استخدام المفرقعات والصواريخ والألعاب النارية ، كوسيلة للتعبير عن الفرحة فى شهر رمضان الكريم ، وموسم العيد ، ظاهرة سلبية خطيرة ، تنتشر فى مصر . ورغم خطورتها ووقوع ضحايا كثر من ورائها ، الا أن الظاهرة مستمرة . «الأخبار» فى هذا التحقيق تناقش الظاهرة من مختلف جوانبها ، وتبحث مع المتخصصين عن السبل الكفيلة بمواجهتها والقضاء عليها. يتحول الاحتفال بشهر رمضان والأعياد فى مصر ، أحيانا إلى كوارث ، بسبب الألعاب النارية ، التى تمثل هدرا ماديا بمليارات الجنيهات لاستيرادها ، و لا طائل من ورائها سوى إحداث ضجة وهلع وازعاج . ناهيك عن الحوادث و الإصابات بين الأطفال الذين يستخدمونها . وتحولت حياة بعض الأسر الى كابوس نتيجة فقد أحد أطفالها أصابعه أو بصره أو ربما حياته بسبب استخدام البمب والصواريخ والشماريخ وغيرها من الألعاب النارية . ورغم إصدار دار الافتاء المصرية فتوى تحريم واضحة لاستخدام الأطفال لهذه الألعاب ،لكن دون أى استجابة سواء من الأسر التى تركت لأطفالها العنان من باب «خليهم يتبسطوا» أو من جانب بعض الشباب الذين أصبحوا ينافسون الأطفال فى استخدامها . حوادث جديدة تتزايد الحوادث الناجمة عن استخدام الألعاب النارية بأشكالها المختلفة.. ففى منطقة كرداسة بالجيزة فقد شاب عينه اليمنى عندما كان عائدًا من عمله قبل موعد الإفطار، حيث فوجئ بأطفال يطلقون «صواريخ»، وعندما ألقى أحدهم صاروخًا بالقرب منه، انفجر مباشرة فى وجهه، ما أدى إلى نزيف فى القرنية وانفجار فى عينه وفقدانه البصر . و فى محافظة الإسكندرية، تعرض طفل لبتر إصبعه الإبهام بعد انفجار صاروخ نارى فى يده ، أثناء لهوه به ونُقل إلى المستشفى فى حالة خطرة، بعد أن أصيب بجروح بالغة فى كف يده. وفى منطقة شبين القناطر بالقليوبية، تعرضت طفلة لحروق شديدة فى الوجه ، بعد أن اشتعلت ألعاب نارية مصنوعة من «سلك مواعين» بالقرب منها وهى أحد وسائل الاحتفال بالاحياء الفقيرة ايضا كبديل للألعاب النارية غالية الثمن حيث يتم اشعال النار فى سلك المواعين ويتم لفه فى الهواء ليتطاير منه الشرر المشتعل ! وفى محافظة الفيوم، أُصيبت طفلة بحروق شديدة فى الوجه، بعد أن ألقى صبى لعبة نارية بالقرب منها، ما أدى إلى إصابتها بجروح خطيرة، ونُقلت إلى المستشفى لتلقى العلاج. أنواع متعددة «الأخبار» التقت أحد أصحاب المكتبات الذى اخفينا عنه هويتنا الصحفية وتعاملت معه على اننى اشترى هذه المنتجات لأولادى والذى أقر بأن موسم رمضان والأعياد هو أكثر الأوقات رواجا لبيع هذه المنتجات على اختلاف أنواعها وانه لا يمكن اهمال تواجد هذه المنتجات ، نظرا لزيادة الاقبال عليها . وفى محاولة منى لفهم طبيعة هذه المنتجات ، والتى كانت فكرتى عنها قاصرة تماما وتقف عند حد البمب أو الصواريخ صغيرة الحجم التى يتم اشعالها . إلا ان المفاجأة ان الأمر أكبر بكثير من ذلك واتضح ان هناك نوعيات لا حصر لها ، ومع تأكده من جهلى بالموضوع ،أخذ هو يشرح لى أكثر فأكثر الفرق بين هذه الأنواع وأسعارها وبالنسبة للأنواع ، موجود منها على سبيل المثال «الهاند والكروس وبرشوطات نابولى وكوميت وباينز وندات وكوميتات برتقالى وأفركت أصفر وسلاسل