بعيدا عن البروتوكولات الرسمية أو المناقشات الحادة اختتمت فى العاصمة السعودية الرياض أمس الجمعة القمة غير الرسمية ( التشاورية) بين دول الخليج ومصر والأردن بعد الاتفاق على الصيغة المناسبة لوقف مخطط التهجير من خلال المشروع المصرى لإعادة إعمار غزة خلال الفترة من الثلاث إلى الخمس سنوات المقبلة وتحويله إلى مشروع عربى وهو يعد خارطة الطريق للقمة العربية المقبلة 4 مارس 2025 ، وبلورة موقف عربى موحد يقوم على دعم مشروع التعمير ورفض التهجير أو التأجير لغزة، ويتوافق مع تطلعات الشعوب العربية التى لها مواقف مساندة للقضية الفلسطينية وداعمة للأنظمة فى رفض تهجير الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطين على اراضيها. والقمة غير الرسمية هى اجتماع بين قادة الدول أو كبار مسؤوليها دون التزام بالبروتوكولات الرسمية المعتمدة فى القمم الرسمية فى عمليات الاستقبال أو الصورة الجماعية او الجلسات او التحركات او أماكن جلوس ووقوف القادة، فمثل هذه الاجتماعات تكسر فيها الرسميات وتتسم بأنها ودية وأخوية وفى جو غير رسمى وأقل توتراً وتكون أكثر مرونة فى مناقشة القضايا ، بالإضافة إلى أنها فرصة لبناء علاقات ودية بين القادة. اقرأ أيضًا | ترامب: زيلينسكى «ديكتاتور» وروسيا فى«موقع قوة» هذه القمة التشاورية كانت مقرره بين خمسة دول وهم مصر والسعودية والأردن والإمارات وقطر ، ولكن تم توسيع الدائرة فى الحضور بعد اعتراض بعض الدول لرغبتها فى المشاركة فأصبحت تضم دول مصر والأردن ودول الخليج باستثناء سلطنة عمان التى غابت عن الحضور والمشاركة غير الرسمية. الدول المشاركة فى القمة غير الرسمية تضم دول على خط المواجهة مع اسرائيل خاصة فى المخطط التهجيرى وهما: مصر والأردن بالإضافة إلى السعودية بعد دعوة نتيناهو بإقامة مدينة لسكان غزة فى السعودية. ودول داعمة لإعادة الإعمار وهم: مصر من خلال الخطة المتكاملة للقيام بعمليات الإعمار والدول الداعمه ماديا وهم: السعودية وقطر والكويت والإمارات. الموقف العربى وخاصة من مصر والسعودية والأردن الرافض لعمليات التهجير ظهر بوضوح من خلال البيانات القوية التى صدرت من الدول الثلاث، وايضاً من بعض الدول العربية الأخرى، والتأكيد على أن «التهجير خط أحمر» بالإضافة إلى تشديد مجلس الوزراء السعودى فى اجتماعه يوم 11 فبراير 2025 بالرفض القاطع للتصريحات الإسرائيلية المتطرفة بشأن تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، والتأكيد على حل الدولتين. هذه المواقف سبقت الاجتماع غير الرسمى فى الرياض مما يؤكد ان هناك موقفا عربيا رافضا لعمليات التهجير، وقد بدأت تظهر ملامح للموقف العربى المتشدد وايضاً للقمة غير الرسمية من خلال تصريحات الرئيس الأمريكى ترامب أمس الجمعة على إذاعة «فوكس نيوز «خطتى بشأن غزة جيدة لكننى لن أفرضها وسأكتفى بالتوصية، سأجلس فقط وأوصى بها.. وفوجئت بعدم ترحيب مصر والأردن بها. وهناك موقف خليجى داعم لإعادة إعمار قطاع غزة عندما أكد السفير طارق البناى مندوب الكويت لدى الاممالمتحدة نيابة عن الوفود الدائمة للدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجى، لدى الأممالمتحدة يوم 16 يناير الماضى على ضرورة قيام المجتمع الدولى بتكثيف الجهود لدعم اعادة إعمار غزة واضاف ان الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية القائم على مبدأ حل الدولتين هو السبيل الأوحد لتحقيق السلام. وطالب الدول المانحة على تعزيز أفق تمويلها لدعم جهود الإغاثة وضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين، وأكد