واشنطن تؤكد: ترامب لن يسمح بضم أي جزء من الضفة الغربية إلى إسرائيل    القضاء الفرنسي يطالب بغرامة تاريخية على لافارج بتهمة تمويل الإرهاب بسوريا    واشنطن: لن نسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية    طقس اليوم الأربعاء.. موجة الأمطار مستمرة والسيول تضرب هذه المناطق    اليوم انطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في 13 محافظة    صحة أسيوط تنفذ 40 ألف زيارة وسحب 21 ألف عينة مياه لتوفير بيئة آمنة    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. 17 ديسمبر    واشنطن تهدد الاتحاد الأوروبي بالرد على قيود الشركات الأمريكية    البريد المصري يستضيف ورشة عمل "نظم وأدوات تكنولوجيا المعلومات"    في غياب مرموش، مانشستر سيتي يواجه برينتفورد في ربع نهائي كأس الرابطة الليلة    محمد رمضان: أمتلك أدلة تثبت أحقيتي بلقب «نمبر وان»    محمد علي السيد يكتب: عن العشاق.. سألوني؟!    حبس المتهمين باستغلال نادى صحى لممارسة الرذيلة بالقاهرة    هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على «كراسنودار» الروسية يتسبب في انقطاع الكهرباء    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بحلوان    مسئولو "الإسكان" يُشاركون بجلسات نقاشية بالمنتدى الوزارى العربي السادس للإسكان والتنمية الحضرية بقطر    وزير الاتصالات: تأهيل الشباب للعمل كمهنيين مستقلين يساعد فى توسيع نطاق سوق العمل وخلق فرص عمل لا ترتبط بالحدود الجغرافية    إنطلاق المهرجان الشبابي الرياضي للتوعية بالأنشطة المالية غير المصرفية    سيد محمود ل«الشروق»: رواية «عسل السنيورة» تدافع عن الحداثة وتضيء مناطق معتمة في تاريخنا    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    حالة من الغضب داخل مانشستر يونايتد بشأن رفض المغرب مشاركة مزراوي مع الفريق    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن هتافات مزعومة ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    مصرع شاب داخل مصحة علاج الإدمان بالعجوزة    رئيس محكمة النقض يترأس لجنة المناقشة والحكم على رسالة دكتوراه بحقوق المنصورة    الأزمات تتوالى على القلعة البيضاء، الأوقاف تهدد بسحب جزء من أرض نادي الزمالك بميت عقبة    38 مرشحًا على 19 مقعدًا في جولة الإعادة بالشرقية    حملة تشويه الإخوان وربطها بغزة .. ناشطون يكشفون تسريبا للباز :"قولوا إنهم أخدوا مساعدات غزة"    ياسمينا العبد: ميدتيرم عمل شبابي طالع من شباب.. وكل مشاهده واقعية جدًا    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    نصائح تساعدك في التخلص من التوتر وتحسن المزاج    بعد العودة من الإصابة، رسالة مؤثرة من إمام عاشور تشعل مواقع التواصل عقب فوز مصر على نيجيريا    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    تفاصيل مداهمة مجزر «بير سلم» ليلاً وضبط 3 أطنان دواجن فاسدة بالغربية    رجال السكة الحديد يواصلون العمل لإعادة الحركة بعد حادث قطار البضائع.. صور    اتحاد الكرة: نهدف لتتويج مصر بكأس أفريقيا    مسؤول إيرانى سابق من داخل السجن: بإمكان الشعب إنهاء الدولة الدينية في إيران    فيفا يكشف تفاصيل تصويت العرب فى «ذا بيست» 2025    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الحكومة هدفها خفض الدين العام والخارجى    ترامب يعلن أنه سيوجه خطابا هاما للشعب الأمريكي مساء غد الأربعاء    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    تليفزيون اليوم السابع يستعرض قائمة الأفلام العربية المرشحة لجوائز الأوسكار ال 98    