهير العرقى الذى تمارسه إسرائيل ضدهم. لا يبدو فى الأفق أى حلول أخرى وإذا كان الموت يلاحقهم فالموت على أرضهم شرف وهم يدافعون عن عرضهم وأمامهم قصة صمود الجزائريين.