برشوطات صغيرة وسلاسل برشوطات الكبيرة (نابولي) وقنابل دخان نابولى وهواوى وهاندات بوبو والعصايا 8 طلقات و العصايا 5 طلقات و شمروخ نابولى احمر بشطاطة والشمروخ الأبيض والأزرق والتورتة 100» وطبعا بالنسبة لواحد كل معلوماته عن الموضوع البمب اللى كان التلاتة منه بشلن ، قلت أخد فكرة برضو عن الأسعار واللى عملتلى مفاجأة ، لا تقل عن مفاجأة الأنواع الغريبة والعجيبة اللى سمعتها منه ، فتراوحت الأسعار مابين 10 جنيهات للصاروخ العادى الصغير الى 350 أو 400 جنيه لبعض الأنواع . والغريب ايضا ان الاقبال على المنتجات غالية الثمن أكبر بكثير من الأنواع المحلية إنتاج ورش بير السلم رخيصة الثمن. أما الفئات التى تتردد لشراء هذه المفرقعات فكانت مفاجأة ايضا حيث اتضح ان الشباب والكبار هم الأكثر اقبالا من الأطفال إصابات مأساوية من جانبه قال الدكتور عادل أحمد استشارى السياسات الصحية و الاجتماعية بمنتدى السياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والرئيس التنفيذى الأسبق لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق بالمجان « : خلال سنوات عملى فى مجال إدارة المستشفيات وسياسات الصحة، وزياراتى لمراكز الحروق حول العالم، رأيت بنفسى حالات مأساوية لإصابات ناجمة عن الألعاب النارية، خاصة بين الأطفال. أتذكر حالة س.أ٫ طفل فى العاشرة من عمره فقد فقد أصابعه بسبب انفجار مفرقعة كان يلهو بها فى رمضان، وحالة م.د شاب فقد بصره تمامًا بعد أن أصابته شرارة مباشرة فى عينيه. للأسف، هذه ليست حالات فردية، بل سيناريوهات تتكرر كل عام واضاف «وفقًا للإحصاءات، تسجل مصر حوالى 250٫000 حالة حروق سنويًا، وتشكل إصابات الأطفال ما يقرب من 50% منها. فى رمضان والأعياد، ترتفع هذه الأرقام بسبب الاستخدام غير الآمن للألعاب النارية. منظمة الصحة العالمية تؤكد أن الحروق تتسبب فى حوالى 180٫000 وفاة سنويًا على مستوى العالم، والكثير من هذه الإصابات كان يمكن تفاديها بقليل من المجهود الجماعي. وتابع المدير التنفيذى السابق لمستشفى حروق أهل مصر : أرى أن المشكلة لا تتعلق فقط بالجانب الطبي، بل تمتد إلى غياب التشريعات الرادعة وضعف التوعية المجتمعية. رغم وجود قوانين تحظر بيع الألعاب النارية ، إلا أن الأسواق المصرية تظل مليئة بها، وغالبًا ما تُباع للأطفال دون أى رقابة. الحروق الناتجة عنها لا تؤدى فقط إلى تشوهات جسدية، بل تمتد تأثيراتها إلى الصحة النفسية، حيث يضطر الضحايا إلى سنوات من العلاج الجراحى والتأهيل النفسى وأشار د عادل انه فى عام 2024، شهدت مصر ارتفاعًا بنسبة 3.2% فى حوادث الحرائق مقارنة بالعام السابق، حيث سجلت 46٫323 حادثة تسببت فى 232 وفاة و831 إصابة. بعض هذه الحوادث مرتبط مباشرة باستخدام المفرقعات، خاصة فى المناطق السكنية المكتظة . وقال : « أحد أخطر الإصابات التى شاهدتها بنفسى فى المستشفيات هى تلك المرتبطة بالعين، حيث يمكن لشظايا المفرقعات أن تؤدى إلى تمزق الجفن،و إصابة القرنية، أو حتى فقدان البصر تمامًا. التقارير الطبية تؤكد أن الألعاب النارية قد تسبب مضاعفات مثل الجلوكوما، انفصال الشبكية، أو حتى فقدان العين بالكامل