كانت الاحتفالات بعيد الفطر ذات طابع خاص هذا العام. ربما لم يحدث من قبل بهذه الصورة. صحيح أن كل مصرى كان يُقابل شقيقه المصرى ليقول له كل سنة وأنت طيب. ويسأله عن أحواله وحياته. كان هذا يحدث كل عام. لكن فى عامنا هذا كانت المعايدة هى للتعبير عن نُصرة الفلسطينيين ورفض ما يقوم به العدو الإسرائيلى من إجراءات. حتى خطة الرئيس الأمريكى ترامب لتهجير الفلسطينيين قوبلت برفضٍ قاطع من الشعب المصرى بأجمعه. ففلسطين ستبقى فلسطين والدور المصرى سيظل كما هو منذ 1948 وحتى تقوم دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. أهل مصر أصحاب الذاكرة الوطنية الكُبرى لن ينسوا لحظة واحدة أن حصيلة الشهداء والإصابات من الأشقاء الفلسطينيين منذ 18 مارس الجارى بلغت 921 شهيدًا و2054 مصابًا. وكان عدد كبير من الشهداء من أطفال فلسطين الذين عبَّروا عن ارتباطهم بوطنهم ودفاعهم عنه حتى آخر رمق. وهكذا تحوَّل عيد الفطر المبارك إلى احتفالٍ مصرى كان أبرز ما فيه هتافات تقول: لا لتهجير الفلسطينيين. وشهدت كل محافظات مصر وقفات تضامنية دعمًا للموقف المصرى المساند للقضية الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى تقوم فلسطين. الرئيس عبد الفتاح السيسى شارك أبناء شهداء ومصابى قواتنا المسلحة وشرطتنا اليقظة احتفالية عيد الفطر المبارك بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية. وكعادته دائمًا وأبدًا فقد كرَّم الرئيس عددًا من أسر شهداء ومصابى القوات المسلحة والشرطة خلال الاحتفالية. وذلك فى مسجد المشير طنطاوى بالتجمع الخامس. وأيضًا أدى الرئيس صلاة العيد وسط الجماهير، وكان يقف على يمينه وعلى شماله أربعة من الأطفال من أبناء شهدائنا فى حرب مصر المقدسة ضد التطرف والإرهاب، وهذه الحرب إن كانت قد تمت من قبل فإن مصر تواصل معاركها ضد الإرهابيين الذين يتاجرون بالدين فى كل شبرٍ من أرض مصر. الرئيس السيسى كرَّم عددًا من شهداء الشرطة منهم: الرائد محمد جمال فريد محمود والذى استُشهد فى سبتمبر 2024، وقد تسلَّم التكريم زوجته وابنته. وأمين الشرطة أحمد عزت على محمود والذى استشهد فى مارس 2024 حيث تسلَّم التكريم زوجته وأبناؤه. من أبناء قواتنا المسلحة شمل التكريم الرائد أحمد حسين عبد الوهاب مصطفى والذى أصيب فى يناير 2015 وتسلم التكريم بنفسه وكان برفقته زوجته وأبناؤه. والنقيب بدر محمد بدر والذى أصيب فى يوليو 2015 حيث تسلم التكريم بنفسه وكانت معه زوجته وأبناؤه. ومن شرطتنا كرَّم الرئيس النقيب حسام الدين محمود أحمد عبد التواب والذى أصيب فى يونيو 2021 حيث تسلم التكريم بنفسه وكانت برفقته زوجته وابنه. والنقيب مصطفى محمد سعيد مصطفى عبد السلام والذى أصيب فى فبراير 2025. وهذا الاهتمام بالشهداء والمصابين من أبناء قواتنا المسلحة البطلة وشرطتنا الباسلة من المهم أن يتم وأن يقوم به زعيم تاريخي. فالرئيس السيسى يؤسس الآن مصر الحديثة. ألا يكفى أن العدو الإسرائيلى استغل عيد الفطر المبارك وقام بغارات وعمليات بريَّة فى كل أنحاء غزة خلال يوم العيد؟ مما أسفر عن 85 شهيدًا استشهدوا خلال 48 ساعة فقط. هذا غير أعداد ضخمة وغير عادية من المصابين سواء من النساء أو الأطفال. حيث لم يكتف العدو بذلك. بل قام بإصدار أوامر جديدة تطالب سكان رفح بالنزوح من المدينة التى تعرَّضت للويل خلال الفترة الأخيرة.. وفى مواجهة ما يقوم به هذا العدو البربرى الذى يفعل بالفلسطينيين ما لم يحدث من قبل فى أى صراع. وهذا دفع الفلسطينيين للوقوف على أنقاض منازلهم والقيام بزيارة أضرحة شهدائهم للتعبير عن ارتباطهم بالوطن. كانوا يرددون بصوتٍ واحد من الرجل الكبير حتى الطفل الصغير: - غزة يا غزة يا أرض العزة. ويكملون: - لا لا لا للتهجير. إنها معركة العصر والأوان. وكل من لم يُعلن وقوفه التام والمطلق مع الشعب الفلسطينى البطل فهو خائن لما يؤمن به. إن كان لديه ما يُعلن عن إيمانه بالحق الفلسطينى المشروع للدفاع عما تبقَّى من أرض فلسطين. إن من يقرأ الأدب الفلسطينى شعرًا أو روايات أو قصصًا قصيرة أو نصوصًا مسرحية سيكتشف حجم المأساة التى أصبحت أكثر وحشية مما جرى فى الحربين العالميتين الأولى والثانية.