بدأت ظاهرة النصب الجماعى مع ظهور شركات توظيف الأموال، فى بداية ثمانينات القرن الماضى، حيث كانت تغرى المواطنين بفائدة تكاد تكون ضعف فائدة البنوك وقتها، وكان يهرول لها كل من يريد الثراء السريع، وابتدعت هذه الشركات ما أطلقوا عليها «كشوف البركة» التى كانت تضم «علية القوم» الذين يتم تميزهم ومنحهم نسبة فائدة أكبر، وكانت أكبر فئة نصبت عليها هذه الشركات العاملين فى الخارج، حيث وضع هؤلاء كل مدخراتهم و»شقى عمرهم» فى هذه الشركات، وكانت جريدة «الأخبار» أول من تصدت إلى هذه الشركات رغم أنها كانت سخية فى نشر إعلاناتها فى الصحف، ونشر الكاتب الصحفى الكبير الراحل وجيه أبو ذكرى سلسلة تحقيقات بتكليف من الكاتب الصحفى الكبير الراحل سعيد سنبل رئيس تحرير «الأخبار»، حول هذه الشركات وكانت سببًا فى كشفها، ومع مرور الزمن وتطور التكنولوجيا، تطورت صور «النصب الجماعى»، وأصبح يطلق عليها «المستريح»، ثم غدا منصات إليكترونيه، واستدرجت منصة تسمى «FBC» - اختارت اسما بالإنجليزية لزغللة أعين الطماعين - ونصبت على مليون طماع، تركوا فائدة البنوك التى اقتربت من 25٪ ومضمونة إلى منصة مجهولة ونصابة استولت منهم على 6 مليارات دولار فى فترة زمنية قصيرة. القضية ليست سن قانون، أو تغليظ عقوبة، ولكن زياد وعى، لأن عمليات النصب الجماعى ستظل مستمرة طالما يوجد «طماعين» يلهثون وراء المكسب الكبير السريع السهل بلا مجهود. الاستثمار الآمن مشروع وواضح، وبائعو الوهم أيضًا واضحون، فما هى التجارة التى تكسب أكثر من 50٪. فى الحقيقة لست متعاطفًا مع المنصوب عليهم، فهم ليسوا ضحايا ولا غلابة أو محتاجين، فهم قد ذهبوا بكامل إرادتهم واشتروا «التروماي»، فلا يلومون إلا أنفسهم. وظنى أن المبلغ الذى حصلته هذه الشركة النصابة والمتعاملين معها أقل من الرقم الحقيقى، لأن هناك الكثيرين يخجلون من تقديم بلاغات، خجلًا من فعلتهم أمام المجتمع وأمام ذويهم. أرجو ألا يخرج علينا أحد من «الصعبانين» ويقول إن الحاجة والعوز هما اللذان دفعا هؤلاء للهث وراء المكسب الكبير السريع السهل الذى يتعدى عائده مكسب القمار. وبعد ضبط الشركة النصابة لن تعود أموال المنصوب عليهم، فهذا تكرر كثيرًا وبصور متعددة، لكن الطماعين لا يتعظون. «FBC» لن تكون عملية النصب الأخيرة.