في شهر مارس، الذى كان يُعتبر عادة جزءا من فصل الربيع أو نهاية الشتاء، شهدت مصر ارتفاعا ملحوظا فى درجات الحرارة، مما جعلنا نشعر وكأن الشتاء قد غادرنا سريعا، ليحل الصيف مبكرا عن موعده، وكأن المواسم قد خرجت عن نظامها الطبيعي، فما الذى حدث؟ ولماذا تبدلت الفصول بهذا الشكل غير المألوف؟ إذا تابعت التقارير الصادرة عن هيئة الأرصاد الجوية، فقد لا تجد إجابة وافية، لأنها تركز على التغيرات الجوية قصيرة المدى التى تحدث خلال ساعات أو أيام قليلة، فعادة ما تتناول هذه التقارير «طقس اليوم» أو «حالة الطقس للأسبوع المقبل»، لكن السؤال الأكبر حول تغير الفصول ربما يحتاج إلى خبراء المناخ، الذين يدرسون متوسطات حالة الطقس على مدى فترات طويلة تصل إلى 30 عاما أو أكثر. وفى هذا السياق، نُشرت دراسة فى دورية «جوفيزيكال ريسيرس ليترز» تناول هذه الظاهرة بشكل معمق، وقد تقدم تفسيرا لهذه التغيرات المثيرة للقلق. ووفقا لهذه الدراسة، تتجه فصول الصيف في نصف الكرة الشمالى نحو أن تصبح أطول وأكثر حرارة، بحيث يتوقع العلماء أنه بحلول عام 2100 قد تستمر فترة الصيف لنحو نصف العام. ◄ اقرأ أيضًا | موعد انتهاء «الشتاء».. وبداية فصل الربيع وخلال خمسينيات القرن الماضي، كانت الفصول الأربعة تتوالى بنمط متوقع ومتساو نسبيا، لكن مع تسارع وتيرة التغير المناخي فى العقود الأخيرة، شهد العالم تغييرات جذرية وغير منتظمة فى طول ومواعيد بداية الفصول. ووفقا للدراسة، ارتفعت مدة فصل الصيف فى نصف الكرة الشمالى من 78 يوما فى عام 1952 إلى 95 يوما بحلول عام 2011، بينما تقلصت أيام الشتاء من 76 يوما إلى 73 يوما، وإذا استمرت هذه التوجهات دون جهود حقيقية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، فمن المتوقع أن يتقلص الشتاء إلى أقل من شهرين بحلول نهاية القرن. ويقول يوبينغ غوان من معهد العلوم الفيزيائية للمحيطات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، والباحث الرئيسي في الدراسة، فى تصريحات للأخبار: «الصيف أصبح أطول وأكثر حرارة، بينما الشتاء أصبح أقصر وأكثر دفئاً نتيجة للاحتباس الحراري». ويرفع الاحتباس الحرارى متوسط درجات الحرارة العالمية نتيجة لزيادة تراكم غازات الدفيئة مثل ثانى أكسيد الكربون والميثان فى الغلاف الجوي، لأن هذه الغازات تحبس الحرارة التى تنبعث من سطح الأرض، مما يؤدى إلى ارتفاع درجات الحرارة فى جميع أنحاء العالم. ومع زيادة درجات الحرارة العالمية، يتمدد فصل الصيف، حيث تظل درجات الحرارة المرتفعة لفترة أطول من المعتاد، وهذا ما يجعل الصيف أطول وأكثر حرارة، وهذا الامتداد يؤدى إلى ازدياد عدد الأيام الحارة، وزيادة حدوث موجات الحر فى كثير من المناطق، وفى المقابل، يتقلص فصل الشتاء ويصبح أقصر وأدفأ. ويتزامن مع ذلك، طقس متطرف، فالشتاء الأقصر يجلب معه اضطرابات مناخية مثل العواصف الثلجية المفاجئة أو تساقط الثلوج غير المتوقع، بينما الصيف الأطول قد يزيد من مخاطر التعرض لموجات حر شديدة تؤدى إلى جفاف وتشكل حرائق الغابات. ويضيف غوان : «أي أن الاحتباس الحرارى يخل بالتوازن الطبيعي للفصول، بجعل فصول الصيف أطول وأكثر حرارة، بينما يقصر الشتاء ويصبح أكثر دفئا».