مرارًا وتكرارًا حذرنا من الطرق المختلفة للنصب والاحتيال، فللاسف كل مرة نرى ونسمع، لكن لا نستوعب الدرس جيدًا، لكن في الحقيقة الحيلة الأساسية في كل مرة تعلن عن نفسها، ويأخذها الجميع بالرضا والقبول والثقة العمياء دون شك نهائيًا، وهكذا ما ظهر خلال منصة FBC، عندما ظهر من يحني لحيته وبدأ حديثه بالحمد لله والثناء عليه، والصلاة والسلام على سيدنا النبى، ليس فقط بل يدعو بالصلاح والفلاح، ورغم أننا في عصر التكنولوجيا الرقمية، لم يعد النصب والاحتيال مقصورًا على الأساليب الحديثة فقط، لكن في بعض الاحيان استخدام الطرق القديمة وهي استخدام رموز دينية وشخصيات ذات ثقل اجتماعي لكسب ثقة الجمهور، فاستخدمها الكثير من قبل من بداية الريان وحتى من أشهر قليلة منصة هوجو بول لنقف امام الكارثة الاخيرة وهي تلك المنصة FBC.. للاسف كل هذه الطرق والحيل، اعتمدها وباركها مشايخ السلفية وحصلوا على الملايين تحت عنوان ومسمى مستشار دينى، والاغرب أن هؤلاء المشايخ لم يتحركوا بعد كشف عورة شركات النصب، بل الكارثة تتكرر في كل مرة ويخرج صاحب السبوبة الجديدة وبجواره عصابته من رجال الدين والشخصيات الدينية المعروفة للإعلان والترويج لهم، يدعون ويوهمون المصريين للكسب بالحلال، مما يسهم في إقناع الآف من الضحايا للاستثمار، ليكتشفوا لاحقًا أنهم وقعوا في فخ احتيالي محكم، لكن في حقيقة الامر، ليست هذه النصباية هى الأخيرة، فمازال النصاب يتنفس نصبًا، والطماع مراقبًا ومنتظرًا، وبين هذا وذاك تتواجد اللحية والجلباب فى انتظار من يتحلى بهما، حتى لو كان التحذير والتنبيه ليلاً نهارًا، تفاصيل اكثر إثارة سوف نسردها لكم داخل السطور التالية. معروف دائمًا أن النصاب يحوم حول فريسته، والفريسة سهلة وميسرة له، وعدة النصب على الرف وقت اللزوم، فهذه المنصات استخدمت أسلوبًا مدروسًا لاستقطاب ثقة الناس، حيث استغلت ظهور شيوخ ورجال دين معروفين في إعلاناتها، سواء عبر مقاطع فيديو مباشرة أو تسجيلات تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أنه للاسف نظمت حفلات فاخرة، شارك فيها بعض هؤلاء الشخصيات، بهدف إضفاء طابع من الشرعية والمصداقية على أنشطتها، كما كان لهذه الاستراتيجية تأثيرا هائلا، خاصة أن الكثيرين يميلون إلى الثقة في الشخصيات الدينية، معتبرين أن ظهورهم في أي إعلان أو فعالية هو بمثابة ختم ثقة وضمان للمصداقية. لكن الحقيقة كانت مغايرة تمامًا، فبعد اختفاء الأموال وكشف الخديعة، وجد الضحايا أنفسهم أمام واقع مرير، إذ لم يكن وجود هؤلاء الشيوخ سوى جزء من حملة تسويقية مدروسة تهدف إلى استدراج واستقطاب أكبر عدد ممكن من الضحايا المستثمرين، وبمجرد انكشاف الاحتيال، تنصل بعض هؤلاء الشيوخ من مسئوليتهم، مدعين أنهم لم يكونوا على علم بحقيقة المنصة، بينما اتهم آخرون بالتواطؤ مع المحتالين، وهكذا بالفعل ما حدث خلال احتفالات كثيرة لمنصة FBC، وآخرهم الاحتفال الاخير والذي كان الاضخم في تاريخ تلك المنصة والذي أقيم بمنطقة امبابه بمحافظة الجيزة؛ فقد تبين أن مسئول الشركة في مصر أقام عشاء عمل لضحاياهم، وحفلاً صغيرًا في منطقة كورنيش امبابة تحديدًا فى قاعة دار الياسمين، وذلك قبل أيام من إغلاق التطبيق والنصب على الضحايا، كما أن مسئول الشركة المدعو «ح.ع « تحدث في الاحتفالية مطالبًا بزيادة عدد الأفراد في المنصة، وشدد على ضرورة جلب المزيد من الزبائن، مع وعود بزيادة أرباحهم بنسبة كبيرة، كما حث المتواجدين في الحفل على توسعة نشاط المنصة وجلب جميع أقاربهم وأصدقائهم. اقرأ أيضا: المستريح الإلكتروني| «BTS» منصة احتيالية تنصب على ضحاياها بهدف الربح السريع البلاغ وضبط المتهمين وكان قد تبلغ لوزارة الداخلية من 101 مواطن بتضررهم من القائمين على منصة إلكترونية بمسمى «FBC» عبر شبكة الإنترنت لقيامهم بالاحتيال عليهم والاستيلاء على أموالهم والتي بلغ إجماليها قرابة «2 مليون جنيه» بزعم استثمارها لهم في مجال البرمجيات والتسويق الإلكتروني وإيهامهم بمنحهم أرباح مالية مزعومة. بعد التحريات الدقيقة؛ تبين أن العصابة تتألف من ثلاثة عناصر يحملون جنسيات أجنبية، كانوا يقيمون في مصر، مرتبطين بشبكة إجرامية دولية، نسجوا شبكة معقدة من الأشخاص في الداخل والخارج؛ حيث تم تجنيد 11 شخصًا لتأسيس شركة في القاهرة تعمل كمقر لعملياتهم الاحتيالية، وظلت المنصة تعمل عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث كان يتم الترويج للمشروع عبر رسائل مغرية تصل الضحايا واحدًا تلو الآخر، مقابل عمولات مالية وكذا توفير خطوط هواتف محمولة لتفعيل محافظ إلكترونية عليها بيانات وهمية لاستخدامها في تلقى وتحويل الأموال المستولى عليها، بينما كانت الأموال تتدفق إلى جيوب المحتالين، وعقب ذلك اغلقت المنصة ومقر الشركة؛ عقب تقنين الإجراءات، سريعا وتمكن رجال الداخلية من ضبط 14 منهم وبحوزتهم عدد من الهواتف المحمولة، و 1135 شريحة هاتف محمول، وجهاز «لاب توب»، ومبالغ مالية عملات مختلفة قيمتها مليون و270 ألف جنيه، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكابهم الواقعة على النحو المشار إليه، وقررت جهات التحقيق المختصة، التحفظ على المحافظ الإلكترونية الخاصة بالمتهمين في قضية منصة FBCالالكترونية، وذلك في ضوء إجراءات التحقيق الموسعة التي فتحتها في البلاغات المقدمة ضد المتهمين في القضية. وواجهت النيابة المتهمين البالغ عددهم 14 متهمًا بالتحريات الأمنية والاتهامات الموجهة له في البلاغات والمحاضر المحرر لهم في القضية، والتي وصلت ل310 بلاغ يتهم التشكيل بالاستيلاء على أموال المواطنين، وكذلك المعلومات التي كشفت عن شكاوى عدد كبير من المشتركين في منصة شركة FBC للتسويق الإلكتروني، الذين أكدوا تعرضهم لعملية نصب بعدما استولت الشركة على أموالهم، كما تم حبسهم على ذمة التحقيقات. مفاجأة كما أعلنت وزارة الداخلية المصرية، القبض على ثلاثة تشكيلات عصابية تحتال على المواطنين إلكترونيا، من خلال منصات تشبه FBC بعد تقدم مواطنين ببلاغات ضدها، وذكرت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها أنه استكمالًا لجهود أجهزة وزارة الداخلية لمكافحة جرائم النصب والاحتيال الإلكتروني على المواطنين وضبط عناصر التشكيل العصابي القائم على منصة FBC الإلكترونية، فقد رصدت1 ذيب ( 3 ) تشكيلات عصابية تقوم بنفس النهج بالاحتيال على المواطنين من خلال منصات إلكترونية بمسمى «GME – RGA – BTS» عبر شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، وأضافت أنه تقدم أعداد من المواطنين ببلاغات ضد القائمين على تلك المنصات لاستيلائهم على أموالهم بلغ إجماليها قرابة 12 مليون جنيه (قرابة 15 ألف دولار)، وتابعت أنه أمكن ضبط كافة المتورطين بتلك المنصات وعددهم (39 شخص) وبحوزتهم (كميات كبيرة من شرائح الهواتف المحمولة مفعل على بعض منها محافظ إلكترونية – عدد من السيارات – مشغولات ذهبية – عدد من الهواتف والحواسب المحمولة)، ولفتت إلى أنه «بلغ إجمالى قيمة المضبوطات المالية والعينية ما يعادل 75 مليون جنيه (قرابة مليون ونصف المليون دولار)، كما تبين أن تلك المنصات مرتبطة بتشكيل عصابى بالخارج ينشئ تلك المنصات وتشغيلها بعدة دول من ضمنها «مصر» وتحويل متحصلات المبالغ المستولى عليها للخارج بعد تحويلها لعملات رقمية عبر أحد التطبيقات الإلكترونية، واتخذت الإجراءات القانونية، كما حذرت وزارة الداخلية المواطنين من التعامل مع مثل تلك التطبيقات مجهولة المصدر التى يتم بثها عبر شبكة الإنترنت بزعم تحقيقها أرباح مالية سريعة لعدم تعرضهم للنصب والاحتيال وفقدان أموالهم. ففي النهاية النصب والاحتيال، والغش والخداع، وجوه متعددة لهدف واحد هو التلاعب بالآخرين، واستغلال حاجاتهم الشخصية بأبشع الصور والاشكال، لتحقيق أغراض نفسية دنيئة، أو مكاسب مادية أنانية، فعمليات النصب والاحتيال، في كل زمان ومكان، بوسائل شتى، وأساليب قد لا تخطر على بال، فللنصب أشكال كثيرة، وطرق عديدة منها: النصب العاطفي من خلال التلاعب بالمشاعر والأمنيات، والنصب السياسي بالاحتيال على الشعوب والجماعات، والنصب المالي بخيانة الأمانات، والنصب القانوني بالتلاعب بالقوانين وإيجاد الثغرات، والنصب التجاري بالغش واختطاف الأقوات، والنصب الإعلامي بتزييف الحقائق والمعلومات، والنصب التعليمي ببيع النجاح وأحلام الشهادات، والنصب الإداري بالتجاوزات والاختلاسات، والنصب الطبي بالضحك على ذوي الأمراض والعلات، والنصب الاقتصادي بتبديد الثروات، وآخرهم النصب الديني، وفي النهاية ينجح المحتالون في مسعاهم باستغلال الحاجات الإنسانية، والرغبات الكامنة في النفوس البشرية، عبر السيطرة على مشاعر وعقل الضحية، وتقديم الوعود الكاذبة، والحلول السحرية لكل المشكلات الأزلية.