يُحتفل باليوم العالمي لفرس النهر، المعروف في مصر باسم "سيد قشطة"، تكريمًا لهذا الكائن الفريد الذي ارتبط بالحضارات القديمة، خاصة الحضارة المصرية. لم يكن فرس النهر مجرد حيوان يعيش في مياه النيل، بل كان رمزًا للقوة والصراع من أجل البقاء، وظهر في العديد من المشاهد الفنية على جدران المقابر، حيث خاض معارك شرسة ضد التماسيح. أما جسّد المصريون القدماء فرس النهر في تماثيل متنوعة الأحجام والألوان، تعبيرًا عن مكانته الدينية والرمزية. يستعرض هذا التقرير أهمية فرس النهر في مصر القديمة، سواء من خلال التصوير الجداري أو التماثيل، كما يلقي الضوء على دوره في النظام البيئي المصري القديم، والصراع الأزلي الذي جمعه مع التمساح في أعماق النيل. 1- فرس النهر في الطبيعة: سيد مياه النيل يُعد فرس النهر من أضخم الثدييات شبه المائية التي عاشت في نهر النيل منذ آلاف السنين، حيث كان يهيمن على المناطق المائية الضحلة، ويُعرف بسلوكه العدواني عند الشعور بالخطر. كان هذا الحيوان جزءًا لا يتجزأ من النظام البيئي في مصر القديمة، إذ ساهم في الحفاظ على توازن الحياة المائية، رغم تهديده المستمر للزوارق والصيادين. 2- تمثيل فرس النهر في الفن المصري القديم اهتم المصريون القدماء بتوثيق حياتهم البرية من خلال الفنون، فظهرت نقوش فرس النهر على جدران المقابر والمعابد، حيث صُوّر أحيانًا وهو يسبح في النهر، وأحيانًا أخرى وهو يتعرض لصيد الفرعون أو محاربته من قِبل الصيادين. لم تقتصر هذه المشاهد على تسجيل الحياة البرية فحسب، بل كانت تحمل دلالات رمزية تتعلق بالسيطرة والقوة. 3- مشاهد صراع البقاء بين فرس النهر والتمساح من أعظم المشاهد التي نُقشت على جدران المعابد والمقابر، تلك التي تُظهر معارك شرسة بين فرس النهر والتماسيح. كان هذا الصراع يمثل معركة مستمرة من أجل البقاء، حيث يواجه كلا الكائنين بعضهما البعض في قتال مميت. كان المصريون القدماء يعتقدون أن هذه المشاهد تعكس صراع الخير ضد الشر، حيث يُنظر إلى فرس النهر كرمز للحماية، بينما كان التمساح رمزًا للقوى المدمرة، التي يجب السيطرة عليها. اقرأ أيضا | a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4519956/1/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D9%84%D8%B9%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D9%86%D8%AF-%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86" title=""الحيوانات طلعت تريند".. لماذا تصدرت الحيوانات "التريند" في عام 2024""الحيوانات طلعت تريند".. لماذا تصدرت الحيوانات "التريند" في عام 2024 4- الرمزية الدينية لفرس النهر في العقيدة المصرية لعب فرس النهر دورًا مهمًا في المعتقدات الدينية المصرية، حيث ارتبط بعدة آلهة، أبرزها الإلهة "تاورت"، التي كانت تُصوَّر على هيئة أنثى فرس النهر، وكانت رمزًا للحماية والخصوبة والأمومة. كانت النساء الحوامل تتبركن بتماثيل تاورت لضمان سلامتهن أثناء الولادة. في المقابل، كان يُنظر إلى ذكور أفراس النهر أحيانًا كرموز للفوضى والدمار، خاصة في مواجهة الفرعون، الذي كان يجب أن يظهر في دور المسيطر على هذا الكائن القوي. 5- تماثيل فرس النهر: بين الحماية والأسطورة صنع المصريون القدماء تماثيل رائعة لفرس النهر، اختلفت في أشكالها وألوانها وأحجامها، حيث تم نحت بعضها من الحجر الجيري أو الفيانس الأزرق، وزُيّنت بزخارف نباتية ترمز إلى بيئته المائية. كانت هذه التماثيل تُستخدم كتعويذات للحماية، وتُوضع في المنازل والمعابد لجلب البركة والطمأنينة. كما اكتُشفت بعض التماثيل في المقابر، مما يدل على ارتباط هذا الحيوان بالمعتقدات الجنائزية. 6- أهمية اليوم العالمي لفرس النهر في الحفاظ على هذا الكائن الفريد يهدف الاحتفال باليوم العالمي لفرس النهر إلى التوعية بأهمية هذا الحيوان المهدد بالانقراض، وتسليط الضوء على المخاطر التي تهدده، مثل فقدان موائله الطبيعية بسبب التوسع العمراني والصيد الجائر. لا يزال فرس النهر حاضرًا في النيل، لكنه يواجه تحديات بيئية تتطلب جهودًا عالمية للحفاظ عليه. يظل فرس النهر، أو "سيد قشطة"، أحد أكثر الكائنات البرية إثارة للإعجاب في مصر القديمة، حيث جسّد القوة والهيمنة، كما كان رمزًا للحماية والخصوبة في المعتقدات الدينية. وبينما يحتفل العالم بهذا الكائن الفريد، يبقى التراث المصري شاهدًا على العلاقة العميقة بين الإنسان والطبيعة، ومدى التقدير الذي حظي به فرس النهر عبر العصور.