ضياء رشوان: ترامب غاضب من نتنياهو ويصفه ب المنبوذ    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    "الصحة": بروتوكول جديد يضمن استدامة تمويل مبادرة القضاء على قوائم الانتظار لمدة 3 سنوات    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    مجلس النواب 2025.. محافظ كفر الشيخ يتابع جاهزية اللجان الانتخابية    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    المصريون بالأردن يواصلون الإدلاء بأصواتهم خلال اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد محمود يكتب : ثلاثة وجوه لانتصار « الاستثنائية »
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 03 - 04 - 2025

مع مرور الوقت واكتساب الخبرة، يطور كل ممثل طريقته الخاصة للوصول إلى لحظة الاستعداد للأداء الأفضل والاستثنائي للشخصية التى يجسدها، أعرف ممثلين بارعين في "مراقبة الشخصيات"، لدرجة أنهم يجمعون أصوات وسمات وعادات الأشخاص الذين التقوا بهم أو لاحظوها فى الحياة، ثم عندما يكون لديهم دور أو شخصية جديدة، يبحثون في "مجموعتهم" عن شيء يناسبها ويمنحها سمات خاصة تميزها، من هؤلاء الفنانة انتصار التى باتت بحق "ممثلة استثنائية"، إبحارها العميق والصادق والممتع لتلك النماذج البشرية التى تجسدها على الشاشة. هذا العام أبدعت انتصار في تقديم ثلاث شخصيات درامية تحمل في داخلها الكثير من المشاعر والسلوكيات المختلفة رسخت فيها خبرة السنين وثقل التجارب، أولها شخصية "إخلاص كابوريا" التي جسدتها من خلال أحداث مسلسل "أش أش"، حيث جسدت الراقصة المعتزلة التي تعرضت للظلم والقهر من زوجها وشقيقه, وأصبحت مغلوبة على أمرها, ومكسورة بغدر أيام وبشر بعد أن كان لها مكانتها وصيتها, وتحاول الانتقام على طريقتها بالتصالح مع الواقع تارة, والتمرد على هذا الوضع تارة أخرى.
أكثر من مشهد جسدت فيه انتصار واقعية الحالة، سكون وصراخ داخلى.. انفعالات بكامل وجدانها، كان مشهد الختام فى "اش اش " مؤثرا للغاية، أداء عظيم يلخص الخيط الرفيع بين إفاقة الحياة وغيبوبتها، فى المشهد، ترقد إنتصار على سرير المستشفى، بعد طعنة سكين غادرة من غريمتها، ثم لحظة شفاء أولى لتروي ظمأ ابنتها حنان، ويقظة بعد غفوة، وأمان بعد ضعف.. كل ذلك بنظرة عين توقظها وكأنها تفطنها من جديد لحياة بعيدة عن عوالم الأشرار.
وبمنظور مختلف تماما عن هذه الشخصية، ذهبت إلى منطقة أخرى من خلال أحداث مسلسل "80 باكو", الذي جسدت من خلاله شخصية "لولا" صاحبة كوافير، شخصية غنية, ومليئة بالمشاعر المختلفة, وقدمتها بالشكل الذي يتناسب مع واقع الأحداث لتخرج بصدق و واقعية، وكشفت قدرتها الفريدة على إضفاء الحياة عليها، كما لو أنها عاشت تجاربها فى حيوات سابقة كامرأة قُتل كبرياؤها حين هجرها زوجها، ليموت بين يدى امرأة أخرى ليتركها وحيدة بلا رجل أو أبناء.
هذا الفراغ العاطفى جعلها تعتبر العاملات فى الصالون كبناتها، تتألم لحزنهن، وتفرح لفرحهن، لكنها قبل كل شيء، كانت سندًا وحماية لهن، تمنحهن الدعم بلا شروط، وتغفر زلاتهن بحب يشبه حب الأم.
في نفس الموسم الدرامى جسدت انتصار شخصية "ألفت" زوجة المعلم رياض، السيدة الصعيدية بمنتهى الصدق والاحترافية من خلال أحداث مسلسل "قهوة المحطة"، رأيناها كيف تتعامل بدموع الشفقة والخوف من مصير مؤلم مع ابنها هانى المدمن، كانت تشعر بقلة الحيلة.
أتذكر في مشهد مؤثر أضاف بعدًا مأساويًا للحلقة الأخيرة، هى تطلب من رياض أن يأخذ الدواء وتقول له "متسبنيش لوحدى.. أنا خلاص مش عايزة حاجة من الدنيا"، كم كانت لنظرتها حضورها الطاغى وسط كم من المشاعر التى ملأت الكادر بعدا إنسانيا كبيرا.
