يُعَدُّ هذا الكتاب تجميعًا لأفكار وأطروحات للإمام الأكبر الراحل الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق، حيث يسلط الضوء على دور الأزهر فى الحفاظ على الفكر الإسلامى الأصيل ونشر رسالته الوسطية عالميًا. يعالج الكتاب عدة قضايا محورية تتعلق برسالة الأزهر، ودوره فى مواجهة التحديات الفكرية والثقافية، وإسهاماته فى ترسيخ المبادئ الإسلامية السمحة. ويشير الشيخ شلتوت إلى أن الأزهر هو مركز الاتزان الفكرى فى العالم الإسلامى، وهو الذى يحفظ التقاليد الدينية والعلمية، وينشر تعاليم الإسلام المعتدلة، يرى المؤلف أن الأزهر لم يكن مجرد مؤسسة تعليمية، بل كان دائمًا حارسًا على الإسلام الوسطى، الذى يتجنب الغلو والتطرف، ويعتمد على الاجتهاد والتجديد دون الإخلال بالثوابت الدينية. كما يناقش كيف أن الأزهر يمثل نموذجًا فريدًا فى الجمع بين الأصالة والمعاصرة، إذ يستند إلى تراث فقهى واسع، لكنه فى الوقت ذاته ينفتح على التطورات الحديثة، ويحرص على تقديم الإسلام فى صورته الناصعة التى تحقق العدالة والسلام والتعايش بين الشعوب. ويركز الكتاب على مجموعة من التحديات التى تعترض رسالة الأزهر، ومنها محاولات التأثير الخارجى على المناهج الدينية، ومساعى بعض الجهات لإضعاف دوره فى المجتمع، كما يتحدث عن الغزو الفكرى الذى تتعرض له الأمة الإسلامية، والذى يهدف إلى زعزعة ثقة المسلمين فى تراثهم وهويتهم. يؤكد الشيخ شلتوت على أن الأزهر يجب أن يكون يقظًا لهذه المحاولات، وأن يسعى لتطوير أساليبه التعليمية والدعوية، بما يجعله قادرًا على التصدى لموجات التغريب والتشدد التى تهدد العالم الإسلامى. كما يتناول الكتاب أيضًا موضوع التعليم الأزهرى، حيث يشير المؤلف إلى ضرورة تحديث مناهج الأزهر بحيث تجمع بين العلوم الشرعية والعلوم الحديثة، مع التأكيد على أهمية التكوين العلمى المتين لطلاب الأزهر، حتى يكونوا قادرين على فهم الإسلام فهمًا صحيحًا، ونشره بأسلوب متجدد يناسب العصر. كما يتحدث عن أهمية التعليم الدينى فى تكوين شخصية المسلم، مشددًا على أن الأزهر لا يجب أن يكون مجرد مؤسسة تخرج علماء دين، بل يجب أن يسهم فى تكوين مفكرين قادرين على مواجهة التحديات الفكرية، والرد على الشبهات التى تُثار حول الإسلام. ويشدد الكتاب على الدور العالمى للأزهر فى نشر الإسلام، حيث يوضح الشيخ شلتوت كيف أن الأزهر كان على مدار تاريخه مركزًا لتعليم الطلاب من مختلف أنحاء العالم، وأنه يمثل المرجعية الدينية الكبرى للمسلمين فى مختلف بقاع الأرض. كما يشير إلى أن الأزهر لم يقتصر دوره على التعليم الدينى فقط، بل كان له إسهام كبير فى نشر الثقافة الإسلامية، وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة بين المسلمين وغيرهم، مما جعله مؤسسة ذات تأثير عالمى واسع. إحدى أبرز القضايا التى يناقشها الكتاب هى موضوع الاجتهاد فى الإسلام، حيث يرى الشيخ شلتوت أن الاجتهاد ضرورة لمواكبة تطورات الحياة، وأن الجمود الفقهى هو أحد المشكلات التى تعيق تطور الفكر الإسلامي. يشير المؤلف إلى أن الفكر المتطرف هو نتيجة لسوء الفهم الدينى، وأن الحل يكمن فى نشر التعليم الصحيح، وإعادة إحياء روح الاجتهاد، حتى يتمكن المسلمون من فهم دينهم بطريقة صحيحة ومعتدلة. يعتبر هذا الكتاب مرجعًا هامًا لكل من يهتم بدور الأزهر فى العالم الإسلامى، ولأولئك الذين يسعون لفهم الإسلام من منظور وسطى يجمع بين التراث والتجديد.