في كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للحياة البرية، لإبراز أهمية التنوع البيولوجي ودوره في توازن البيئة. وبينما تُعد المنظمات الحديثة، مثل "ناشيونال جيوجرافيك"، رائدة في توثيق الحياة البرية، فإن المصريين القدماء سبقوا ذلك بأكثر من خمسة آلاف عام. قرأ أيضا| في اليوم العالمي للحياة البرية.. أكثر من مليون نوع مهدد بالانقراض فقد جسّدوا مشاهد الطبيعة والحيوانات والنباتات بدقة مذهلة على جدران المعابد والمقابر، وقدموا لنا سجلاً بصريًا متكاملاً يكشف عن فهمهم العميق للنظام البيئي من حولهم، هذه الروعة الفنية والعلمية تعكس حضارة سبقت عصرها في توثيق الحياة البرية، ليس فقط كجزء من الطبيعة، بل أيضًا كرموز دينية وثقافية تعبرعن فلسفتهم تجاه الكون والحياة. في اليوم العالمي للحياة البرية.. أكثر من مليون نوع مهدد بالانقراض ** المصري القديم ورؤية استثنائية للحياة البرية 1- توثيق الحياة البرية قبل خمسة آلاف عام على جدران المعابد والمقابر، رسم المصري القديم مشاهد غنية بالحياة البرية، تظهر تفاصيل دقيقة للحيوانات البرية، والطيور، والزواحف، والنباتات التي تعيش على ضفاف النيل وفي الصحاري المحيطة. هذه المشاهد لم تكن مجرد زخارف، بل كانت توثيقًا دقيقًا لأنواع الكائنات الحية، بطريقة تشبه إلى حد كبير ما نراه اليوم في الصور الفوتوغرافية الوثائقية. 2- الطبيعة والحيوانات في المقابر الفرعونية المقابر المصرية القديمة تزخر بلوحات فنية تصور رحلات الصيد، والمراعي، والمياه المليئة بالأسماك والتماسيح، مما يعكس معرفة عميقة بالبيئة الطبيعية. ومن أشهر الأمثلة: مقبرة "مكت رع" في طيبة: تحتوي على رسومات دقيقة لمشاهد الحياة اليومية، بما في ذلك الحيوانات والطيور في بيئتها الطبيعية. مقبرة "تي" في سقارة: تظهر مناظر فريدة لأنواع مختلفة من الطيور، والأسماك، والغزلان، والنباتات، مما يعكس التوازن البيئي في مصر القديمة. مقبرة "نب آمون": تعرض مشاهد صيد الطيور في المستنقعات، مع تصوير واقعي لريش الطيور وأوضاعها الطبيعية أثناء الطيران. 3- تصوير الحيوانات البرية بدقة علمية مبهرة المصري القديم لم يكن يكتفي برسم الحيوانات، بل قدم أوصافًا علمية دقيقة لها، مثل: الأسود والفهود: ظهرت في المناظر الملكية كرموز للقوة والسيطرة. فرس النهر والتماسيح: تم تصويرها في بيئاتها المائية، مما يعكس الفهم العميق لسلوكها. الطيور المختلفة: نجد تفاصيل مذهلة لأنواع الطيور المهاجرة، مما يدل على إدراكهم لأنماط الهجرة والتكاثر. 4- العلاقة بين المصري القديم والحياة البرية لم يكن المصري القديم يراقب الحياة البرية فقط، بل كان يتفاعل معها في سياقات متعددة، منها: الصيد والرياضة: كانت مشاهد صيد الغزلان والطيور من أكثر المناظر شيوعًا، مما يعكس أهمية الصيد كرياضة ووسيلة لتوفير الطعام. الحيوانات كرموز دينية: لعبت بعض الحيوانات دورًا مقدسًا في العقيدة المصرية، مثل الإله حورس الذي ارتبط بالصقر، والإلهة باستت التي جسدت القطة. الزراعة والتوازن البيئي: أظهرت الرسومات مدى إدراك المصريين لدورة الحياة الطبيعية، حيث جسدوا مراحل نمو المحاصيل وتأثير الحيوانات على البيئة الزراعية. 5- المصري القديم كأول عالم بيئة في التاريخ يُظهر هذا الإرث الفني أن المصريين القدماء لم يكونوا مجرد مراقبين للحياة البرية، بل كانوا أول من وثّقها بدقة علمية، مما يجعلهم روادًا في علم البيئة والحفاظ على الطبيعة قبل آلاف السنين من ظهور المجلات العلمية والوثائقية الحديثة. يُعد اليوم العالمي للحياة البرية فرصة للاحتفاء بإرث المصري القديم، الذي سبق عصره في توثيق البيئة الطبيعية بعين الفنان والعالم معًا. إن المشاهد المحفورة على جدران المعابد والمقابر ليست مجرد لوحات فنية، بل هي دليل على وعي بيئي متقدم، يجعل المصري القديم مؤسسًا مبكرًا لعلم الحياة البرية، قبل أن تسجله كاميرات ناشيونال جيوجرافيك بآلاف السنين.