لم يكن القتال فى الإسلام أو المعارك التى خاضها المسلمون يومًا من الأيام بهدف الاعتداء على الغير، بل كان لرد العدوان الذى يتعرض له المسلمون، من خلال هذا الباب وعلى مدار أيام شهر رمضان المبارك نقدم لك عزيزى القارئ معركة فى ذاكرة التاريخ الإسلامى خاضها المسلمون دفاعاً عن أنفسهم وعن دينهم وعن أرضهم. اقرأ أيضًا| ما حكم إذاعة الصلاة وقراءة القرآن والابتهالات عبر مكبرات الصوت؟ تُعد معركة الزلاقة التى حدثت عام 479ه واحدة من كبريات المعارك الفاصلة فى تاريخ الحضارة الإسلامية، ويمكن القول: إن تلك المعركة مدت فى عمر دولة الأندلس لعقود عديدة لما ترتب عليها من نصر مؤزر، وعلى يد قائد مخضرم، لا يقل مهارة ولا كفاءة عن سابقيه ألا وهو»يوسف بن تاشفين»، القائد المغوار والبطل الزاهد. ويقول د. محمد سالم الأزهرى أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر: تعهد «ألفونس» السادس على إعادة الأندلس لحظيرتهم مرة أخرى، وبدأ فى فرض الجزية على المسلمين ومعاملتهم بأسوأ ما يكون، وتحويل مساجدهم إلى كنائس، وهدم تراثهم، فى صورة تعكس مدى التعنت والصلف، ومع تضييق الخناق على ملوك الدويلات الأندلسية فى إشبيلية وطليطلة وغرناطة وغيرها، لم يجدوا سبيلاً سوى الاستغاثة بهذا العظيم أمير سبته «يوسف بن تاشفين»، المعروف بحميته وغيرته على الإسلام والمسلمين، وبالفعل لبى النداء وقدم فى جيش عظيم قوامه نحو عشرين ألفاً أو يزيد، وكان ابن تاشفين، قائداً بحق، قدم ملحمة فى التخطيط والعسكرية بداية من اختيار المكان بعناية، ليكون هو المتحكم فى مسرح المعركة، ثم قسم الجيش ونسق صفوفه ما بين مؤخرة وساقة وميمنة وميسرة ومقدمة، واختار أماكن مرتفعة للرماة ليسهل من خلالها ضرب صفوف العدو وتمزيق خططهم وشملهم. وكان الجيش الإسلامى أقل من النصف فى العدد والعدة من الجيش الغربي، وغامر ألفونس بجنده على فرسان المرابطين، الذين استشهد منهم عدد غير قليل، ظناً منه أن هذا هو كل جيش المسلمين فى حين التفت عليه الكتائب الإسلامية، مرددة صيحة الله أكبر، وقدّم ابن تاشفين «الجمال» حيث كان لها نفع عظيم، إذ كانت خيول فرسان العدو تجفل منها، لعدم تعوّدها على رؤيتها، كما كان لقرع الطّبول أثر فى تخلخل أفئدة العدو، فتوالى استنزاف قواهم، وابن تاشفين يحمل بنفسه وهو على فرسه يرغب فى الصبر والاستشهاد.. اقرأ أيضًا| ملتقى الفكر الإسلامي يبرز دور السنة النبوية في ترسيخ استقرار الأوطان كانت ملحمة بطولية بحق، سطر حروفها يوسف ابن تاشفين الذى كان نعم الخلف لخير سلف، والذى استطاع أن يوحد رايات المسلمين ويرد البغى والظلم والعدوان عن الحضارة الإنسانية والإسلامية.