هرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الأمام وذلك بعد أن استمر في اختراق وقف إطلاق النار والتوغل براً فى جنوب قطاع غزة، في محاولة للتغلب على الاحتجاجات التى تحاصره على خلفية قرار حكومة الاحتلال بإقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، وسط مخاوف من أزمة دستورية، لتكون الحرب فرصة مواتية يعيد من خلالها التأكيد على أهدافه المعلنة والمرتبطة باستعادة الأسرى وتفكيك حركة حماس والقضاء عليها، فيما تبقى الأهداف الخفية حاضرة بخاصة فيما يتعلق بالسيطرة الكاملة على القطاع وتهجير المواطنين. ◄ ارتفاع حدة الاحتجاجات منذ عزل رئيس الشاباك وفشل استعادة الأسرى ◄ عبدالواحد: مشروع التهجير يجرى استكماله بمزيد من العنف والقتل ارتفعت وتيرة الاحتجاجات داخل دولة الاحتلال منذ قرار عزل رئيس الشاباك واستئناف حرب الإبادة على قطاع غزة وتنصل حكومة نتنياهو من اتفاق تبادل الأسرى، وذلك بالتزامن مع تجديد حكومة الاحتلال حرب الإبادة على قطاع غزة فجر يوم الثلاثاء الماضي، ما أسفر عن استشهاد نحو 640 فلسطينيا وإصابة مئات آخرين. ولم يقتصر الأمر على الضربات الجوية، حيث اتجه الجيش الإسرائيلى إلى العمليات البرية فى خطوة هدفت لتفويت الفرصة على أى مبادرات من شأنها أن تنجح فى العودة إلى مربع الهدوء داخل قطاع غزة واستئناف الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، كما هدفت دولة الاحتلال لفرض أمر واقع جديد يتعلق بإصدار قرارات إجرائية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم. وصادق المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية فى إسرائيل (الكابينت)، مطلع هذا الأسبوع، على مقترح وزير الدفاع يسرائيل كاتس، بإقامة إدارة نقل طوعى لسكان غزة الذين يبدون اهتمامهم بذلك إلى دول ثالثة، وفقا لرؤية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. ◄ آليات الجيش وبعد ساعات من هذا القرار تقدمت آليات الجيش الإسرائيلي في حى تل السلطان وسط إطلاق نار لا يتوقف، بينما تتحرك المدفعية من الشرق إلى الغرب، بينما حلقت الطائرات الحربية والمروحية فى الأجواء، إلى جانب طائرات الاستطلاع وكواد كابتر. ووفق بيان المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، تم تحديد شارع «غوش قطيف» كممر إنسانى للانتقال نحو منطقة المواصى غربا، مع منع تام لاستخدام السيارات فى عملية الإخلاء، وحذر البيان من أن البقاء فى المنازل أو مراكز الإيواء أو استخدام طرق غير محددة يعرض السكان وذويهم لخطر مباشر على حياتهم، وحاصرت قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلى عددًا من سيارات الإسعاف قرب رفح جنوب قطاع غزة، وفُقد الاتصال بطواقمها، وفقًا لما أعلنه الهلال الأحمر الفلسطيني، كما صادق الكابينت، على مقترح قدّمه وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، يقضى بفصل 13 مستوطنة فى الضفة الغربية عن المستوطنات المجاورة لها، والبدء بإجراءات الاعتراف بها كمستوطنات «مستقلة». ◄ إدارة الاستيطان ويأتي هذا القرار في إطار مشروع يقوده سموتريتش من خلال «إدارة الاستيطان» التابعة له، وذلك بالتوازى مع المصادقة على عشرات آلاف الوحدات السكنية في الضفة الغربية، فى خطوة فى مسار «تطبيع وتسوية» الاستيطان، بحسب ما جاء فى بيان رسمي. وقال اللواء محمد عبدالواحد خبير الأمن الإقليمي، إن إسرائيل لديها أهداف غير معلنة لكنها انكشفت منذ استئناف الحرب وتتعلق بالسيطرة الكاملة على قطاع غزة وتنفيذ مخطط الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ويبقى هذا أولوية تسعى لأن تحققها على أرض الواقع ثم تأتى فى مرتبة تالية القضاء على حركة حماس وتحرير الأسرى، مشيرا إلى أن اليمين المتطرف لا يفرق معه مسألة تحرير الرهائن من عدمه لكن هناك ما يهمه هو تحقيق الأهداف الكبرى التى يتم تنفيذها على الأرض. وأوضح أن مشروع التهجير يجرى استكماله ولكن بمزيد من العنف والقتل والتدمير بحيث تكون الحياة مستحيلة داخل القطاع ومن ثم إرغام الفلسطينيين على ترك القطاع، وأن تشكيل لجنة للتهجير التى أسماها الاحتلال بأنها «للتهجير الطوعي» تهدف إلى تهجير أهالى غزة قسرا إلى الخارج فى مخالفة لكافة القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، مشيرا إلى أن الاحتلال يوظف مسألة عدم التوافق عربيا على بقاء حماس ونزع سلاحها بشكل كامل، وتسير بمنهج القوة الممنوحة لها من جانب الولاياتالمتحدة فى ظل التهديدات الأمريكية المستمرة