ما أراه ضروريًا فى مصر هو تشديد الرقابة على بيع وتداول هذه المواد، مع فرض عقوبات واضحة على المخالفين، إلى جانب حملات توعية تستهدف الأهالى قبل الأطفال. إذا لم نتحرك الآن، سنظل نرى نفس السيناريوهات تتكرر كل عام، مع مزيد من الضحايا الذين سيدفعون الثمن لأخطاء كان يمكن تفاديها بسهولة». تفعيل القانون أما نهى الجندى المحامية قالت إن « القانون المصرى قد وضع عقوبات من المفترض انها رادعة أمام كل أطراف هذه الظاهرة سواء الجلب والتهريب أو التصنيع أو البيع والتجارة وقد نص القانون يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من أحرز أو حاز أو استورد أو صنع بغير مسوغ أجهزة أو آلات أو أدوات تستخدم فى صنع المفرقعات أو المواد المتفجرة أو ما فى حكمها أو فى تفجيرها. واضافت الجندى يعتبر فى حكم المفرقعات أو المواد المتفجرة كل مادة تدخل فى تركيبها ويعاقب بالسجن كل من علم بارتكاب أى من الجرائم المشار إليها ولم يبلغ السلطات المختصة قبل اكتشافها. واشارت الجندى أن المشكلة لا تكمن فى القانون وحده وانما فى تنفيذ القانون وتشديد الرقابة خاصة وان هذه المنتجات أصبحت تباع فى كل مكان وبشكل علنى ومتاحة للجميع أما الدكتور على الادريسى الخبير الاقتصادى فأكد أن الفاتورة الاقتصادية الضائعة فى هذه الألعاب لا توجد احصائيات دقيقة بها لانها تجارة غير مشروعة لكن التكلفة التقديرية لهذه الألعاب تتخطى ال 10 ملايين دولا سنويا وأضاف قائلا «رغم القيود المفروضة على استيراد الألعاب النارية، إلا أن السوق لا يخلو منها، حيث تدخل بطرق غير مشروعة أو تحت مسميات مختلفة وفقًا لتقارير سابقة، كانت مصر تستورد الألعاب النارية بملايين الجنيهات، خاصة من دول مثل الصين، رغم تشديد الإجراءات الجمركية. وتشير التقديرات إلى أن حجم تجارة الألعاب النارية غير الرسمية يصل إلى عشرات الملايين سنويًا، مع زيادة ملحوظة خلال رمضان والعيد. ثانيًا: التجارة غير الرسمية وانتشار الأسواق الموازية تنتشر الألعاب النارية فى أسواق مثل العتبة والموسكي، وتتراوح الأسعار بين 5 إلى 50 جنيهًا للألعاب الصغيرة، بينما تصل الصواريخ الأكبر والأكثر خطورة إلى 200 و300 جنيه. فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية وارتفاع الأسعار، تمثل الألعاب النارية عبئًا ماليًا على بعض الأسر، لكنها تبقى «أولوية» للعديد من الأطفال والشباب، ما يدفع الأهالى لتخصيص جزء من ميزانية العيد لشرائها، رغم التحذيرات المتكررة من خطورتها البعض يرى أنها وسيلة للترفيه وإدخال البهجة، بينما ينتقد آخرون الإنفاق عليها فى وقت تعانى فيه البلاد من ضغوط اقتصادية. وأكد ان جهود الدولة لمكافحة الظاهرة تتمثل فى الرقابة الجمركية، والحملات الأمنية، والتوعية الإعلامية وطالب الادريسى بايجاد بدائل لهذه الألعاب مثل تنظيم فعاليات ومسابقات للأطفال فى الأحياء والمراكز الثقافية ودعم الألعاب التقليدية مثل الفوانيس محلية الصنع والفقرات الاستعراضية، بما يعزز البهجة دون تعريض حياة الأطفال للخطر. أضرار صحية بالغة أما الدكتورة اسماء مراد اخصائية علم اجتماع المرأة والارشاد الاسرى فقالت إن من