لماذا تكتسى المآذن فى بر مصر باللون الأخضر فى رمضان؟ المآذن بطول وعرض البلاد ترتدى حلّتها الخضراء تسر الناظرين، وفى نورها يقيم ويهيم الركع السجود، إذا رأيت المساجد خضراء، تمتم فى سرك مغتبطاً، بصوت عبد المطلب: « رمضان جانا وفرحنا به، بعد غيابه وبقاله زمان..». لماذا يعشق المصريون اللون الأخضر دون كل الألون الزاهية؟ لأنهم محبون للخضرة، للجنة، ولريح الجنة، ولون الجنة، ونفوسهم لربهم راضية، النفس الراضية بالضرورة خضراء، وتترجم خضرة القلوب، ويعبر عنها شعبياً «قلبه أخضر» ويتغنى العندليب من كلمات الخال الأبنودى ب «القلب الأخضرانى يا بويا..». من المعلوم بالضرورة أن الحق سبحانه طلب من الناس أن يتأملوا فى اللون الأخضر، لأنه يدعو إلى تذكر الخضرة الدائمة فى الجنة، وأن اللون الأخضر أحب الألوان لله تعالى، فهو لون موصوف بالجمال، ولون لطيف يوحى بالحياة الأبدية، وهو لون المكرمين من لدن الحق تعالى، ويرون أن اللون الأخضر هو لون النفس الراضية، يقول الحق سبحانه فى سورة «الإنسان»: «عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا» (21). يقول المحبون إن رمضان مصرى، بأصواته وألوانه وطقوسه وطعامه، أصواته ألحان من السماء، جوقة تلاوة وترتيل وابتهالات، وألوان مآذنه خضراء، وطقوس رمضان لولى ومرجان وسبحة ثلاثة وثلاثين حباية، وكنافة وبسبوسة بالقشدة وقطايف. رمضان مصرى جدًا، لا يفرق بين مصرى مسلم ومصرى مسيحى، أطفال المسيحيون يحتفظون بالفوانيس مكنوزة من السنة للسنة، ويغنون لرمضان، ونسوتهم يحضرن الخشاف، وجلهم يستمتعون بحلوى رمضان، وكبارهم يحترمون خصوصية الشهر الكريم، ويشاركون بإطعام الصائمين على الطرق فى مغرب رمضان. زد عليها وبارك، ومسيحيو مصر يصومون معنا الصوم الكبير، يتعانق الصومان، والقلوب متحابة، لا تدهش من مائدة رمضانية باسم «المقدس إسحق»، وشنطة رمضان من خيرات «الخواجة فتح الله»، وبعضهم يصومون صومهم على الطريقة الرمضانية المصرية التى تصل الليل بالنهار.. خصوصية مصرية رمضانية، وإذا كنت من عشاق مصر فى الشهر الكريم تسعد برمضان قاهرياً، ترطب حرور نفسك بصوت الشيخ «محمد رفعت» قبيل الفطار، ويرفع الأذان الشيخ «محمد عمران»، وتواشيح الشيخ «سيد النقشبندى»، وخواطر إمام الدعاة «متولى الشعراوى».. وأهازيج الفوانيس، وصوت «محمد عبد المطلب» يشدو رمضان جانا وقولوا... والمائدة عامرة فى رمضان، فول وفلافل، وفتة كوارع وممبار ومحشى ورق عنب وباذنجان، وفؤاد المهندس وحرمه فى رمضان.. وشهرزاد وشهريار، وحكايات ألف ليلة وليلة ومقالب رامز، ومسلسلات الشهداء، وصلاة التراويح من المجسد الحسينى، ودعاء القنوت.. واللهم اهدنى فيمن هديت، وعافنى فيمن عافيت، وتولنى فيمن توليت، وبارك لى فيما أعطيت، وقنى شر ما قضيت، فإنك تقضى ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت لا منجى منك إلا إليك.