لا شك أن الإدارة الأمريكية الحالية تمثّل فرصة ذهبية لإسرائيل المتطرفة لتحقيق أحلامها، بداية من الاستيلاء الكامل على الضفة والقدس وإفراغ فكرة الدولة الفلسطينية من محتواها، مروراً بتهجير الفلسطينيين تمهيداً لإقامة الدولة اليهودية، وانتهاء بالتوسع الجغرافى من خلال اقتطاع أجزاء من دول الجوار.. هذه الأحلام كانت عصية على التحقيق بسبب معوقات أبرزها صلابة الرفض العربى، والأوضاع الجيوسياسية التى كانت قائمة، وعدم رغبة الإدارات الأمريكية فى المجازفة بتغيير جذرى للوضع على الأرض يعرض مصالحها وتحالفاتها فى المنطقة للخطر. هذه المعوقات بدأت تتساقط، واحداً تلو الآخر. فالحرب الواسعة التى اتخذت إسرائيل من عملية 7 أكتوبر ذريعة لشنها، مكنتّها من العوث فساداً فى الأرض قتلاً وتدميراً واغتصاباً للأرض فى غزة والضفة ولبنان وسوريا. ونجاحها فى اجتزاز قيادات حماس وحزب الله وتقليص قدراتهم أضعفت محور ايران فى المنطقة ليتسبب ذلك فى سقوط نظام الأسد السورى لتستغل إسرائيل ذلك لاغتصاب المزيد من الأراضى السورية إلى جانب ما احتلته فى جنوبلبنان والتى ترفض التخلى عنه رغم اتفاق وقف إطلاق النار. هذه التغيرات الجيوسياسية توجّها وصول الإدارة الأمريكية الحالية للسلطة. وهى الإدارة التى لم تتوان سابقاً عن أن تخالف الأعراف وتعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتنقل سفارتها لهناك. وهى الإدارة التى تؤمن بضرورة توسع إسرائيل وتمنحها الإذن بالبقاء فى الجنوباللبنانى وأن تفرض هيمنتها على الجولان. وهى نفس الإدارة التى قدمت خطة لتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على غزة، وتغض طرفها عما تفعله إسرائيل فى الضفة. وبهذا لم يعد باقيا من معوقات الإحلام الإسرائيلية سوى صلابة الموقف العربى الذى يعول عليه ليس فقط 14 مليون فلسطينى داخل وخارج فلسطين، ولكن 430 مليون عربى و2 مليار مسلم حول العالم. وهو الحاجز الذى لو تم تجاوزه سيكون علينا جميعاً السلام.