القلوب مثل الأبواب، يتطلب لفتحها ومعرفة أسرارها إلى المفاتيح المناسبة، نادرا أن نجد مفتاح واحد يمكن فتح أكثر من باب، وهو ما ينطبق على القلوب أيضا، وفي حالة عدم وجود المفتاح الصحيح تصعب عملية فتح الباب إما أن يظل مغلقا، أو يتم كسره وفتحه بالقوة. والقلوب وعلاقات الحب نفس الشيء إن لم تجد المفتاح المناسب تظل مغلقة، أو تفتح لكن بطريقة أقرب إلى الكسر، مما يجعل العلاقة مهما طالت مدتها مهددة بالفشل لأنها في الأساس لم تجد المفتاح الصحيح، وهذا ما يرتكز عليه المخرج والمؤلف تامر محسن في مسلسله الجديد الذي اختار عنوانه "قلبي ومفتاحه"، والذي يشارك في بطولته آسر ياسين ومي عز الدين وأشرف عبد الباقي ودياب وعايدة رياض، وشاركت في كتابة الحلقات مها الوزير، ويتكون من 15 حلقة. صحيح أن اسم المسلسل "قلبي ومفتاحه" أكثر ارتباطا بالأغنية الشهيرة لفريد الأطرش، لكن الفكرة أيضا التي تتمحور حولها الأحداث أن لكل قلب مفتاح خاص يجب أن يجده حتى ينبض بالحب، هذا هو المسار الذي تتحرك من خلاله القصص والشخصيات خلال الأحداث، حتى وإن كانت تفاصيل العلاقات التي رسمها وسردها تامر محسن تحمل المفاجأت في بعض بنائها، لكنها حكايات تظل جزء من لوعة الحب نفسه وأنه أمر غير متوقع، وغرائبية بعض قصصه التي تحمل أيضا أحيانا الكثير من المفاجأت الغير مرتبة. ترتكز حبكة المسلسل على قصة حب أساسية، والتي ظهرت ملامحها منذ عرض البرومو الرسمي للمسلسل بين محمد عزت "آسر ياسين" وميار "مي عز الدين"، والتي لجأت إلى عزت ليلعب دور "المحلل" القانوني بعد أن تطلقت من زوجها 3 مرات، لكن لم يكن الهدف العودة للزوج السابق، بل لأنه هددها بابنها، وقصة حب عزت وميار تندرج تحت بند "المفاجأة"، لقاء بين سائق "ديدي" وعميلة عرضت عليه الزواج دون أن تعرف عنه شيئا، "لدرجة إنها تلعثمت في اسمه"، وهو أيضا بدوره كان يكتشف أسرارها تباعا دون معرفة هويتها أو حقيقتها الكاملة، مع ذلك كان لدى عزت الرغبة القوية والملحة للإستمرار حتى في ظل حالة الاندهاش التي انتابته. محمد عزت الذي أكمل ال40 ولديه رغبة شديدة للزواج مع إصرار والدته "سما إبراهيم"، لكن لم يكن هذا هو المبرر الوحيد الذي جعله يكمل في زواجه المفاجئ من ميار، لكن أيضا الشعور بأنه أخيرا وجد في ميار "المفتاح" الخاص بقلبه، حتى وإن كان هذا المفتاح يحمل العديد من علامات الاستفهام الخاصة بحياتها وماضيها وعدم وضوحها معه من البداية، ونفس الأمر ينطبق على ميار، حتى وإن كان وجود "المفتاح" الخاص بقلبها ظهر بالتدريج، ولم يكن من البداية مثل عزت. الخط الثاني الخاص بعلاقات الحب هو الذي يجمع الثلاثي شادي الشناوي "أشرف عبد الباقي"، الحاجة مهجة "عايدة رياض"، عم نصر "محمود عزب"، وهو الخط الأكثر جذبا، وعلى مستوى الطرح جديد في المرحلة العمرية، المفاجأة فيه كانت في البداية حيث سرعة وتيرة أحداثه خلال تحولات قصة الحب التي هي في الأساس من طرف واحد، وهو حب عم نصر لمهجة، والتي تتغيير سريعا ليتحول إلى مشروع زواج بين صديقه الشناوي ومهجة. عم نصر مفتاح قلبه منذ الصغر مع مهجة، هي حبه الأول والوحيد حتى بعد أن تزوجت وأنجبت، وظل الباب مغلقا لسنوات طويلة، وعندما حاول فتحه أخيرا اكتشف أنه استخدم المفتاح الخاطئ، وتبدلت قصة حبه ليحل محله صديقه الشناوي، ورغم أن الزواج لم يكن على بال الثنائي الشناوي ومهجة، إلا أن مهجة تحديدا وجدت مفتاح الحب عند شناوي، وجدت الرفيق المريح المناسب الذي يشعرها بالأمان في خريف العمر، ويبدو أن الأمر سيكون متبادلا عند الشناوي أيضا، فهي كذلك بالنسبة له، بالإضافة إلى تفصيلة مهمة أخرى، فهي تمثل له التأمين المادي له ولأسرته. قصة الحب الثالثة التي تجمع بين إسماعيل "أحمد خالد