لدول المنطقة. ◄ الهدف الرئيسي ومن جانبه أكد الباحث والمحلل الفلسطينى أكرم عطا الله، إن الهدف الرئيسى لإسرائيل من استكمال الحرب يبقى تنفيذ مشروع التهجير، ومحاولة وأد أى مساعٍ دبلوماسية تهدف للعودة إلى طاولة التفاوض مرة أخرى، بخاصة أن هناك دعما دوليا وأوروبيا للتحركات العربية التى تقودها مصر فى الوقت الحالي، وأن دولة الاحتلال تدرك بأن أى فرصة للتجاوب مع هذه التحركات فإن ذلك لن يصاحبه أى استقرار سياسى داخلي، خاصة أن عودة الحرب اقترنت بعودة الوزير المتطرف إيتمار بن غفير إلى حكومة نتنياهو. وأوضح أن نتنياهو يحتاج إلى الوزير المتطرف لتمرير ميزانية حكومته نهاية هذا الشهر، وبالتالي فإنه لن يقدم على أى قرارات تمضى في طريق التهدئة طالما أن هذا الوزير موجود في الحكومة لأن رحيله اقترن بوقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن جزءا من الجنون الإسرائيلى الحالي يرتبط بالارتباك الداخلى نتيجة جملة من الأزمات، لافتا إلى أن دولة الاحتلال سوف تستمر في تنفيذ جرائمها بصمت لكى تصل إلى نقطة السيطرة الكاملة على قطاع غزة وطرد المواطنين. وهدد زعيم المعارضة يائير لابيد بالدعوة إلى إضراب عام فى حال رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الامتثال لقرار المحكمة العليا بتجميد إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلى (الشاباك)، رونين بار. وخلال تظاهرة حاشدة فى تل أبيب، السبت الماضى حذر لابيد قائلاً: «إذا قررت الحكومة تجاهل قرار المحكمة، فإنها تصبح حكومة خارجة عن القانون»، مشددًا على أن «الاقتصاد، والبرلمان، والمحاكم، والمدارس يجب أن تتوقف» احتجاجًا على هذا القرار. ◄ مظاهرات حاشدة وجاءت هذه التصريحات وسط موجة من الاحتجاجات ضد إقالة بار، حيث تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين فى تل أبيب، رافعين لافتات تطالب بوقف الحرب فى غزة وإعادة الرهائن، واعتبر المتظاهرون أن نتنياهو يقوّض الديمقراطية ويضع المصالح السياسية فوق الأمن القومي. وأكد المحلل السياسى الفلسطينى عماد عمر، أن نتنياهو هرب من كل الاستحقاقات سواء فيما يتعلق بإقالة رئيس الشاباك أو مستقبل المستشارة القضائية في إسرائيل أو قانون تجنيد الحريديم للذهاب باتجاه المرحلة الثانية من الحرب على قطاع غزة، مشيرا إلى أن الهدف يبقى هو إفشال صفقة تبادل الأسرى وجهود الوسطاء التى تستمر منذ بدء الحرب على القطاع فى أكتوبر من العام 2023، مشيرا إلى أنه يدرك بأن عدم تمرير الميزانية سوف يؤثر على الانسحاب الحكومى وفى حال حدث ذلك فإن البديل انتخابات رئاسية مبكرة لن يحقق فيها الأصوات المطلوبة لتشكيل حكومة جديدة. وأوضح أن نتيناهو قفز باتجاه التصعيد على غزة لكسب رضاء بن غفير، بعد أن وعده باستعادة القتال عقب انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار وهو ما تحقق بالفعل، ليكون بذلك لبى جميع مصالحه الشخصية لتفويت الفرصة على أى محاولات من شأنها إبعاده عن منصبه، بخاصة أن استئناف الحرب جاء فى اليوم الذى كان من المقرر أن يشهد محاكمته على التسبب فى عملية الطوفان الأقصى لكن جرى إرجاؤها لظروف عودة الحرب. وشدد على أن القاهرة والدوحة يمارسان ضغطا كبيرا لاحتواء الموقف ووقف التصعيد والضغط على حماس من جهة للوصول إلى نقطة التقاء؛ لكى يتم المحافظة على الهدنة غير أن ذلك يبدو أنه صعب التحقق على أرض الواقع، مشيرا إلى أن الضغط على الإدارة الأمريكية الحالية هى السبيل الوحيد للوصول إلى مرحلة خفض التصعيد، وبدون اقتناع إدارة ترامب فإن الحرب سوف تستمر. ◄ قوة الوساطة وأشار إلى أن جهود وقف إطلاق النار مجددا سوف تستمر ومصر تعد وسيطا قويا فى المنطقة ولديها المزيد من الأدوات للضغط على حماس والولاياتالمتحدة، إلى جانب الدور المماثل للدوحة، بخاصة أن استمرار العنف سوف يجر المنطقة كلها إلى الفوضى فى ظل توالى الضربات الأمريكية الحالية على الحوثيين فى اليمن وقد يكون هناك جبهات أخرى يتم فتحها سواء فى جنوبلبنان أو العراق. وعقدت اللجنة الوزارية لمجموعة الاتصال العربية الإسلامية، الأحد الماضي، اجتماعاً فى القاهرة مع كايا كالاس، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي، وذلك للتباحث حول آليات تنفيذ خطة إعادة إعمار غزة. وتضم اللجنة وزراء خارجية كل من مصر والسعودية والأردن والأراضي الفلسطينية وقطر وتركيا وإندونيسيا، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي، ووزير خارجية البحرين ووزير الدولة الإماراتي.