اللام الشمسية، تُكتب ولا تُنطق، بعكس اللام القمرية التى تُكتب وتُنطق.. قاعدة لغوية، يُعلّمها كل معلم لغة عربية لتلاميذه الصغار، لكى يفرقوا بين اللام التى نضطر أحيانًا لإخفائها نطقًا، لكنها حاضرة عند الكتابة، وتلك التى ننطقها ونكتبها.. وظفت كاتبة السيناريو البديعة، مريم ناعوم هذه القاعدة فى أحدث أعمالها الذى عرض فى موسم رمضان الدرامى، وحمل نفس الاسم، لكى تناقش قضية فى غاية الحساسية، والدقة، وهى قضية التحرش بالأطفال التى نتعامل معها كمجتمع على الدوام باعتبارها من «التابوهات» التى لا يجوز الاقتراب منها، ندرك وجودها ولكننا نتغافل عنها عمدًا، وننكرها رغم خطورتها. ولكن ناعوم نجحت مع المخرج العبقرى كريم الشناوى فى تحقيق المعادلة الصعبة، وأجبرونا جبرًا على متابعة العمل، الذى ورغم حساسية القضية التى يناقشها، لم يتضمن مشهدًا خارجًا، أو لفظة يمكن أن تستحى من سماعها بحضور أبنائك، اكتملت عناصر النجاح بمجموعة من الفنانين الذين أبدعوا فى نقل المشاعر الإنسانية لكل الأطراف: الجانى، الذى كان فى يومٍ مجنيًا عليه، وكيف يتخفى بين ظهرانينا، متسلحًا بمظهر أخلاقى براق ليرتكب جريمته السرية، والمجنى عليه الذى لم يدرك ماذا يحدث معه لأنه طفل برىء، لا حول له ولا قوة، ولا يعى ما يفعله معه شخص، من المفترض أنه من الدائرة الآمنة القريبة منه، سواء أهل أو أصدقاء. أبطال العمل أجادوا فى أداء أدوارهم باحترافية عالية، وهذا قد يكون أمرًا عاديًا، ولكن يبقى الطفل على البيلى مفاجأة العمل، توقفت كثيرًا أمام إتقانه العبقرى لدوره، بنظرات عينيه، وبخلجات أنفاسه، وإيماءاته وأحيانًا من غير أن ينطق كلمة، هذا الإبداع يحسب لمخرج أحسن اختياره من البداية، ووظف كل أدواته الإخراجية من حركة الكاميرا، إلى اختيار الكادرات، والإضاءة لنقل خلجات ومشاعر كل الأطراف. «لام شمسية» هكذا تكون الدراما كما ينبغى. لام شمسية يفتح الباب أمام الدراما التى نتمناها، وننتظرها لمناقشة كل التابوهات، ولكن الأهم كيف نناقشها ونقدمها، فهناك شعرة يجب المحافظة عليها، بين مناقشة الرذيلة، والتحذير من خطورتها، وأن يكون العمل الدرامى نفسه مروجًا ومشاركًا فى انتشار هذه الرذيلة .