تزخر الحضارة المصرية القديمة بقطع فنية مذهلة تعكس براعة الحرفيين ودقة تفاصيلها، ومن بين هذه الكنوز النادرة، تبرز الصدرية الذهبية لناووس الملك شيشنق الثاني، إحدى روائع عصر الانتقال الثالث. هذه القطعة الفريدة، المكتشفة في مقبرته بمدينة تانيس (صان الحجر)، تحمل رموزًا مقدسة تجسد العقائد الدينية والمكانة الملكية، حيث تحيط المعبودتان إيزيس ونفتيس بجعران مجنح، في مشهد مهيب يعلوه الاسم الملكي لشيشنق الثاني. واليوم، تتألق هذه التحفة ضمن قاعتي عرض كنوز تانيس وبسوسنس في المتحف المصري بالقاهرة، شاهدةً على عظمة ملوك الأسرة 22. اقرأ أيضًا | الجامعة الأمريكية بالقاهرة تتعاون مع المتحف المصري الكبيرلتدريب المرشدين السياحيين والمصورين اكتشاف مذهل من أعماق التاريخ عُثر على هذه الصدرية الذهبية ضمن مقتنيات مقبرة الملك شيشنق الثاني في تانيس، وهي المدينة التي أصبحت مقرًا ملكيًا خلال عصر الانتقال الثالث (حوالي 1070-664 ق.م.). وعلى الرغم من الاضطرابات التي شهدها هذا العصر، إلا أن الملوك استمروا في الحفاظ على تقاليد الدفن الفاخرة، وهو ما انعكس في كنوزهم الذهبية المتألقة، ومن بينها هذه الصدرية الفريدة. وصف فني وتحليل تفصيلي تتميز الصدرية بتصميمها الهندسي الدقيق وصناعتها الذهبية الراقية، حيث تظهر المعبودتان إيزيس ونفتيس بجناحيهما الممدودين في وضع الحماية والرعاية للجعران المجنح، وهو رمز للبعث والخلود في العقيدة المصرية القديمة. يعلو الجعران الاسم الملكي لشيشنق الثاني، في إشارة إلى سلطته الإلهية ومكانته كفرعون مختار من قبل الآلهة. أما أسفل الجعران، فيظهر اسم ميلاد الملك، مما يؤكد هوية صاحب القطعة ويعزز مكانته في العالمين الأرضي والأخروي. الدلالة الدينية والرمزية تحمل الصدرية معاني روحية عميقة، حيث يُمثل الجعران رمزًا للتجدد وحماية الروح في رحلتها إلى العالم الآخر، بينما تعكس إيزيس ونفتيس دورهما التقليدي في حماية المتوفى وإرشاده خلال محاكمته في العالم السفلي. هذه العناصر مجتمعةً تؤكد على أهمية الصدرية كتعويذة ملكية تُستخدم لضمان البعث والحياة الأبدية للملك في الدار الآخرة. الصدرية بين كنوز تانيس الفريدة تعد كنوز تانيس من أهم الاكتشافات الأثرية التي توازي في قيمتها كنوز توت عنخ آمون، إذ تم العثور على مجموعة كبيرة من الحلي والمقتنيات الذهبية المذهلة داخل مقابر ملوك الأسرة 21 و22. تعرض هذه القطع الآن في المتحف المصري بالقاهرة، حيث تُبهر الزوار بتفاصيلها المعقدة وبريقها الذهبي الأخاذ، ومن أبرزها الصدرية الذهبية لناووس شيشنق الثاني، التي تعكس براعة المصريين القدماء في صناعة الحلي الملكية. اقرأ أيضًا | حكاية متحف| «المتحف المصري الكبير» صرح عالمي يحتضن كنوز الحضارة المصرية أهمية الصدرية في دراسة الحضارة المصرية لا تقتصر أهمية هذه الصدرية على قيمتها الفنية فقط، بل تساهم أيضًا في إلقاء الضوء على حقبة انتقالية مهمة من تاريخ مصر القديمة، حيث كان ملوك الأسرة 22 يسعون لتعزيز شرعيتهم من خلال تبني رموز دينية مقدسة، وهو ما يظهر جليًا في هذه التحفة الأثرية. كما توفر دراسة الصدرية تفاصيل مهمة عن تقنيات صناعة الذهب في ذلك العصر، مما يساعد الباحثين في فهم تطور الحرف اليدوية في مصر القديمة. تظل الصدرية الذهبية لناووس شيشنق الثاني واحدة من أبرز القطع الأثرية التي تعكس عبقرية المصريين القدماء في الفن والتصميم، كما تجسد مفاهيم دينية وملكية عميقة تثبت استمرار تأثير العقائد التقليدية حتى في فترات التغير السياسي. واليوم، يمكن لزوار المتحف المصري بالقاهرة الاستمتاع بمشاهدة هذه القطعة المذهلة، التي تروي قصة ملك منسيّ، وتكشف جانبًا من أسرار الفراعنة العظام.