صالح" وعلياء "تقى حسام"، وهي العلاقة التي ظهرت فجأة في الأحداث بدون أي تأسيس درامي أو بناء من البداية، لنجد أن شقيقة أسعد في علاقة مع مساعده الرئيسي في العمل، ذلك العمل الذي تحوم حوله الشبهات، وعاليا نفسها لديه تحفظات عليه، وهنا لجأ تامر محسن إلى تبرير هذه القصة عن طريق المشاهد الحوارية التي جمعت بين عاليا وميار، وأن إسماعيل هو الوحيد الذي كان يتشارك معها في اللعب منذ الصغر. العلاقة الأولى بين عزت وميار بدأت جيدة خاصة عند ظهور الخط الخاص ب"المحلل"، لكن اختار تامر محسن الجنوح عن هذا الأمر سريعا ليدخل بالحبكة في تفاصيل أخرى، سواء كانت متعلقة بعلاقة عزت وميار نفسها من خلال خلق أحداث جديدة أبعدتنا تماما عن الحكاية الأصلية، أو بالتطرق إلى الخطوط الخاصة بالشخصيات الأخرى في المسلسل، قبل العودة لهذه العلاقة من جديد في الحلقة العاشرة، والتي عادت معها القصة الأساسية للظهور على السطح. العلاقة الثانية التي تجمع الثلاثي، تعد الأبرز والأقوى على مستوى التأسيس والرسم، ظلت محتفظة برونقها، لكن منذ الحلقة الرابعة ووصولا للحلقة العاشرة لم تشهد أي تطور درامي جديد، مجرد مشاهد متكررة لشناوي يحاول الهرب من مهجة، بينما ظلت العلاقة الثالثة منذ ظهورها المفاجئ في الأحداث تدور في فلك التقليدية، لتظهر وكأنها مبتورة من الحبكة. اختار تامر محسن بداية من الحلقة الثانية أن تحمل كل حلقة عنوان لفيلم سينمائي سابق، حيث تتلامس أحداثها مع بعض التفاصيل الخاصة بهذه الأفلام، حتى وأن كان التشابه طفيف، فقد كانت الحلقة الثانية بعنوان "المتوحشة"، والذي تشبه أحداثه وقصة الحب المفاجأة بين عزت وميار بحكاية بهية "سعاد حسني" وأشرف "محمود عبد العزيز"، والحلقة الثالثة كانت بعنوان "إشاعة حب" وهنا يرمز تامر محسن إلى الخداع الذي أقدمت ميار عليه للزواج من عزت، والذي يقترب من لعبة عبد القادر "يوسف وهبي" في "إشاعة حب". أما الحلقة الرابعة فقد كانت بعنوان "خطيب ماما"، والذي كان بطلها بدون شك "عم نصر"، ومن بعده الشناوي ومهجة، والخامسة "سوبر ماركت" والتي بدأ المشهد الأول فيها بالكاميرا في لقطة قصيرة على وجه علياء، وهنا يشير تامر محسن إلى قصة الحب الغير متكافئة التي تجمع بين علياء وإسماعيل، والسادسة "الحب فوق هضبة الهرم"، والتي فيها تم الإرتكاز على معرفة محمد عزت بحقيقة ماضي ميار، وبداية قصة الحب في السر، ثم "أنا وأنت وساعات السفر"، والتي كانت تتمحور حول سفر الشناوي ومهجة إلى الإسكندرية لقضاء شهر العسل، والثامنة "حب في الزنزانة"، والتي ارتبطت بحبس محمد عزت في قضية المخدرات، والتاسعة "طائر على الطريق". أما الحلقة العاشرة فقد جاءت بعنوان "يوم من عمري"، والتي فيها عادت قصة حب عزت وميار للظهور من جديد، فقد قضى الثنائي اليوم معا، يوم جميل خطفته ميار من براثن طليقها المتسلط، يوم هرب خلاله عزت من أزماته، يوم يعرف كلا منهما أنه لن يتكرر مرة أخرى، يوم تأكد فيه كل منهما أن مفتاح قلبه مع الآخر. وأيضا التلامس الذي ظهر خلال الحلقات مع الأفلام القديمة التي تظهر في التليفزيونات، وبالطبع يأتي في المقدمة فيلم "السفيرة عزيزة" الذي يمثل النموذج الأقرب للمسلسل، وقصة حب محمد عزت وميار، والشخصية المخيفة الأقرب لدور المعلم عباس "عدلي كاسب"، وهو أسعد "دياب"، الدور الأقوى على مستوى الكتابة، على كافة المستويات الرسم والتأسيس والدوافع والتطور، شخصية تحمل في طياتها تناقضات المجتمع المصري بما تحمله الكلمة من معنى، رغم أنه لا يرتبط بقصة حب، لكن يظل بقوته وجبروته وتسلطه المغلفين بتدينه الظاهري، الشخصية المحورية المشتركة بين قصص الحب الثلاث. اقرأ أيضا: آسر ياسين يكتشف سر مي عز الدين في الحلقة 11 من «قلبي ومفتاحه»