.. ‬و ‬‮«‬ ‬ظلم ‬المصطبة ‬‮»‬ ..‬إبداع ‬فى ‬ملعب ‬الدراما ‬و ‬مباراة ‬فى ‬التمثيل
يبقى ‬مسلسل ‬"ظلم ‬المصطبة"، ‬في ‬منطقة ‬درامية ‬خاصة ‬ومميزة، ‬يسكنها ‬ذلك ‬الأداء ‬الملهم ‬والمبدع ‬لأبطاله ‬الذين ‬يتنفسون ‬حياتهم ‬كما ‬لو ‬كانوا ‬طوق ‬نجاة ‬لحياة ‬مجتمع ‬كادت ‬تقضي ‬عليه ‬عادات ‬خاطئة ‬وأعراف ‬قاسية ‬وهواجس ‬وأوهام ‬وأفكار ‬مظلمة.‬
يدخلنا ‬المسلسل ‬ومؤلفه ‬أحمد ‬فوزي ‬صالح ‬إلى ‬عالمه ‬الواقعي ‬وفق ‬سيناريو ‬وحوار ‬ينبض ‬إبداعا ‬متميزا ‬كتبه ‬محمد ‬رجاء، ‬في ‬رحلة ‬درامية ‬مليئة ‬بقصص ‬وحكايات ‬إنسانية ‬نابعة ‬من ‬بيئة ‬ريفية، ‬اشتقنا ‬لأجوائها ‬ومعايشتها ‬على ‬شاشة ‬الدراما ‬بتلك ‬الصورة، ‬تنطلق ‬الأحداث ‬من ‬عودة ‬"حسن"، ‬الذي ‬يجسده ‬إياد ‬نصار، ‬إلى ‬قريته ‬بعد ‬سنوات ‬من ‬الغياب، ‬ويجد ‬صديق ‬عمره ‬"حمادة - ‬فتحي ‬عبد ‬الوهاب" ‬قد ‬تزوَّج ‬من ‬حبيبته ‬"هند - ‬ريهام ‬عبد ‬الغفور"، ‬وأنجب ‬منها ‬طفلة.‬
ومع ‬مرور ‬الأحداث، ‬تتكشف ‬تفاصيل ‬عملهما ‬غير ‬المشروع ‬في ‬ليبيا ‬قبل ‬سنوات، ‬واضطرار ‬"حمادة" ‬للهروب ‬بالأموال ‬التي ‬كانت ‬بحوزته ‬بعد ‬علمه ‬بوقوع ‬صديقه ‬في ‬يد ‬المقاتلين ‬قبل ‬عودتهما ‬إلى ‬مصر، ‬ويدعي ‬كذبا ‬بأن ‬صديقه ‬سافر ‬إلى ‬إيطاليا ‬بعد ‬زواجه ‬من ‬سيدة ‬إيطالية، ‬لكنه ‬يفاجأ ‬بعودته ‬بعد ‬7 ‬سنوات ‬قضاها ‬في ‬السجن، ‬ليكشف ‬تفاصيل ‬ما ‬حدث.‬
عودة ‬"حسن" ‬لا ‬تكشف ‬فقط ‬تفاصيل ‬ما ‬جرى ‬في ‬ليبيا، ‬بل ‬تُسلط ‬الضوء ‬أيضاً ‬على ‬صدامات ‬عائلية ‬وحياة ‬غير ‬سوية ‬تعيشها ‬العائلات، ‬ف"هند" ‬حرمت ‬من ‬ميراث ‬عائلتها ‬بسبب ‬حبها ‬السابق ‬ل"حسن"، ‬كما ‬أن ‬زوج ‬"هند" ‬يفرض ‬سيطرته ‬على ‬شقيقتها ‬"سحر ‬– ‬بسمة"، ‬يمنعها ‬من ‬الذهاب ‬مع ‬زوجها ‬للعيش ‬معه ‬في ‬الإسكندرية ‬بالقرب ‬من ‬مكان ‬عمله، ‬ويستغل ‬أيضا ‬سطوة ‬أخيه ‬"الشيخ ‬علاء ‬– ‬أحمد ‬عزمي" ‬خطيب ‬المسجد.‬‮ ‬
