ما هذه الوحشية، ولماذا كل هذا الغل، وكيف تتحول علاقة الزواج الإنسانية المقدسة إلى علاقة عنف وضغينة وانتقام زوج يتعدى على زوجته بالضرب ويقيدها ويجبرها على شرب «البوتاس» زوجة مصرية تسقط من الدور السابع بالأردن هرباً من زوجها ، بعد وصلات تعذيبه المستمرة رجل أعمال يضرب زوجته ويخنقها حتى يحطم «بلعومها»، ويتركها تصارع الموت خمسة أيام حتى فاضت روحها ما هذه الوحشية، ولماذا كل هذا الغل، وكيف تتحول علاقة الزواج الإنسانية المقدسة إلى علاقة عنف وضغينة وانتقام، لا تشفع لها العشرة ، ولا حتى وجود الأبناء . القرآن الكريم جعل السكن والمودة والرحمة، أساساً لعلاقة الزواج، وحتى الطلاق وضع له ديننا الحنيف ضوابط ومعايير ، وحدد لنا فى آيات عديدة ما يسمى «بأخلاقيات الطلاق» ، فهناك نص الآية الكريمة « وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُم»، والتى جاءت فى سياق الحديث عن الطلاق ، ويأمر فيها الله الزوجين ألا ينسوا عند طلاقهما ما كان بينهما من سابق العشرة، والمودة والرحمة، والمعاملة. وكذلك الآية الكريمة «وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا» كل هذه الآيات تضع دستوراً لأخلاقيات الطلاق ، وتؤكد أنه لا ينبغى أن يكون مبرراً للعنف والكراهية والانتقام. الخطير أن ظاهرة ضرب الزوجات، وجرائم العنف ضد النساء عامة، ظلت سنوات طويلة تقترن بالطبقات الشعبية، لانخفاض المستوى الثقافى والتعليمى، وانتشار العادات والأفكار والتقاليد التى ترتبط بالتمييز ضد النساء، لكن المفزع أن الظاهرة انتقلت أخيرا إلى صفوة المجتمع، وأصبحنا نسمع كثيرا عن حالات ضرب وسحل بل وقتل الزوجات بين المتعلمين والمثقفين والأثرياء . ووفقًا لإحصاءات صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن حوالى 8 ملايين امرأة وفتاة فى مصر تتعرض للعنف سنويًا. ونسبة كبيرة من هذا العنف تحدث داخل الأسرة، وأمام الأبناء . العنف داخل الأسرة جريمة تهدم كيانها واستقرارها، وتساهم فى تشكيل أجيال مشوهة نفسيا واجتماعيا، وإذا كانت القوانين وضعت لحماية المجتمعات ، فإننا بلا شك فى حاجة إلى قانون خاص يجرم العنف الأسرى بشكل صريح، ويحمى كل من يقع عليه الأذى داخل الأسرة أما الأهم ، فهو ضرورة تغيير ثقافة التمييز والعنف ضد النساء، وهو ما يتطلب تعاون كافة المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية ووضع منهج عملى واقعى لهذا التغيير، لا يكتفى بالندوات والحوارات والمؤتمرات ، منهج يستهدف الصغار والكبار ، وينتقل إليهم فى أماكنهم ومجتمعاتهم ، فمرحلة النشأة هى مرحلة التكوين ، التى تشكل أفكارنا وعاداتنا وسلوكياتنا ، وتأتى بعدها القوانين التى تحمينا.