أن دول مجلس التعاون لا تدخر جهدا فى هذا المجال. ويرى الكاتب والخبير السياسى السعودى د. عبد الله الكعيد ان اجتماع القادة فى لقاء ودى أمرا طبيعيا وصحيا أن يجتمع قادة أهم دول المنطقة للتشاور أثناء وقوع الملمات ومن غير الطبيعى ولا الصحى ألا يجتمعوا ، الذكاء فى المشهد هو الإصرار على ان اللقاء ودياً بمعنى وإن كان لا يخرج عن الاجماع العربى إلا أنه يرفع الحرج عن الجامعة العربية فى اجتماعها الموسّع القادم. واوضح د عبد الله الكعيد أن هناك حالة من الثبات لمواقف الدول المؤثرة عربيا حول حق الفلسطينيين فى أرضهم ومساندتهم فى ذلك الحق اذ لم نسمع طوال تاريخ تلك الدول ان تغاضت أو تهاونت فى ذلك الحق الشرعى والذى تدعمه القرارات الدولية الصادرة من منظمة الأممالمتحدة وكذا قرارات اجتماعات القمة المتوالية لجامعة الدول العربية وأضاف أن كل عربى شريف يؤمن بوحدة العرب وشرعيّة قضاياهم ان يقف ضد الفرقة والفتنة والانقسام والثبات على المواقف والمبادئ التى تدعم أمن الأوطان فأمن واستقرار أى دولة عربية مرتبط باستقرار وسلام البلدان العربية بشكل عام. فيما يرى الدكتور هشام الغنام المشرف العام على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطنى جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ان السياسة الخارجية لعدد من الدول العربية، خاصة السعودية ومصر والأردن، شهدت تحولًا ملحوظًا تمثل فى بيانات رسمية ترفض بشكل قاطع أى محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم. هذا الموقف الموحد يعكس التزامًا عربيًا ثابتًا بدعم حقوق الشعب الفلسطينى ورفض أى خطط تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية فى المنطقة، مما يعزز من استقرار وأمن الشرق الأوسط. وقال د هشام الغنام: فى ظل التحديات الراهنة التى تواجه الأمة العربية والإسلامية، وخاصة القضية الفلسطينية، أدعو إلى تعزيز الوحدة والتضامن بين الدول والشعوب الإسلامية، وتكثيف الدعم السياسى والاقتصادى والإعلامى للقضية الفلسطينية، مع التركيز على حماية الهوية الثقافية والدينية للأمة، وتطوير نظم التعليم والإعلام لتعزيز الوعى بالقضايا المصيرية. وأضاف أن رسالتى للأمة العربية والإسلامية واضحة: لا قوة بلا وحدة، ولا استقلال بلا سيادة القرار. وشدد على انه يجب أن ندرك أن القضية الفلسطينية ليست ملفًا سياسيًا عابرًا، بل اختبار حقيقى لإرادة الأمة. مشيرا إلى أنه أمامنا مسؤولية تعزيز التكامل العربي، والارتقاء بالقوة الاقتصادية والعسكرية، وتوظيف أوراق الضغط السياسية والدبلوماسية بذكاء. وألمح إلى أنه لن يتحقق الأمن والاستقرار ما دامت القرارات تُصنع خارج إرادتنا، وما لم نُحول التحديات إلى فرص لصياغة مستقبل يحفظ حقوقنا ومصالحنا. وسيظل التنسيق العربى وديا ورسميا مستمرا فى ظل التحدى الأكبر للعرب والمسلمين وهو وجود الاحتلال الاسرائيلى الجاثم على الأراضى الفلسطينية، ويقوم بعمليات قتل المواطنين العزل بعشرات الالات فى عملية تطهير عرقى ممنهجة تعد واحدة من أكبر جرائم الحرب فى العالم وإصابة مئات الالاف فضلا عن عمليات التدمير الشاملة التى شهدتها غزة والتى تحتاج إلى مئات المليارات لإعادة الإعمار وانتهت بمخطط صهيونى تم إعلانه من قبل نتينياهو والرئيس الامريكى ترامب بتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن والسعودية، وقوبل برفض تام من الدول على مستوى الحكومات والشعوب، وتنتظر الشعوب العربية قرارات حاسمة من القمة العربية الطارئة تمنع التهجير وتدعم التعمير.