الظواهر التى انتشرت بشكل مفرط استخدام الأطفال والمراهقين للألعاب النارية وللأسف شباب ايضا يقدمون عليها من باب المرح والترفيه ولكن تلك المفرقعات تسبب أصواتا مزعجة جدا وأبخرة ضارة بالجهاز التنفسى ناهيك عن الازعاج للمرضى وكبار السن واستخدامها فى أوقات متأخرة من الليل تنغص النوم لذا وجب المطالبة من الجهات المسؤولة بالرقابة على التجار لمنع بيعها خاصة فى الشهر الفضيل والأعياد للاضرار التى تسببها . أما دور الاسرة يجب التوعية منذ الصغر وعرض المخاطر ونماذج اصابات مختلفة للأطفال قد تصل الى عاهة مستديمة والعمى كما فى حالة طفل كرداسة الذى فقد عينه بسبب سلوك خاطئ يجب ايقافه وهناك طرق اخرى للتعبير عن البهجة دون إحداث ضرر للنفس او للأخرين. وأضافت استاذ الارشاد الاسرى كل هذا بجانب احداث التلوث السمعى والضوضاء والضرر الصحى والجسدى وايضا مادياً حيث يتم استهلاك كميات لا معقولة بمبالغ طائلة لو تم الترشيد الاستهلاكى لها فى وجبات اطعام لكان خيرا لهم لابد من التنويه المستمر داخل كل أسرة وبالمدارس والمؤسسات الاجتماعية للحد من بيع هذه الألعاب النارية المؤذية على المدى البعيد عادة سلبية أما الدكتورة نادية جمال استشارى العلاقات الأسرية والارشاد النفسى فأكدت على خطورة الألعاب النارية والمفرقعات على سلامة الأطفال، مؤكدة أن بعض الموروثات الثقافية لا يجب الإبقاء عليها إذا كانت تمثل تهديدًا للصحة والسلامة. وقالت إن من الضرورى تغيير العادات السلبية المرتبطة بالاحتفالات وابتكار وسائل جديدة للفرحة لا تُعرض الأطفال للخطر. وأكدت على الدور الرئيسى للأسرة فى توعية الأطفال بمخاطر هذه الألعاب، مشيرة إلى أن استخدام صور واقعية لحوادث وإصابات ناتجة عن المفرقعات، مأخوذة من وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يكون وسيلة فعالة لإيصال الرسالة للأطفال وجعلهم يدركون حجم الخطر. وأضافت أن التوعية يجب أن تشمل توضيح العواقب الخطيرة مثل التعرض لحروق خطيرة، أو بتر الأطراف، أو حتى اندلاع الحرائق، مؤكدة أن «الطفل ذكى وسريع الاستيعاب، لذا فإن استخدام الصور والأمثلة الحقيقية يعزز من فهمه وقناعته». ودعت إلى ضرورة توفير بدائل آمنة للأطفال، مثل الفوانيس أو الألعاب المفيدة التى تضفى أجواء احتفالية دون أى مخاطر. كما شددت على أهمية توعية الكبار أيضًا بكيفية التعامل مع التجمعات التى تُستخدم فيها الألعاب النارية، لتجنب وقوع الحوادث وحماية الجميع من الأخطار المحتملة حرام من جانبه حذّر الدكتور أحمد ترك أحد علماء الأزهر الشريف من المخاطر الجسيمة التى قد تنجم عن استخدام الألعاب النارية والمفرقعات، خاصةً مع تزايد الحوادث التى ألحقت أضرارًا بالأطفال. وأكد على ضرورة التحذير من هذه الظاهرة، مشددًا على أهمية تحريم بيع وشراء واستيراد هذه المواد الخطرة خاصة وان دار الافتاء المصرية قد اصدرت فتوى تحريم تداول واستخدام هذه الألعاب سواء من منطلق الترويع الذى نهى عنه الدين الإسلامى أو منطلق تجنب احداث ضرر للنفس أو للغير ودعا ترك الأسر إلى توجيه أبنائها نحو أنواع آمنة من الألعاب التى لا تشكل أى خطر على سلامتهم أو سلامة الآخرين.