علاقات ‬معقدة ‬وضغوط ‬باسم ‬العادات ‬والتقاليد ‬تفرض ‬على ‬"هند" ‬الاستجابة ‬لجميع ‬طلبات ‬زوجها ‬الذي ‬يتهمها ‬بالخيانة، ‬ويرفض ‬تطليقها، ‬ويعتدي ‬عليها ‬بالضرب، ‬وصولاً ‬إلى ‬إضطرارها ‬للدفاع ‬عن ‬نفسها ‬ومحاولتها ‬قتله، ‬ثم ‬قرارها ‬الهرب ‬بعيداً ‬عن ‬قريتهم ‬مستعينة ‬ب"حسن"، ‬إضافة ‬إلى ‬ذلك، ‬يرصد ‬المسلسل ‬التغيُّرات ‬التي ‬حدثت ‬لعائلة ‬"حمادة" ‬والسلطة ‬التي ‬اكتسبوها ‬بسبب ‬الأموال ‬التي ‬عاد ‬بها ‬من ‬ليبيا؛ ‬وتسببت ‬في ‬تغيير ‬نمط ‬حياتهم ‬وأسلوبه ‬بشكل ‬كامل ‬مع ‬سلطة ‬ونفوذ ‬جعلت ‬ما ‬يقوله ‬قرارات ‬واجبة ‬النفاذ ‬على ‬الفور، ‬بما ‬فيها ‬إبعاد ‬أشخاص ‬خارج ‬القرية ‬التي ‬يقيمون ‬بها.‬
شاهدنا ‬حالة ‬فنية ‬لم ‬نشعر ‬معها ‬بالغربة ‬بفضل ‬النضج ‬الكبير ‬في ‬الحبكة ‬والتسلسل ‬الدرامي، ‬والأداء ‬الممتع ‬في ‬مباراة ‬تمثيل ‬مدهشة ‬لشخصيات ‬مركبة ‬تقودنا ‬إلى ‬طرح ‬تساؤلات ‬حول ‬أوضاع ‬وأعراف ‬اجتماعية ‬باتت ‬غير ‬مقبولة، ‬كونها ‬تمثل ‬عنصرا ‬شائكا ‬في ‬العلاقات، ‬على ‬الرغم ‬من ‬صعوبتها، ‬خاصة ‬فكرة ‬الأحكام ‬المطلقة ‬عبر ‬جلسات ‬المصطبة ‬والنميمة ‬التي ‬في ‬نهايتها ‬حكم ‬على ‬البشر، ‬فالمسلسل ‬يناقش ‬هذه ‬القضية ‬الهامة، ‬فكرة ‬الاقتراب ‬من ‬الخطأ ‬حتى ‬لو ‬لم ‬ترتكبه، ‬فالمجتمع ‬يحاسبك ‬عليه ‬وكأنك ‬أخطأت ‬تماما.‬
كان ‬التعبير ‬البصري ‬للشخصيات ‬وأجواء ‬المكان ‬حاضرا ‬ومؤثرا ‬ربما ‬أكثر ‬من ‬الحوار ‬المباشر، ‬ليؤكد ‬أن ‬الدراما ‬الحقيقية ‬لا ‬تحتاج ‬إلى ‬كلمات ‬كثيرة ‬كي ‬تُحكى، ‬ليعتمد ‬على ‬النظرات، ‬الإيماءات، ‬وحركات ‬الجسد ‬في ‬توصيل ‬المشاعر ‬والأحداث، ‬ما ‬جعل ‬لحظات ‬الصمت ‬نفسه ‬وسيلة ‬تعبير ‬قوية ‬في ‬المواجهات ‬بين ‬كافة ‬الأطراف، ‬لتنقل ‬مشاعر ‬الخوف، ‬والاتهام، ‬وصوت ‬الضمير ‬الحائر، ‬والمصير ‬المجهول، ‬صمت ‬"هند" ‬و"سحر" ‬وأيضاً ‬"حسن"، ‬لم ‬يكن ‬خضوعًا، ‬بل ‬كان ‬احتجاجًا ‬دفينًا ‬عما ‬يواجهونه، ‬رغم ‬أن ‬"حسن" ‬كان ‬الأكثر ‬تمسكًا ‬بالمطالبة ‬بالحق، ‬إلا ‬أنه ‬كان ‬صامتًا ‬أغلب ‬الوقت، ‬لكنه ‬لم ‬يكن ‬استسلامًا، ‬بل ‬كان ‬صمتًا ‬يوحي ‬بأنه ‬يفكر، ‬ويخطط، ‬وينتظر ‬اللحظة ‬المناسبة ‬للحديث ‬أو ‬الفعل.‬
