الغضب أشكال وألوان وأنواع، لكن يظل جوهره واحدًا، تحكمه نفس المعادلة، نصاب وضحية وغنيمة للأول وخسارة للثانى، فى ظل عوامل مساعدة يستثمرها النصاب، ويقع فى حبائلها الضحية، والمفارقة أن المحتال قد يكون أقرب إلى تواضع مستواه التعليمى، والضحية ربما يفوقه ثقافة وعلمًا، إلا أنه يتطلع إلى مكسب سريع، أو جنى أرباح دون مشقة! وحتى لا يبدو هذا الطرح منحازًا للمجرم، فإن الضحية أحيانًا تبتلع الطعم أو تقع فى الفخ المنصوب ببراعة، فيتصور أن العرض الذى يقدمه النصاب يقدم ضمانات كافية تجعله مطمئنًا، ومحقًا فى تعليق أمله على ما يعود عليه من نفع مشروع. ويتفاوت المدى الذى تتحرك فيه عمليات النصب تفاوتًا شديدًا، فقد يكون هائلًا، كما حدث عبر شركة تسويق اليكترونى مؤخرًا استولت على 6 مليارات دولار من مليون مصرى، وقد يكون محدودًا من خلال عمليات بيع صغيرة بالآلاف على بضعة زبائن، بعرض سلعة ذات مزايا مغرية بسعر قليل، شرط تحويل ثمنها أولًا، ثم فصح ملح وداب، وهنا يستوى النصاب الكبير، والنصاب الصغير، فلا أثر لهذا أو ذاك، الأولى تغلق أبوابها، والثانى يختفى حسابه تمامًا، وهناك حالات محددة أعرف ضحاياها عن قرب، ولا أنكر تعاطفى معها. صحيح أن ثمة فارقًا بين حلم الثراء السريع الذى تسوقه منصة استثمار وهمية، والحصول على عرض لا يقاوم لسلعة جيدة بسعر مغرٍ، إلا أن العقلية التى تحكم الجميع واحدة، والنتيجة الوقوع فى شراك عملية نصب بارعة!. وإذا كان اللوم يجب أن يكون من نصيب من يتطلعون لربح سريع دون بذل جهد، حتى أن بعضهم يضحى بما يملك من ذهب أو عقار، فإن الشفقة تحكم النظرة لأولئك الذين توسموا خيرًا فى من يعرض سلعة جيدة بسعر معقول، ويعتبرونها فرصة لابد من اغتنامها. ويبقى النصاب فى كل الأحوال، سواء أكان مجموعة شر، أو فردًا يحترف الاحتيال، كلاهما أقرب إلى «الحداية» الطائر الجارح الذى ينقض على ضحاياه دون رحمة مستغلًا غفلتهم أو ضعفهم، وكما يقول المثل الشعبى «الحداية لا ترمى كتاكيت»، فما تخطفه لا تعيد إلقاءه، وفى المأثور يقال «هو أخطف من الحدأة». التسلح بالوعى مطلوب، ولكن مزيدًا من تفعيل مكافحة جريمة النصب الإليكترونى، وتطوير تشريعات صارمة لمواجهتها، أمر يجب التعجيل به لحصار «الحداية الإليكترونية»!.