اعتمد ‬المخرج ‬على ‬لقطات ‬قريبة ‬ومركزة ‬على ‬العيون، ‬وكانت ‬الكاميرا ‬مُترجمًا ‬للصمت، ‬حيث ‬التقطت ‬لحظات ‬التوتر، ‬الخذلان، ‬والخوف ‬بمهارة، ‬لتوصيل ‬الرسائل ‬بالقطع ‬نجح ‬هذا ‬الأسلوب ‬بفضل ‬ممثلين ‬بارعين ‬قادرين ‬على ‬إيصال ‬الأحاسيس ‬الداخلية ‬بوضوح، ‬فوجدنا ‬عيون ‬مليئة ‬بالقصص ‬المكتومة ‬لدى ‬سحر، ‬هدوء ‬يسبق ‬العاصفة ‬لدى ‬"حسن"، ‬وصرخة ‬دفينة ‬لدى ‬"هند"، ‬ارتباك ‬وصمت ‬يخفي ‬أسرارًا ‬كثيرة ‬لدى ‬"الشيخ ‬علاء"، ‬قوة ‬تخفي ‬وراءها ‬ضعف ‬عند ‬"حمادة"، ‬حالات ‬من ‬التعايش ‬والتناغم ‬الفني ‬مع ‬شخصياتهم ‬التمثيلية ‬بشكل ‬واقعي ‬قائم ‬على ‬المدرسة ‬المنهجية ‬في ‬التمثيل ‬لتشكل ‬إبداعاً ‬في ‬ملعب ‬الدراما ‬بفضل ‬لاعبين ‬كبار ‬في ‬مباراة ‬التمثيل.‬
اتوقف ‬عند ‬مشهد ‬مهم ‬تضمن ‬أداء ‬تجربة ‬"البشعة" ‬الخطيرة ‬لكشف ‬كذب ‬"هند" ‬رغبةً ‬من ‬زوجها ‬"حمادة" ‬الذي ‬شكك ‬في ‬خيانتها ‬له ‬مع ‬صديقه ‬"حسن"، ‬الذي ‬نصب ‬عليه ‬في ‬أمواله ‬دون ‬جدوى ‬للمحاولات ‬الودية ‬لاستعادتها ‬منه.‬
"ظلم ‬المصطبة" ‬عمل ‬لمسنا ‬وجذبنا ‬بتحدياته ‬والقضايا ‬التي ‬يناقشها، ‬فالعمل ‬ذكوري ‬ضحيته ‬أنثى، ‬فنحن ‬مجتمع ‬يحكم ‬على ‬من ‬يقترب ‬من ‬الخطأ ‬وكأنه ‬أخطأ ‬ويحاسب، ‬وخاصة ‬المرأة، ‬لذا؛ ‬لابد ‬من ‬رمي ‬حجر ‬في ‬المياه ‬الراكدة.‬
نجح ‬المخرج ‬محمد ‬علي، ‬ومعه ‬عمرو ‬موسى، ‬بمفردات ‬فنية ‬ثرية، ‬في ‬إبهارنا ‬بالتحولات ‬الدرامية ‬والاهتمام ‬بأدق ‬التفاصيل ‬وحالة ‬الانسجام ‬والكيمياء ‬التي ‬جمعت ‬نجومه ‬ريهام ‬عبدالغفور، ‬إياد ‬نصار، ‬فتحي ‬عبدالوهاب، ‬بسمة، ‬محمد ‬علي ‬رزق ‬وأحمد ‬عزمي، ‬الذي ‬يجسد ‬شخصية ‬رجل ‬متدين ‬بأسلوب ‬غير ‬نمطي، ‬لتقديمه ‬دوراً ‬مختلفاً ‬بعمق ‬وتفاصيل ‬مميزة، ‬خصوصاً ‬مع ‬المساحة ‬التي ‬أتيحت ‬له ‬داخل ‬العمل ‬وجعل ‬من ‬التألق ‬شيئا ‬طبيعيا، ‬كذلك ‬أجواء ‬التصوير ‬المكانية ‬الطبيعية ‬والديكور ‬والموسيقى ‬التي ‬شكلت ‬بطولة ‬وتناغم ‬من ‬نوع ‬آخر، ‬والتي ‬قدمها ‬محمود ‬الخطيب ‬و ‬الوايلي ‬ليشعر ‬الجمهور ‬بأن ‬العمل ‬يشبههم ‬ويقترب ‬من ‬واقعهم ‬وشكلهم ‬فلا ‬يشعرون ‬بالغربة ‬في ‬أثناء ‬المشاهدة.‬
اقرأ أيضا: شيماء سيف تعلن إنهاء خلافتها مع انتصار: «والله أنا بحبها»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.